تحتفي بها دول العالم باليوم العالمي للسكان، وتهدف بالأساس إلى النهوض بمستوى الوعي بأهم التحديات المطروحة . وتحت شعار "تمكين الشباب من بناء الأسر التي يطمحون إليها في عالم عادل ومفعم بالأمل"، احتفت الأمم المتحدة بهذا اليوم من خلال طرح تقريرها السنوي لحالة السكان عبر صندوق الأمم المتحدة للسكان 2025 . وقدمت د. ريم فيالة، مديرة مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في تونس أبرز ما جاء في التقرير وذلك في ندوة صحفية بحضور خبراء وبمشاركة منظمات فاعلة مثل صحفيون من أجل حقوق الانسان ومركز كوثر . وتخلل اللقاء عرضا للخبير الديموغرافي د. حافظ شقير أبرز خلالها أهم الاتجاهات الديموغرافية للسكان في تونس .
دور الاعلام
وركزت اعتدال مجبري مدير إدارة الاعلام في مركز كوثر على دور وسائل الإعلام في تغطية قضايا حقوق الإنجاب للنهوض بمستوى الوعي لدى الرأي العام. وقالت :"عند الخوض في مسألة التحولات الديموغرافية في أي مجتمع من المجتمعات نتحدث عن الحاضر وأجيال المستقبل وعن هذه التركيبة السكانية في بيئة المناخ . والمناخ هو من القضايا الأولوية على المستوى العالمي ككل وعلى مستوى تونس أيضا . فمسألة التحولات الديموغرافية هي في قلب السلم الاجتماعي وفي قلب الاعداد للمستقبل وفي قلب المشاغل الاقتصادية والهجرة والتعليم والصحة .
وسلطت منسقة الاعلام في منظمة صحفيون من أجل حقوق الانسان يسرى المناعي الضوء على أهم البرامج التي تعمل عليها المنظمة حاليا ومنها الحقوق الصحية والانجابية مشيرة الى ان الاعلام يلعب دورا فاعلا في انتاج الوعي وترسيخ ثقافة حقوق الانسان في المجتمع.
ويبلغ عدد الشباب في العالم اليوم نحو 1.8 مليار شخص تتراوح أعمارهم بين 10 و24 عامًا، ويواجه تحديات عديدة مثل تأثيرات المتفاقمة لتغير المناخ والنزاعات المسلحة و انعدام الأمن الاقتصادي، والتفاوت بين الجنسين، وضعف أنظمة التعليم والصحة وغيرها . ويسلط تقرير السكان لعام 2025 الضوء على غياب القدرة الإنجابية الفعلية، ولا سيما في أوساط الشباب، حيث يعجز كثيرون عن إنجاب العدد الذي يرغبون فيه من الأبناء. وقد كشف استطلاع مشترك بين صندوق الأمم المتحدة للسكان ومؤسسة "يوقڤ"، شمل أكثر من 14 ألف شخص في 14 بلدًا، أن غالبية المشاركين يرغبون في إنجاب مزيد من الأطفال، لكنهم يصطدمون بعقبات اجتماعية واقتصادية وصحية.
التغيرات الديموغرافية
وأكدت ريم فيالة مديرة مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في تونس ان تقرير الأمم المتحدة لعام 2025 حول حالة السكان يبرز معضلة تمكين الشباب في تكوين الأسر في عالم مليء بالمتغيرات . وأشارت الى ان النقاش اليوم على المستوى الدولي يتركز حول التغيرات الديموغرافية للسكان في العالم . مثل نقص الخصوية والتهرم السكاني وارتفاع نسبة الشيخوخة ونقص العمالة .
وأشارت فيالة الى ان التقرير جاء تحت عنوان "السعي نحو تحقيق الصحة الجنسية والانجابية في عالم متغير "من تقديم صندوق الأمم المتحدة للسكان . ورفع خلالها الستار عن التحديات الحقيقية للسكان من خلال عينات من بعض الدول المشمولة بالتقرير. كما ركز على دور الشباب او اعادة تعريف دورهم في تنظيم الأسرة . كما أبرز أهمية تحقيق المساواة بين الجنسين وجني المكاسب لصالح المجتمع . فالتقرير استطلع آراء 14 بلدا تمثل أكثر من ثلت سكان العالم حول مدى ثقتهم في قدرتهم على تحقيق رغباتهم الإنجابية .
مخاوف حول مستقبل السكان
وفي زمن تتزايد فيه المخاوف حول مستقبل السكان تحتل عناوين مثل الخصوية المنخفضة وشيخوخة المجتمعات ونقص القوى العاملة صدارة النقاش بينما يستمر جدل قديم حول ما اذا كان الخطر الأعظم يتمثل في التضخم السكاني .
ورغم المكاسب فيما يعلق بالصحة الجنسية والانجابية الا ان الفئات الأكثر تهميشا لم تحصد سوى القليل منها . ووفق بيانات صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال الأعوام الخمسة الماضية فان واحدة من كل عشر نساء لا تستطيع اتخاذ قرار بشان استخدام وسائل تنظيم الأسرة وربع عدد النساء لا يملكن القرار فيما يتعلق بالرعاية الصحية الخاصة بهن . فالحقوق والخيارات المتعلقة بالانجاب لا تزال حلما مؤجلا لملاين الأشخاص حول العالم والتحدي الأهم في مجال الخصوبة الحقيقي لا في التضخم او النقص السكاني بحسب التقرير .
عوائق اقتصادية واجتماعية
وأشار التقرير الى العوائق الاقتصادية والاجتماعية أمام الشباب وأهمها تقاسم أعباء الرعاية غير المتكافئ. اذ ان أكثر من 10 بالمئة من الذين تم استطلاع آرائهم أكدوا مخاوفهم حول تغير المناخ والتدهور البيئي والحروب والجوائح . وهناك عوائق متعلقة بالصحة والحقوق الإنجابية مثل تأخر الانجاب والعنف القائم على النوع الاجتماعي وكلها تؤثر بشكل كبير على خيارات الانجاب .
وخلص التقرير الى عدد من التوصيات أهمها تعزيز الأمن الاجتماعي والاقتصادي ودعم رعاية الأطفال بجود عالية وبشكل ميسر وضمان سياسات عمل مراعية للأسرة وبرامج تخفف من حدة الفقر والهشاشة الاقتصادية مع إصلاحات في سوق العمل ونظام الضمان الاجتماعي.
وشدد التقرير على أهمية ان يستمع صناع القرار الى آراء كل الأجيال وان يتعبوا سياسات تتمحور حول مفهوم العدالة والتضامن بين الأجيال تسمح بالأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشباب وفي نفس الوقت تلبية الاحتياجات المزيدة لكبار السن.