يتعمق من سنة إلى أخرى : 50 سنة والعجز التجاري مستمر

في العام 2018 عندما انتهى العام بعجز تجاري في حدود 19 مليار دينار

كان الرقم حديث ومحور النقاش في عديد اللقاءات وتم اعتباره رقما قياسيا في تاريخ المبادلات التجارية التونسية واستدعى الأمر ان يتجدد اتخاذ إجراءات مقيدة للواردات إلا أن العجز استمر في الاتساع . ففي العام 2019 اتخذت وزارة التجارة إجراءات تمثلت في حصر قائمة من منتجات استهلاكية غير ضرورية كما أسمتها قالت إنها ستصبح مقيدة أكثر قائمة تضم عديد المواد على غرار الاجبان والبسكويت ورقائق البطاطس والموز والعصائر، والشكولاطة، ومواد التنظيف، مواد ومستحضرات التجميل. ويشمل أيضا الأحذية ولعب الأطفال، والسلع المنزلية، والهواتف المحمولة.

باستثناء سنتي 2020 و2021 حيث كان لاضطراب سلاسل الإمدادات وتوقف الشحن البحري في 2020 بعد الإغلاق الكبير الذي تم اتخاذه توقيا من انتشار فيروس كورونا الأمر الذي نتج عنه تقلصا في الواردات بنسبة 18.7% وتراجعا في الصادرات بنسبة 11.7% وبلغ العجز التجاري في نهاية العام 12.8 مليار دينار وارتفع في 2021 إلى 16.2 مليار دينار إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية في 2022 وما انجر عنها ارتفاع كبير في المواد الطاقية والمواد الغذائية الأساسية نتج عنه عجزا تجاريا ورقما قياسيا جديدا ب 25.2 مليار دينار.
وتكشف البيانات الإحصائية للمعهد الوطني للإحصاء التي تعود إلى العام 1975 ومستمرة إلى اليوم عن استمرار العجز التجاري لفترة طويلة ليصبح هيكليا. فالعجز ناتج عن عوامل هيكلية دائمة وهي ضعف تنافسية الصادرات التونسية أمام المنتوجات الأجنبية وله عواقب خطيرة خاصة على الاحتياطي من العملة الأجنبية التي تمول المشتريات بعنوان الواردات إلى جانب استعمالاتها في تسديد أقساط القروض التي تحل آجالها.
والعجز تجاري لا يزال مثقلا بفعل ارتفاع فاتورة الطاقة ففي أكثر من مناسبة أشار البنك المركزي إلى التأثير السلبي لتدهور الميزان التجاري في العجز الجاري رغم التحسّن الملحوظ لمداخيل الشغل والمداخيل السياحية،
وعلى سبيل المثال يؤكد البنك المركزي أن عجز الميزان الجاري كان ليحقق فائضا بقيمة 6.3 مليار دينار مع نهاية سبتمبر 2024 دون إحتساب العجز الطاقي مقابل 4.2 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من العام المنقضي، ويكرر البنك المركزي إعرابه عن قلقه إزاء العجز الطاقي وتداعياته على القطاع الخارجي في ظل سياق جيوسياسي متوتر يتسم بعودة الضغوط المسلطة على الأسعار العالمية للطاقة، معتبرا أن التدهور المسجل يعود بالأساس إلى تدهور طاقات الإنتاج والتأخير في تنفيذ المشاريع المتعلقة بالتحول الطاقي.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115