الإفتتاحية
تنتقد الاستقطاب الحدّي الذي قسّم السياسيين إلى معسكرين متضادين تَوزع الفاعلون على أساسه إلى أعداء يتناحرون مستنجدين تارة بالمعجم الحربي وطورا بمعجم «التطرّف العنيف» فيقال لك: لا تصدّق ذلك إنّما هي أدوار نضطلع بها في وسائل الإعلام لنلعب دور ممثّل السلطة أو ممثّل المعارضة فيغدو النقاش «حارّا» ومثيرا. ولكنّنا ما إن نغادر حلبة الصراع التي
تونس حزينة لوفاة الشهيد الرائد رياض بروطة متأثرا بجروح بالغة اثر الاعتداء الإرهابي الغادر والجبان الذي تعرض له صبيحة أول أمس الأربعاء..
صدمت تونس يوم أمس من وقع العملية الإرهابية التي استهدفت إطارين من شرطة المرور قرب مجلس نواب الشعب بباردو.ولقد أصيب فيها الرائد رياض بروطة بجروح بالغة نتمنى له العافية والشفاء العاجل..وكل
إن المتابع لما يجري في بلادنا يصاب أحيانا بالدوّار فلا شيء عندنا يشبه ما يجري في بلاد الله الواسعة..فعندنا حكومة تتهمها أحزاب المعارضة بأنها مكونة من تحالف يميني يميني وأنها في خدمة صندوق النقد الدولي لا تعمل إلا لصالح الأغنياء وتزيد في تفقير الفقراء..وفي الجانب الآخر من الصورة نجد انتفاضة فريدة من نوعها للأعراف وتهديدا بإضراب
لو أردنا عنوانا وحيدا للعبث السياسي في بلادنا لكفانا ما جرى وما يجري حول الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ..
فــــي السنــوات الماضيـة، وخاصــة منذ مغادرة الترويكا للحكـم، ساد الاعتقاد بأن تونس قد نجحت في الانتقال الديمقراطي وبقي عليها أن تنجح في الانتقال الاقتصادي والاجتماعي ولكن لو سألنا أهم الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين في البلاد حول هذا الاعتقاد لكانت الإجابات اقل تفاؤلا بكثير..فالمخاوف مازالت قائمة إزاء إمكانية نجاحنا في الانتقال
يلحظ المتابع للتغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية التي جدّت مؤخرا في الصومال أنّ طريقة التعامل مع هذه الفاجعة الإنسانية، إن كان ذلك على المستوى المحليّ أو العالميّ قد اتّسمت بالتهميش والتعتيم إن لم نقل التقصير في الاهتمام بالحدث، وهو أمر يدعو للتدبّر في خلفيات هذه اللامبالاة. فعلى مستوى عدد الضحايا نتبيّن أنّ هذه الأحداث الإجرامية تسبّبت في قتل أكثر
في كل يوم في تونس وفي كل مناسبة نتساءل جميعا : حكومة ونخب وشعب حول اقصر سبل وأنجعها للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي تتهدد البلاد ومستقبلها ..وفي كل مرة لا نتوفق إلى إيجاد حلول عملية خلاقة فنكتفي على مستوى القول بترديد المقولات المطمئنة وعلى مستوى الفعل نستنجد دوما بنفس الوصفات القديمة : سنّ جملة من
الأرقام تنتمي إلى كل العلوم النظرية والتجريبية بل لا يمكن الحديث عن علم لا نقدر على التعبير عن مضمونه دون المعادلات الرياضية..ولكن للأرقام استعمالات أخرى كذلك يريد السياسي بها، مثلا ،إقناعنا بدقة توجهاته وصرامتها فيستعملها في مواضعها وغير مواضعها ويبرز بعضها لأنها تتغنى بانجازاته ،حسب رايه، ويخفي أخرى خوفا من تملك خصومه لها ولكن في الأخير ينتصر الرقم ويمضي السياسي ..
منذ نشر التسريبات الأولى حول مشروع قانون المالية لسنة 2018 عبّر الأعراف عبر منظمتهم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية عن تخوفهم من بعض الإجراءات التي تنوي الحكومة اتخاذها في السنة القادمة والتي يذهب جلّها في اتجاه فرض ضرائب والتزامات جديدة على المؤسسة الاقتصادية المنظمة..