فيما تتواصل الضغوطات الصهيو -أمريكية لنزع سلاح حزب الله سوريا وتركيا ...أية أدوار في خضم التحولات الكبرى

يتعرض لبنان لضغوطات دبلوماسية وسياسية أمريكية كبرى من

أجل حثه على تسليم سلاح حزب الله . فمنذ اعلان وقف اطلاق النار بين لبنان وكيان الاحتلال لم يمر يوم دون تسجيل اختراقات صهيونية للهدنة تهدف لاستكمال سلسلة اغتيالات واستهدافات لقادة الحزب . اذ تعمل تل ابيب على الصعيد الميداني والسياسي لإضعاف قدرات الحزب سواء من خلال الاغتيالات والاستهدافات العسكرية لقادته أو من خلال ضغوطات حلفائها الأمريكيين ، علاوة على استيلائها على خمسة تلال استراتيجية خلال المواجهات الأخيرة.

وآخر الضغوطات تتعلق بتصريح سفير واشنطن لدى أنقرة، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، الذي شدد على ضرورة أن يتم أي مسار لنزع سلاح "حزب الله" بإدارة الحكومة اللبنانية وبموافقته الكاملة. وأثارت تصريحات الرجل الأخيرة جدلا واسعا في الداخل اللبناني لا سيما فيما يتعلق بتلميحه عن نوايا سورية لإعادة لعب دور في لبنان وضم أجزاء منه بتعلة اعتبارها جزءا من بلاد الشام التاريخية.
وكشف باراك في تصريحاته الجدلية خلال لقاء صحفي أن الولايات المتحدة سهلت محادثات سرية بين لبنان و"إسرائيل"، رغم وجود حظر قانوني يمنع التواصل المباشر بين البلدين.
ولفت النظر إلى أن عملية نزع السلاح ستتطلب تدخل الجيش اللبناني، مؤكدًا ضرورة "تعزيز قدرات الجيش". وتابع بالقول "بإمكان الجيش أن يتحاور بلين مع حزب الله، وأن يقول للحزب هذه آلية تسليم السلاح. نحن لا نريد حربًا أهلية". واعتبر أن "حزب الله" يتكون من جناحين، أحدهما عسكري مدعوم من إيران، والآخر سياسي يعمل ضمن النظام البرلماني اللبناني. وقال أن "أي مسار لنزع سلاح الحزب يجب أن ينطلق من الحكومة اللبنانية وبموافقة حزب الله، الكاملة".
ولفت باراك، إلى أن "واشنطن، رغم تصنيفها العلني لحزب الله كمنظمة إرهابية، تدرك أن جناحه السياسي يحظى بمقاعد في البرلمان، ويمثل شريحة واسعة من الطائفة الشيعية في لبنان إلى جانب حركة أمل".
المقترح الأمريكي
وكان باراك، قدّم في 19 جوان الماضي، اقتراحًا أمريكيا إلى الحكومة اللبنانية ينص على أن تكون جميع الأسلحة في البلاد تحت إشراف الدولة اللبنانية فقط كهدف أولي.
كما نقلت صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية عن باراك، قوله إن "لبنان يحتاج إلى معالجة قضية سلاح حزب الله، وإلا فإنه قد يواجه تهديدا وجوديا وسوف يعود ضمن بلاد الشام مرة أخرى".
وقال باراك: "هناك إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن يوجد سوريا التي تتجلى بسرعة كبيرة لدرجة أنه إذا لم يتحرك لبنان، فسوف يصبح بلاد الشام مرة أخرى"، في إشارة إلى فقدانه السيادة وتدخل دول الجوار. وأضاف المبعوث الأمريكي: "يقول السوريون: لبنان منتجعنا الساحلي. لذا علينا أن نتحرك. وأعلم مدى إحباط الشعب اللبناني. وهذا يحبطني".
وفي رده على مقترح باراك أكد الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، رفض الحزب لدعوات تسليم سلاحه ما لم تتوقف اعتداءات إسرائيل على لبنان.
تحولات كبرى
تأتي تصريحات باراك في خضم تحولات كبرى تعيشها المنطقة وتؤثر على الداخل اللبناني منها ما يتداول بشأن نزوع الحكم الجديد في سوريا بشكل لافت نحو تطبيع علاقاته مع الاحتلال بكل ما يمثله ذلك من مخاطر على الأمن القومي للبنان . وقلل محللون من خطورة تصريحات باراك واعتبروها بمثابة ضغوطات تدريجية على لبنان . اذ لا يمكن تغيير الحدود المعترف بها دوليا من أجل تحقيق غايات آنية سواء في سوريا او غيرها . وسلاح حزب الله يعني لشريحة واسعة من اللبنانيين قضية وجود وأمن وطني يرتبط مصيره بوجود الاحتلال الذي لا يتورع عن ضرب لبنان واضعافه من أجل تنفيذ المشروع الصهيوني الذي يهدف للسيطرة على مقدرات المنطقة بما في ذلك مياه لبنان وأراضيه الاستراتيجية.
سوريا ومشروع التطبيع
يشار الى ان اللبنانيين يعيشون على وقع مخاوف إعادة سيناريو دخول الجيش السوري الى لبنان عام 1976 خلال حقبة الحرب الأهلية . وظل خلالها نظام دمشق يتحكم بلبنان وقراراته وسياساته لسنوات طويلة قبل الانسحاب بضغط دولي. الأكيد ان تطبيع نظام الشرع مع تل ابيب سيزيد من الضغوطات على لبنان . وقد تداولت تقارير إعلامية مشاركة الشرع في اجتماع مباشر مع مسؤولين إسرائيليين في أذربيجان . اذ نقل موقع i24NEWS صهيوني عمن وصفه بالمصدر السوري المطّلع أن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع حضر اجتماعًا مباشرًا واحدًا على الأقل، السبت، مع مسؤولين إسرائيليين في العاصمة الأذربيجانية باكو.
وأوضح المصدر، أن اللقاء كان جزءًا من سلسلة من اجتماعين أو ثلاثة عُقدت بين الطرفين، بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إلى جانب أحمد الدالاتي، منسق الحكومة السورية للاجتماعات الأمنية مع إسرائيل. ووفق المصدر ذاته، تهدف الاجتماعات إلى بحث اتفاقية أمنية محتملة بين سوريا وإسرائيل، تتناول ملفات الوجود الإيراني في سوريا ولبنان، أسلحة "حزب الله"، الفصائل الفلسطينية، المخيمات في لبنان، ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين من غزة، بالإضافة إلى إمكانية فتح مكتب تنسيق إسرائيلي في دمشق دون طابع دبلوماسي.
في حين ذكرت تقارير اعلامية أن لقاءً مرتقبًا سيجمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر اليوم في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، دون تأكيد بشأن اجتماع ثنائي منفصل. في المقابل نفت وسائل إعلام سورية عدم مشاركة الشرع في أي محادثات مع الاسرائيليين.
ويرى البعض بأن أي تطبيع سوري مع "إسرائيل" سيكون ضمن صفقة كاملة من أجل رفع العقوبات الأمريكية على دمشق مقابل تمكينها من عديد الامتيازات في المنطقة بما في ذلك لعب أدوار في الشأن اللبناني .
فسوريا التي تعيش اليوم على وقع حرائق على كافة محاور ريف اللاذقية الشمالي، تواجه كذلك حرائق سياسية داخلية وخارجية في سياق ترتيبات أمنية صهيونية تهدف لانتاج شرق أوسط جديد مسالم مع دولة الاحتلال ولا يشكل أي خطر على مستقبل المشروع الصهيوني في المنطقة.
الدور التركي
هذا الشرق الأوسط الجديد ليس نتاج اليوم بل هو مسار متواصل انطلق مع شن أولى الحروب الأمريكية على العراق . وتلعب خلاله تركيا دورا محوريا ، ويرى البعض أن التسوية الشاملة للقضية الكردية ليست بمعزل عن هذا الشرق الأوسط الجديد .
فالتوجه الأمريكي لحل معضلة الصراع التركي-الكردي وتخفيف الضغط الاقليمي والداخلي على أنقرة لن يمر دون ثمن سياسي. فالاتفاق على نزع سلاح العمال الكردستاني في العراق بإشراف مشترك من المخابرات والجيش التركيين، قد تدفع خلاله أنقرة باتجاه دمج قوات "قسد" بالجيش السوري، ما يعني إنهاء اية مخاوف تعتبرها انقرة تهديدا لأمنها القومي .

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115