لعل ابرزها تباطؤًا في النمو السكاني وزيادة في عدد كبار السن. فقد اتسعت فئة ما فوق 60 سنة لتبلغ نسبة 16.88 مقابل تقلص في الفئة في سن النشاط مما يطرح تحديات على مستوى راس المال البشري الذي يعد ابرز نقطة قوة للاقتصاد التونسي.
تبلغ نسبة الفئة التي هي في سن النشاط ما بين 15 و59 سنة 60.29%وهي وان ظلت مرتفعة إلا أنها في تتبع التغيرات مقارنة بنتائج سابقة للتعداد يظهر التراجع من فترة إلى أخرى فخلال عقدين من الزمن تراجعت الفئة النشطة من 64 في 2004 إلى 60.29% في 2024. وقد حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أحدث تقرير لها عن التوظيف "تأثير شيخوخة السكان يهدد محرك النمو الاقتصادي نفسه، الذي يعتمد على الموارد البشرية لإنتاج المخرجات،" وأضافت "اقتصاد دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية دخل حقبة جديدة، حيث يتحول التحدي من نقص في الوظائف إلى نقص في العمال."
وبالقياس وباعتبار أن الوضع الذي تحذر منه المنظمة يمكن أن يعني تونس أيضا فالنمو الاقتصادي التونسي مهدد مما لاشك فيه وان كان على المدى المتوسط والبعيد إلا أن التحدي يفرض إيجاد بدائل للأجيال القادمة.
وعلى الرغم من اتساع قاعدة السكان النشيطين في العقدين الأخيرين الا ان نسبة النمو كانت دائما ضعيفة فقد اوردت Trading Economics بالاعتماد على معطيات المعهد الوطني للإحصاء أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في تونس بلغ متوسطه 2.52 % منذ عام 2001 حتى عام 2025. ، وتمثل قيمة الناتج المحلي الإجمالي لتونس 0.05 في المائة من الاقتصاد العالمي.
ان راسالمال البشري عامل مهم في زيادة الإنتاجية والنمو الاقتصادي بناءا على الاستثمار في التعليم والتكوين والرعاية الصحية حيث تتحسن القدرات والإمكانيات وتضفي قيمة مضافة على الاقتصاد التونسي حيث ظلت اليد العاملة الكفأة عاملا قويا في تصنيف الاقتصاد التونسي على الرغم من النقائص المسجلة على جميع المستويات خاصة في السنوات الأخيرة حيث أشارت العديد من التقارير إلى أن اليد العاملة في تونس أصبحت تتسم بغياب المهارة والكفاءة.
ويشهد رأس المال البشري في تونس عديد التحديات من تراجع القوى النشيطة من جهة وتراجع وتدني منظومتي التعليم والتكوين وتراجع ملائمتها لحاجيات سوق العمل هذا الى جانب تأثير الهجرة التي من المتوقع ان ترتفع في قادم السنوات أمام ما تشهده الاقتصاديات المتقدمة من انكماش في نسبة السكان في سن العمل.
وذلك في تقرير بعنوان "شيخوخة السكان ينبغي ألا تؤدي بالضرورة إلى تراجع النمو الاقتصادي وتصاعد الضغوط على المالية العامة" فيما يستدرك الصندوق بقوله ان بيانات الأفراد المستمدة من 41 اقتصادا متقدما وسوقا صاعدة تكشف أن الأجيال الحديثة من كبار السن - البالغون 50 عاما فأكثر - يتمتعون بقدرات بدنية ومعرفية أفضل من الأجيال السابقة في الفئة العمرية نفسها. وفيما يتعلق بالقدرات الإدراكية، نجد أن الأفراد في أعمار السبعينات يمثلون الآن النسخة الجديدة للأفراد في أعمار الخمسينات؛ فالشخص الذي كان في السبعين في عام 2022 كانت درجة صحته الإدراكية مماثلة لدرجة شخص عمره 53 عاما في عام 2000.