زيارة ويتكوف إلى موسكو قبيل انتهاء مهلة ترامب سياسة العقوبات والفرصة الأخيرة

في مشهد سياسي يتقاطع فيه التصعيد العسكري

مع الجهود الدبلوماسية، أثارت زيارة ستيف ويتكوف، المبعوث الرئاسي الأمريكي المقرب من دونالد ترامب، إلى العاصمة الروسية موسكو تساؤلات واسعة حول توقيتها ودلالاتها، قبل أيام من المهلة المحددة التي منحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لروسيا للتوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا. وهي مهلة أبرزت تصاعد الضغط الأمريكي على الكرملين وعودة خطاب العقوبات بقوة إلى واجهة التهديدات الغربية .

وتأتي زيارة ويتكوف التي أجراها أمس، في توقيت دقيق من عمر الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، حيث تصاعدت الهجمات الروسية مؤخرا على المدن الأوكرانية، وسط تحركات أمريكية متسارعة لدعم كييف بالسلاح والعتاد، بمشاركة متزايدة من حلف شمال الأطلسي. وفي المقابل، يواصل بوتين ترسيخ رؤيته لما يسميه "الحدود الروسية الجديدة"، بإصراره على السيطرة الكاملة على أربع مناطق أوكرانية على الأقل.
في هذا السياق، لم تكن موسكو في حاجة إلى إشارات ترحيب شكلية بقدر حاجتها إلى مخرج سياسي قابل للتفاوض، وهي الرسالة التي قد تكون قد بُثّت ضمنيا عبر دعوة ويتكوف. من جهته، يبدو ترامب عازما على إعادة ضبط قواعد اللعبة، لا من منطلق دبلوماسي صرف، بل عبر تصعيد اقتصادي يهدد بإعادة خنق الاقتصاد الروسي بشكل أكثر شدة.

ووفق تقارير فإنّ الملف الأوكراني بلا شك هو العنوان الرئيسي للزيارة، إلا أن الأجندة تبدو أوسع وأكثر تشعبا. ومن المتوقع أن يتناول ويتكوف قضايا تشمل مستقبل العقوبات، والملف النووي وأمن الطاقة، فضلا عن الخط الأحمر الذي وضعه ترامب لبوتين وهو الاتفاق على خارطة طريق لإنهاء الحرب، أو مواجهة عقوبات غير مسبوقة تشمل قطاع الطاقة وشركاء موسكو التجاريين.
وتحمل محادثات ويتكوف طابعا مزدوجا فهي من جهة استكشافية، لاختبار نوايا بوتين الحقيقية، ومن جهة أخرى إنذارية إذ تشكّل آخر محاولة –كما يراها البعض في واشنطن– لتقديم فرصة تفاوضية قبل تفعيل العقوبات الأمريكية الجديدة.
قبول متردد أم مناورة ؟
ويوحي استقبال ويتكوف من قبل شخصيات اقتصادية بارزة مثل كيريل دميترييف، بأن موسكو تدرك طبيعة الرسائل الاقتصادية القادمة من واشنطن. ولكن ما إذا كان هذا الانفتاح يعكس رغبة حقيقية في التهدئة أو مجرد مناورة لكسب الوقت، فهو ما سيُظهره مدى مرونة بوتين في الملفات المطروحة، خصوصا مسألة تخفيض حجم الجيش الأوكراني – أحد شروط موسكو المثيرة للجدل.
وسبق أن وصف ترامب علنا الهجمات الروسية بأنها "مقززة"، واتهم نظيره الروسي بالكذب والمماطلة. وفي ظل هذا التوتر المتصاعد، يُطرح سؤال محوري: هل لا تزال القنوات الدبلوماسية قادرة على إنقاذ الموقف قبل أن تتحول العقوبات إلى واقع يصعب التراجع عنه؟
ويرى خبراء أنّ زيارة ويتكوف قد لا تُنتج اتفاقا وشيكا، لكنها تعيد التأكيد على أن واشنطن لا تزال تترك الباب مواربا أمام تسوية تفاوضية – ولكن بشروط. وفي حال رفض بوتين تقديم تنازلات جوهرية، فإن المسار نحو العقوبات يبدو محتوما، مع تأثيرات محتملة على تحالفات روسيا الاقتصادية، وعلى الداخل الروسي المتأثر أصلا بالعقوبات الغربية السابقة.

أما أوكرانيا، فتترقب نتائج المحادثات بدقة، حيث تسعى كييف لاستثمار الموقف الأمريكي لدفع عجلة الدعم العسكري والضغط على روسيا دوليا. وقد ألمح زيلينسكي بالفعل إلى أن العقوبات المقبلة قد تغيّر قواعد اللعبة في الصراع، خصوصا إن ترافقت مع تدفقات جديدة من الأسلحة المتقدمة من واشنطن والناتو.
رغم الطابع "الوسيط" الذي تحمله زيارة ويتكوف، إلا أنها في حقيقتها تمثل اختبارا حاسما لإرادة روسيا في السير نحو تسوية سياسية. كما أنها مؤشر واضح على التحول في مزاج الإدارة الأمريكية تجاه الكرملين، من الانفتاح الحذر إلى الضغط المحسوب.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115