عبد الله أوجلان إنهاء العمل المسلح المستمر منذ ثمانينيات القرن الماضي، والدخول في العمل السياسي الديمقراطي. وجاء هذا الإعلان اثر اتفاق مع أنقرة يمهد لمرحلة جديدة من مسار السلام مع الحكومة التركية .
وبدأت فعليا عملية انطلاق أولى خطوات نزع سلاح مقاتلي حزب العمال الكردستاني في منطقة رابرين بمحافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق . وينهي هذا الاتفاق صراعا استمر على مدى أربعة عقود بين أنقرة والحزب المصنف إرهابيا من قبل السلطات التركية.
أبعاد متعددة
وعن دلالات هذه الخطوة وأبعادها يقول الصحفي والمحلل السياسي المختص بالقضايا الكردية عبد الحليم سليمان في حديث خاص لـ" المغرب " بان بدء عملية السلام والقاء السلاح او ما تسميه تركيا "بعملية انهاء الإرهاب "في البلاد او ما اطلق عليه الزعيم الكردي عبد الله اوجلان "نداء السلام لمجتمع ديمقراطي"، تحمل دلالة ذات أبعاد متعدة بالنسبة لتركيا والمنطقة بشكل عام. وتأتي في ظل تغيرات كبرى تشهدها المنطقة خلال السنتين الأخيرتين من حرب غزة والرد الإسرائيلي على تغيير خارطة النفوذ في المنطقة. الأمر الذي بعث بمخاوف لدى قادة وأصحاب القرار في الدولة التركية لإنهاء وحل مسألة الكردية في البلاد وفق ما يناسبها او على الأقل لتجنب مخاطرها . وعليه فتحت قنوات بشكل رسمي مع ممثلي الأكراد داخل البرلمان مثل حزب المساواة والديمقراطية في تركيا . وكذلك مع عبد الله اوجلان زعيم العمال الكردستاني المسجون منذ 29 عاما وهو بادر لإطلاق نداء لتحول الكفاح المسلح الى العمل السياسي. وهذا ما جرى بالفعل فأعلن حزب العمال الكردستاني حل نفسه كحزب مسلح وتحول الى العمل السياسي . وكذلك تلتها خطوة القاء السلاح طواعية وليس عبر المعارك. ورغم انه في الأشهر الاخيرة شهدت عمليات عسكرية تركية في المناطق الكردية ولكنها لم تكن حاسمة لإنهاء الوجود العسكري لحزب العمال الكردستان وتكبد الجانب التركي خسائر في الأرواح في جنوده.
ويضيف محدثنا :" تركيا تشعر بان هناك خطر ما يجيب التعامل معه. وتدرك ذلك استنادا الى تجارب تاريخية للوجود الكردي داخل تركيا ،سيما وان الكرد كانوا أصحاب نفوذ قبل تفكك السلطنة العثمانية .وبعد مجيء كمال اتاتورك الذي سحب الثورات الكردية ولم يفي بوعوده للأكراد ليكونوا شركاء في البلاد. وهذا ما أدى لنشوء القضية الكردية منذ تأسيس الدولة التركية الحديثة . يعني هي معضلة كبيرة تعود الى أكثر من 100 سنة ".
وتابع محدثنا :" اليوم تركيا تحاول ان تزيح هذا الإرث الكبير والمعرقل لمسيرتها. وكذلك طبعا الكرد مطالبهم تتركز على إحداث دولة ديمقراطية تعترف بهويتهم بأن يكون لهم دور في الحوكمة والمشاركة السياسية الفاعلة في البلاد .وهم كانوا ممنوعون منه بل ان السياسة التركية عنصرية تجاه الأكراد على مدى عقود . واعترف الرئيس التركي في خطابه الأخير بأن الدولة التركية ارتكبت أخطاء بحق الكرد . وهذا الصراع الذي بدأ بين حزب العمال الكردستاني وتركيا منذ تأسيس الحزب كلف عشرات الآلاف من القتلى من الجانبين إضافة الى خسائر قدرت بـ2 تريليون دولار بحسب مسؤولين أتراك الين باتوا يقرون بخسائرهم في هذه المعركة او في هذا الصراع الدائم.
الأدوار التركية في المنطقة
اما عن الأدوار التركية في المنطقة في ظل التحولات الكبرى المتسارعة أجاب بالقول :"الأوضاع تتجه نحو تحولات كبيرة لها علاقة بوضع تركيا الداخلي وكذلك الخارجي . ففي السنوات الأخيرة تركيا حاولت التدخل في العديد من القضايا في المنطقة بحثا عن دور لها . ولكن هذا الدور كان سلبيا في مجمله سواء ما حدث في تونس أو ليبيا أو في مصر وحتى فلسطين وكذلك لبنان وسوريا والعراق أياضا . جميع هذه التدخلات كانت بهدف ان يكون لتركيا دور في المنطقة وتهندس الكثير من السياسات داخل هذه البلدان. ولكن بعض هذه التدخلات نجح والبعض الآخر فشل. وابرز هذه التدخلات كانت في سوريا والتي ما تزال مستمرة خاصة عبر الفصائل العسكرية المسلحة الموالية لها والتي أصبحت جزءا من الحكم في البلا .وهو ما يفتح باب الصراع ربما الخفي ما بين "إسرائيل" وتركيا خاصة بعد وصول الإسلاميين المتشددين الى الحكم او اصبحوا جزءا منه ".
الصراع الاسرائيلي التركي
أما عن الصراع الإسرائيلي التركي داخل سوريا يضيف الباحث في الشؤون الكردية بالقول :" هنالك صراع اسرائيلي تركي داخل سوريا ومفاعليه تثير مخاوف الأتراك لذلك تحركوا سريعا لحل مشكلة القضية الكردية داخل الحدود التركيية ولكن لها علاقة أيضا بتواجد الكرد في سوريا والعراق وحتى في ايران .وتركيا بالرغم من بحثها عن دور لها في المنطقة الا انها تخشى من القضية الكردية فتسارع الى حلها بهدف تجنب مخاطر التحولات العميقة في الخارطة السياسة في الشرق الأوسط. "