وسط مخاوف من انهيار القطاع الصحي في غزة الوسطاء يعملون لسد الفجوة في مفاوضات الهدنة

واصلت دولة الاحتلال عدوانها على غزة في سلسلة

غارات جوية طالت مناطق متعددة وشملت استهداف مخيمات النازحين واسفرت عن سقوط عشرات الشهداء في غزة. يأتي ذلك في وقت يسعى خلاله الوسطاء في مفاوضات الدوحة للتوصل لهدنة بين فصائل المقاومة وكيان العدو . وتنذر التطورات في غزة بانهيار كامل للبنية الصحية في سياق تحذيرات من كارثة صحية وبيئية بسبب توقف كلي للخدمات الأساسية في القطاع نتيجة نفاد الوقود.

استهداف ممنهج
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت 360 شخصا من الكوادر الطبية منذ بداية الحرب، في إطار ما وصفته بـ"استهداف منهجي للقطاع الصحي الفلسطيني".
ودعت الوزارة الجهات الدولية المعنية إلى التدخل العاجل لتجريم ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الطواقم الطبية المعتقلة في سجونه، والضغط من أجل الإفراج الفوري عنهم.
وأكد مدير المستشفيات الميدانية بغزة، الدكتور مروان الهمص في تصريح اعلامي، إن الاحتلال "يتعامل بالقطارة" فيما يتعلق بإدخال الوقود والمستلزمات الطبية، مؤكدا أن الوضع الصحي والمعيشي في شمال القطاع بات "صعب جدا"، مع غياب شبه تام للخدمات الطبية ونقص حاد في حليب الأطفال.
مصير المفاوضات
في الأثناء يخيم الغموض بشأن مصير المفاوضات فيما قال مصدر مطلع، امس الاثنين، إن وسطاء المفاوضات الجارية منذ أيام بالعاصمة القطرية الدوحة يعملون لسد الفجوات بين "إسرائيل" وحماس في إطار جهود التوصل لاتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق نار في قطاع غزة.
وتؤكد تقارير إعلامية عن قرب انطلاق المفاوضات بين وفدي حماس ودولة الاحتلال . وتتركز المحادثات بالأساس حول الخرائط المقترحة لانتشار قوات الاحتلال الإسرائيلية داخل قطاع غزة .
مخطط ضم الضفة
على صعيد آخر تتصاعد التحذيرات بشأن تحول الضفة المحتلة الى مناطق معزولة . ويؤكد مراقبون بان تل ابيب تمضي في مشروع تعزيز الاستيطان في الضفة، والضغط على الفلسطينيين من أجل التهجير القسري او الطوعي. وكان 14 وزير صهيونيا قد وقعوا على رسالة تحث نتنياهو على ضم الضفة الغربية المحتلة.
وتؤكد مصادر إعلامية بان تل ابيب نفذت مؤخرا مخططات لاخلاء 32 تجمعا بدويا في السفوح الشرقية من الضفة لتنفيذ مشروع التهجير القسري وسط تعتيم اعلامي وصمت دولي.
فحرب الإبادة الصهيونية المتواصلة في غزة واستهداف الضفة يأتي في سياق مشروع صهيوني كامل للمنطقة يهدف لاحتلال الأراضي الفلسطينية بالكامل ومنع أية محاولات لاعادة الاعمار في غزة حتى بعد توقيع أي هدنة مرتقبة . فالمستهدف ليس فقط الغزاويين بل أي نفس فلسطينيي يمكن ان يسبب أي تهديد لأمن الاحتلال ويكذب الرواية الصهيونية التي على أساسها تم زرع دولة الاحتلال في قلب العالم العربي .
أقسى ضربة للعدو
ورغم تواصل حرب الإبادة لأكثر من عامين الا ان فصائل المقاومة لا تزال صامدة وقادرة على المناورة متسلحة بقوة الحق الفلسطييني . اذ أكد أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس ، أن القيادي محمد الضيف ، الذي اغتالته إسرائيل، "وجّه للعدو الصهيوني أقسى ضربة في تاريخه". وقال في الذكرى الأولى لاغتياله،
في بيان عبر تلغرام: "عام على رحيل شهيد الأمة الكبير القائد محمد الضيف". وأردف أن الضيف "قاد مع إخوانه طوفان الأقصى، موجّهين للعدو الصهيوني أقسى ضربة في تاريخه، أدت إلى إسقاط الردع الصهيوني إلى الأبد".
وتابع أن "طوفان الأقصى" ساهم أيضا في "توحيد طاقات الأمة وتوجيه بوصلتها نحو فلسطين، وإعادة قضية فلسطين إلى الصدارة".
وأضاف: "عقودٌ من الجهاد والمطاردة والتضحية والقيادة والإبداع تكللتْ بالشهادة".
وقال إن الضيف، "ظلّ لعقود مُلهما للأجيال التي لم تعرف صورته، ولكنها كانت تفخر بفعالِ كتائبه المظفرة، وسيبقى كما غيره من القادة العظام نبراسا لكل أحرار العالم".
معارضة داخلية لنتنياهو
على الصعيد الداخلي يواجه رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني معارضة مكثفة واتهامات بالجملة . وقالت المدعية العامة الإسرائيلية جالي باهراف-ميارا إن أحد مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يواجه اتهامات تتعلق بالأمن وفي انتظار عقد جلسة للاستماع لأقواله في تهمة تسريب معلومات عسكرية شديدة السرية خلال الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة. ونفى جوناثان أوريخ، مستشار نتنياهو المقرب، ارتكاب أي مخالفات في القضية التي بدأت السلطات القضائية التحقيق فيها في أواخر عام 2024. وقد تسبب مقتل الرهائن الإسرائيليين خلال الغارات الصهيونية على غزة بموجة غضب داخل كيان الاحتلال .
على صعيد متصل، يثير مشروع " المدينة الإنسانية " معارضة داخل الاحتلال. اذ اعتبر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت بأنها "معسكر اعتقال"، معتبرا إجبار الفلسطينيين على دخولها "تطهيرا عرقيا".
وقال أولمرت في تصريحات أدلى بها لصحيفة "الغارديان" البريطانية، نشرتها امس الاثنين، عن "المدينة الإنسانية": "إنها معسكر اعتقال، أنا آسف". وأضاف: "إذا تم ترحيلهم (الفلسطينيين) إلى المدينة الإنسانية الجديدة، فيمكن القول إن هذا جزء من تطهير عرقي".
وتابع أولمرت أن هذا سيكون "التفسير الحتمي" لأي محاولة لإنشاء مخيم لمئات الآلاف من الأشخاص.
ويتضمن المخطط نقل 600 ألف فلسطيني إلى المكان في مرحلة أولى بعد خضوعهم لفحص أمني صارم، على ألا يُسمح لهم لاحقا بمغادرتها إلى مناطقهم التي نزحوا منهم.
وحسب هيئة البث العبرية ستقام المدينة المزعومة بين محوري فيلادلفيا وموراج جنوبي غزة، وسيتم تجميع كل فلسطينيي غزة بها، ثم تفعيل آليات لتشجيع ما تزعم أنه "هجرة طوعية" للفلسطينيين إلى خارج القطاع.
تهم الفساد
كما يواجه نتنياهو تهما بالفساد والاحتيال والرشوة ومثل امس الاثنين، أمام المحكمة المركزية في تل أبيب للرد على التهم الموجهة ضده وذلك بعد توقف استمر أكثر من شهر. وكانت جلسات المحكمة توقفت في جوان الماضي، إثر الحرب على إيران ولاحقا زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
يأتي يذلك فيما تحدثت تقارير عن لقاء يجمع نتنياهو بوزيري المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير، ليؤكد لهما إمكانية استئناف الحرب بقطاع غزة، بعد إبرام اتفاق محتمل مع حركة حماس.

اذ يخشى نتنياهو من احتمال انهيار ائتلافه الحكومي، حال انسحاب الحزبين اليمينيين المتطرفين "الصهيونية الدينية" بزعامة سموتريتش و"القوة اليهودية" بقيادة بن غفير. وأضافت التقارير أن نتنياهو سيركز على التأكيد للوزيرين أنه بالإمكان استئناف القتال في غزة بعد إبرام اتفاق مع حماس، لطمأنتهما وضمان بقائهما في الائتلاف الحاكم.
وحكومة مجرم الحرب نتنياهو تمتلك 68 مقعدا من أصل 120 في الكنيست، وتحتاج إلى 61 مقعدا على الأقل لتشكيل أغلبية برلمانية والحفاظ على استقرارها.
وأشارت التقارير إلى أنه "لدى سموتريتش وبن غفير، قلق من أن استئناف القتال بعد الـ60 يوما لن يكون ممكنا، بسبب الضمانات الدولية (المقترحة) خاصة الأمريكية". وإلى جانب تبادل أسرى، ينص المقترح المطروح حاليا على هدنة لمدة 60 يوما، تُجرى خلالها مفاوضات لإنهاء الحرب. وتهرب نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، من استكمال الاتفاق الأخير، واستأنف الإبادة على غزة في 18 مارس الماضي.
ومع استئناف الإبادة، عاد حزب "القوة اليهودية" إلى حكومة نتنياهو بعد نحو شهرين على انسحابه. وتؤكد المعارضة الإسرائيلية أن نتنياهو يرغب بصفقات جزئية تضمن استمرار الحرب، لتحقيق مصالحه السياسية، ولا سيما استمراره بالسلطة، استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115