الإفتتاحية
انهت يوم الخميس الفارط بعثة صندوق النقد الدولي مهمتها بتونس التي دامت أسبوعين واتصلت فيها بأهم الفاعلين السياسيين والاقتصاديين... وكعادته أصدر صندوق النقد الدولي بيانا صحفيا بعيد انتهاء هذه المهمة ضمنه رسائل نصف مشفرة لساسة تونس وذلك في
عندما نتابع النقاش الدائر داخل لجنة المالية حول مشروع قانون المالية وكيف أن أحزاب الأغلبية الداعمة نظريا للحكومة الحالية تسقط الفصل تلو الآخر لا يمكننا الا أن نتساءل عن المنطق الذي يحكم أهل السياسة في بلادنا..
في كل دول العالم
ما سُجّل لتونس بعد جانفي 2011 أنها إعتمدت الحوار بين القوى السياسية والإجتماعية منهجا للوصول إلى حلول توافقية. ولكن ما ميّز هذه الحلول أنها لم تكن كلها حاسمة للإشكاليات أو الخلافات المطروحة، فأجّلت العديد منها وإكتفت بأنصاف حلول أو بحلول ظرفية أو منقوصة
وضع الناخبون الأمريكيون مؤسّسات الإستطلاع والإعلام في التسلّل فكذّبوا التوقعات الّتي طغت في الأسابيع الأخيرة حول حظوظ المترشحين البارزين هيلاري كلينتون ودير دولاند ترامب، وتأكّد بعد التصويت المفاجئ على خروج بريطانيا عن صف الاتحاد الأوروبي، أن الموقف الشعبي
في تونس هنالك شغف باحداث اللجان ورغم أن هذا الأمر في عمومه عادي في كل دولة الا أنه أخذ عندنا أبعادا سريالية فأصبحت «اللجنة» بديلا عن أخذ القرار ورديفا لدفن ملف ما ..
«دزّ البيدق» عبارة دارجة في ثقافتنا الشعبية وتفيد عامة بأن المتحدث غيرجدي «يدزّ في البيدق» أو أنه لا يريد كشف كل أوراقه كما يقال.. وهذا المفهوم المأخوذ من عالم لعبة الشطرنج له معنى آخر عند عشاق هذه اللعبة في ديارنا وهو عدم المجازفة بتحريك قطعة هامة
تونس حقا بلد المتناقضات.. فالكل فيها ينادي بالاصلاح ولكن لا أحد يقبل أن يخرج من منطقة رفاهته (Sa zone de confort) ومن طاحونة الشيء المعتاد... والكل ينادي بمحاربة الفساد والتهريب والاقتصاد الموازي ولكن دون اعطاء الدولة، زمن الديمقراطية
بعيدا عن انتقاد فساتين الممثلات في افتتاح مهرجان قرطاج السينمائي إن كان ذلك من منظور جمالي أو أخلاقوي أو ديني ..بعيدا عن هذه الرغبة في 'سياسة 'أجساد النساء منذ 'الثورة' بدءا ببروز النقاب وصولا إلى نشاط عاريات الصدور...ما الذي يمكن استنتاجه من وراء الجموع المنتظرة
الدولة التونسية ثرية وثرية للغاية وقد تُقدر ممتلكاتها بمئات المليارات من الدنانير فلمَ لا تبيع جزءا منها لمعالجة أزمة المالية العمومية بدلا من الضغط على الموظفين وأصحاب المؤسسات الاقتصادية والمهن الحرة؟!
اليوم لم يعد أحد يناقش في جدية وعمق أزمة المالية العمومية التي تعيشها بلادنا والتي ستبلغ ذروتها سنة 2017 الى درجة أصبح معها إعداد ميزانية مقبولة للدولة أمرا من قبيل شبه المستحيل...