الأوراق النقدية والتونسية شاهدة على التاريخ من سند للتعاملات المالية إلى نحت الهوية الوطنية والتوظيف الدعائي

بغض النظر عن صعود قيمتها أو نزولها والحجم المطلوب لتلبية

الحاجيات من السلع والخدمات كانت الأوراق والقطع المعدنية النقدية انعكاسا للتغيرات السياسية والخصائص الاقتصادي والاجتماعية والثقافية والحضارية لتونس فتاريخ تونس يمكن الاطلاع عليه عبر المسار التاريخي لكل الأوراق والقطع المعدنية التي تم طبعها وسكها
يعتمد طبع الأوراق وسك القطع المعدنية عن طريق طلب عروض يحدد من خلاله المواصفات والشروط المطلوبة لتتشكل لجنة تهتم بالشكل والسلامة وتحديد الشخصية المحورية التي ستكون على العملة ثم يتم اللقاء مع الشركة التي تفوز بطلب العروض لتنسيق العملية الجمالية والعملية التقنية يتم لاحقا الطبع والسك.
خلدت أشكال الأوراق النقدية والقطع المعدنية بعد الاستقلال الشخصيات المعاصرة وكانت صورة الرئيس الحبيب بورقيبة حاضرة على وجه كل الأوراق نصف دينار، دينار واحد وخمسة دنانير واستمرت طيلة مدة حكمه... ثم ومنذ مطلع التسعينيات تم إلغاء الأوراق النقدية من فئتي نصف دينار ودينار واحد واستبدالها بأوراق نقدية من فئة 5 و10 و20 دينارا طبعت عليها تاريخ 7 نوفمبر 1987 إلى جانب صور شخصيات تاريخية على غرار عبد الرحمن ابن خلدون وعليسة وخير الدين باشا وحنبعل وأبي القاسم الشابي وابن رشيق القيرواني وفرحات حشاد والهادي نويرة وتوحيدة بالشيخ والمهندس صلاح الدين العمامي فكانت الأوراق النقدية ترويجا لمرحلة من تاريخ تونس المعاصر من 1987 إلى 2011 فلئن غابت صورة الرئيس إلا أن الدعاية السياسية سجلت حضورها في كل الأوراق النقدية التي تضمنت تحديد التاريخ وهو 7 نوفمبر 1987 مع شعارات المصالحة الوطنية وتونس فوق كل اعتبار وانفتاح، ديمقراطية ودولة القانون.
بعد 2011 وشيئا فشيئا بدا تغيير في الاوراق النقدية وفي 2018 اصدر البنك المركزي بلاغا جاء فيه ان 30 مارس 2018 هو آخر أجل لتغيير الأوراق النقدية من فئات 50 دينارا (صنف 2008) و30 دينارا (صنف 1997) و20 دينارا (صنف 1992) وأنه بانقضاء هذا الأجل لن يقبل بتاتا إبدال هذه الأصناف من الأوراق النقدية التي لم يقع تسليمها إلى البنك المركزي التونسي. واستبدلت الدعاية للفترة النوفمبرية وظهر فخار ومجوهرات بربرية وقصر الجم والبنك المركزي التونسي وساحة الحكومة بالقصبة ومتحف العملة .
النسيج الاقتصادي لتونس كان حاضر منذ أولى الاوراق النقدية حيث ظهر النسيج والنقش والصناعات التحويلية والبناء والتشييد والزراعة بايادي تونسية نساءا ورجالا الى جانب تثمين التعليم والجانب الثقافي. تعكس سلسلة الأوراق النقدية المتداولة او التي تم استبدالها والغائها ثراء الحضارات المتعاقبة على تونس وتخليد رموزها وابنائها وبناتها، كما تنقل الى الأجيال القادمة تاريخ التحولات السياسية في تونس بمساوئها وايجابياتها

قيمة الاوراق النقدية اليوم:
تأثرت العملة التونسية بارتفاع التضخم وأصبحت الورقة النقدية من فئة 10 دنانير التي تكفي لشراء سلة من الخضر والغلال لا تكفي اليوم لشراء نوعين من الخضر ونوع من الغلال فقط فكلما ارتفعت الأسعار أصبحت النقود تشتري سلعا اقل. فدينار اليوم ليس دينار الأمس والغد حتما لن يكون مثل اليوم وقد تتحول التعاملات المالية نحو الرقمنة لتكون هذه الاوراق والقطع مجرد شاهد على التاريخ في المتاحف .
العملات البلاستيكية "أوراق البوليمر"
و لم تطرح تونس عملة بلاستيكية "البوليمر" على غرار عديد الدول في العالم و النقود البوليمرية هي عملات مصنوعة من مادة البوليمر، وهي مادة تشبه البلاستيك ولكنها أقوى وأكثر متانة من الورق. ن إيجابيات الأوراق النقدية البلاستيكية، أنها متينة وتدوم أكثر بكثير من النقود الورقية وصديقة للبيئة. وكانت استراليا أول دولة استخدمت الأوراق النقدية من البوليمر و قامت دول عربية بإصدار هذا النوع من الاوراق النقدية على غرار مصر والسعودية والإمارات وإصدار محدود في قطر بمناسبة كال العالم 2022.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115