بعد أشهر من التأخير..وأخيرا مجلس الوزراء يصادق على مشروع تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية: 496 مُودعا بالسجون بسبب شيك دون رصيد وأكثر من 11 ألف قضية

- نحو استبدال العقوبة السجنية بعقوبة بديلة ومراجعة العقوبات السجنية والمالية وتوسيع نطاق إجراءات التسوية
يعد ملف الشيكات دون رصيد من الملفات الشائكة والمعقدة

أمام تضاعف عدد القضايا المنشورة لدى القضاء وإفلاس عدة مؤسسات صغرى ومتوسطة، الأمر الذي أجبر الحكومة على إعداد مشروع تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية والذي تمّ أخيرا بعد أشهر من التأخير الصادقة عليه أمس من قبل مجلس الوزراء، مشروع حرص عليه كثيرا رئيس الجمهورية قيس سعيد وشدد في آخر جلسة عمل مع الأطراف المعنية، عقدت بتاريخ 17 ماي الجاري، على أن إعداد هذا المشروع استغرق من الوقت الكثير ولم يعد يحتمل التأخير وأذن بأن يُعرض على مجلس الوزراء للتداول فيه ليتولى عرضه على مجلس نواب الشعب مع طلب استعجال النظر فيه.
بعد 5 أيام من انعقاد جلسة العمل ودعوة رئيس الجمهورية، صادق مجلس الوزراء أمس بإشراف رئيس الحكومة أحمد الحشاني بالنيّابة عن رئيس الجمهورية، على مشروع قانون يتعلق بتنقيح أحكام الفصل 411 من المجلة التجارية ليتم عرضه في أفضل الآجال على مجلس نواب الشعب، وقد ثمّن رئيس الحكومة العمل التّشاركي والمقاربة المعتمدة في إعداد المشروع والذي يتضمن بالأساس تعديلا لأركان جريمة إصدار شيك دون رصيد والعقوبات المقررة لها. ويندرج هذا المشروع في إطار مراجعة التشريعات ذات العلاقة بتحسين مناخ الأعمال وملائمة السياسة الجزائية مع خصوصياته، كإتباع منهجية المراحل في تحوير منظومة المعاملات بالشيك بالنظر لأهميته على المستوى الاقتصادي وتداعياته على المستوى المالي.
292 محكوما وعدد 204 موقوفا
تضمن مشروع القانون المعروض على مجلس الوزراء عدة تنقيحات تتعلق بمراجعة العقوبات السجنية والمالية في اتجاه التخفيف مع التنصيص على إمكانية استبدال العقوبة السجنية بعقوبة بديلة وتجريم تسلم الشيك على وجه الضمان إلى جانب إقرار وجوبية ضم العقوبات المحكوم بها بنفس الجلسة ومراجعة العقوبات السجنية المحكوم بها من محاكم مختلفة وتوسيع نطاق إجراءات التسوية ليشمل بالإضافة إلى مرحلة التتبع والمحاكمة، مرحلة تنفيذ العقاب، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة، وقد أشارت رئاسة الحكومة في ذات البلاغ إلى أنه خلافا لما يتداول وبعد الرجوع إلى الإحصائيات المسجلة لدى مصالح وزارة العدل إلى حدود شهر افريل 2024، فإن العدد الجملي للمودعين بالسجون من أجل ارتكاب جريمة إصدار شيك دون رصيد قد بلغ 496 مودعا منهم 292 محكوما وعدد 204 موقوفا.
كل صك يكوّن ملف قضية
كما تبين أن عدد القضايا التي شملت المودعين في قضايا إصدار شيك دون رصيد قد بلغ 11265 قضية أي أن 496 مودعا قد أصدروا 11265 شيكا باعتبار أن كل صك يكوّن ملف قضية. هذا وقد نوّه رئيس الحكومة بالمجهودات المبذولة من طرف كل المتدخلين لتحسين المؤشرات الاقتصادية، مذكرا بان الاقتصاد التونسي شهد خلال السنوات الأخيرة العديد من الصعوبات تعلقت أساسا بنتيجة الأزمة الصحية كوفيد 19 خلال سنتي 2020 و2021 وتداعيات اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية خلال سنة 2022 على اقتصاديات الدول والتي أدت إلى تراكم الصعوبات المالية للعديد من المؤسسات الاقتصادية.
الحفاظ على حرية المدين وحق الدائن
يهدف هذا المشروع إلى تدعيم الواجبات المحمولة على المصرف وتكريس المسؤولية البنكية، إلى جانب استخدام آليات الدفع والحلول الإلكترونية البديلة وتحسين الممارسات المصرفية بغرض تدعيم معايير أمان التعامل بالشيك وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية. كما يرمي هذا المشروع إلى ملائمة السياسة الجزائية مع خصوصية المعاملات المصرفية بالشيك وإرساء نظام لتسوية وضعية من صدرت ضده أحكام قضائية باتة أو من كان محلّ تتبعات قضائية جارية من أجل ارتكاب جريمة إصدار شيك دون رصيد بما يساهم في الحفاظ على حرية المدين وفي نفس الوقت على حق الدائن.

سبق وأن تعرض رئيس الجمهورية في جلسة 17 ماي الجاري إلى النظام القانوني للشيك في تونس وفي عدد من الدول الأخرى، موضحا أن هذا الفصل وغيره من الفصول إلى جانب قوانين أخرى هي بالحد الأدنى لا توازن فيها بين المصارف والدائنين، من جهة، والمدينين، من جهة أخرى، وأدى تطبيقها إلى وجود حالات يجب وضع حد نهائي لها في أسرع الآجال لأنها غير مقبولة على أي مقياس لا على مقياس العدل ولا على مقياس النتائج والآثار التي ترتبت عن الأحكام والقرارات التي صدرت بناء على الفصل المذكور.
مبادرة تشريعية في البرلمان
ملف الشيك دون أثار جدلا كبيرا في البلاد وبسبب تأخير الحكومة في إعداد مشروع تنقيح الفصل 411 من المجلية التجارية، الأمر الذي أجبر عدد من نواب البرلمان على تقديم مبادرة تشريعية تتعلق بالعفو العام في جرائم الشيك دون رصيد مرفوقة بمطلب لاستعجال النظر، ووفق تصريح سابق للنائب ياسين مامي لديوان أف أم فإن البرلمان قد تقدّم بمبادرة تشريعية نظرا إلى تلكؤ الحكومة في إرسال القانون المتعلّق بتنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية المتعلق بشيكات دون رصيد، حسب قوله. وأوضح النائب أن العفو العام لن يمس بحقوق المستفيد من الشيك مضيفا أن المقاربة بنيت على التوازن بين المدين والمدان. وتحدّد المبادرة المنتفعين بالعفو أي كل من أصدر شيكا دون رصيد أو اعترض على خلاصه في غير الصور المنصوص عليها بالفصل 374 من المجلة التجارية وحررت في شأنه شهادة في عدم الخلاص قبل تاريخ 1 جانفي 2024.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115