تكون الثقافة قد اختارت أن تخرج هي للناس وأن تذهب إليهم لا أن تنتظرهم. وتراهن تظاهرة " كتاب على أبواب المدينة" على مصافحة المارة وعلى إيقاظ الحياة في قلب المدينة. هو شكل جديد ونبض ثقافي مختلف يطمح إلى إعادة توهج العلاقة بين القارئ والكتاب والمدينة وإلى الاحتفاء بكاتب رحل وبقي أثره الأدبي والفكري محدثا عن أديب اسمه حسونة المصباحي طالما كتب عن الحرية والمنفى، عن المدن والإنسان، فإذا به اليوم يكرّم في تظاهرة " كتاب على أبواب المدينة".
من تنظيم المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بتونس والمركز التونسي للكتاب تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية، وفي إهداء خاص لروح الكاتب التونسي الراحل حسونة المصباحي، تنطلق تظاهرة " كتاب على أبواب المدينة" من 16 إلى 25 جويلية 2025.
الثقافة تطرق أبواب المدينة
باب أثري يحيل على أبواب المدينة العتيقة، يتوسطه العنوان بخط أبيض يشبه النافذة: "كتاب على أبواب المدينة". هكذا بدت معلقة تظاهرة " كتاب على أبواب المدينة" التي امتلأت بوجوه تقرأ وتنغمس في عوالم الكتب في ظلال من الأزرق والأخضر المريحة للذهن وللعين. تشي المعلقة بفلسفة التظاهرة التي تؤكد أن الأنشطة الثقافية ليست في القاعات وفي الفضاءات المغلقة بل يمكن أن تطل من باب المدينة أو تمشي في الشوارع بين الناس أو تجلس في الساحات ... ولتذكّر بأن الكتاب هو بوابة النجاة والحياة.
من ساحة النصر قرب قوس باب البحر بتونس العاصمة إلى دار الثقافة ابن رشيق، تتنوع عروض تظاهرة " كتاب على أبواب المدينة" تجمع بين ورشات في الكتابة والرسم والمسرح والأمسيات الشعرية واللقاءات الفكرية والعروض الفنية في الهواء الطلق. وتحت إشراف والي تونس سيتم يوم الأربعاء 16 جويلية الجاري بدار الثقافة ابن رشيق تكريم المتفوقين في الامتحانات الوطنية. هي مواعيد ثقافية، لكنها أيضا لحظات إنسانية واستثنائية يلتقي فيها أطفال يبدعون الفنون أو أدباء يوّقعون كتبهم في ساحة عامة أو شعراء يلقون قصائدهم أمام جمهور عابر…
وفي تقديم المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بتونس لتظاهرة " كتاب على أبواب المدينة"، ورد ما يلي : "هي تظاهرة ثقافية جوالة تُقام على مداخل المدينة وفي ساحاتها العامة، تهدف إلى تحفيز الناس على القراءة من خلال تحويل الأماكن المفتوحة إلى فضاءات للكتاب والنقاشات الأدبية والعروض الثقافية وتقريب الكتاب من الناس وخاصة من الفئات التي لا ترتاد المكتبات وتنشيط الفضاءات العامة ثقافيا وإحياء التراث والتاريخ المحلي بربطه بالإبداع المعاصر ودعم الكتاب.. تظاهرة تحتفي بالشعر، بالأدب، بالعلم وبعيد الجمهورية.."
تكريم خاص لحسونة المصباحي
تأتي تظاهرة "كتاب على أبواب المدينة" هذه السنة محمّلة بروح خاصة ومختلفة إذ تُهدي كامل فعالياتها إلى روح الكاتب الراحل حسونة المصباحي، أحد أبرز الأصوات الأدبية التونسية التي حفرت حضورها بقوة وصدق في الذاكرة الثقافية العربية.
في تكريم حسونة المصباحي تأكيد بأن الكُتّاب لا يرحلون وأدبهم من بعدهم يبقى حيا. وأن تحيي المدينة ذكرى أديبها وتفتح له أبواب الذاكرة والذكريات والحب، هو أصدق أشكال التكريم. فالمصباحي الذي كتب عن المنفى الداخلي، عن هشاشة المدن، عن الإنسان التائه الباحث عن مأوى، يعود اليوم رمزا في تظاهرة تخرج إلى الناس مثلما أخرجهم هو من صمتهم وتحدث عنهم.
في "كتاب على أبواب المدينة" اختارت المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بتونس أن تُخلد اسم حسونة المصباحي لا بلافتة رخامية جامدة بل بأمسية شعرية نابضة، وبحرف مكتوب بالصدق ومفتوح على الأفق. تحت عنوان "حسونة المصباحي: عاش ليكتب ورحل ليعيش"، تحتضن دار الثقافة ابن رشيق ندوة فكرية تكريمية للكاتب الراحل بمشاركة البشير الجلجلي ورضا بن صالح ورمزي العياري ومحمد المي وكوثر بلعابي. ويدير هذه الندوة الإعلامي سفيان العرفاوي.كما سيتم عرض فيديو تكريمي لروح حسونة المصباحي في لمسة وفاء.
ويبقى حسونة المصباحي، الغائب الحاضر بيننا بما كتبه وبما تركه وبما ألهمه .