سيناريو الاحتلال الكلي لغزة ومأزق القرار العسكري لنتنياهو جيش الإحتلال مُنقسم .. بين التردّد في اجتياح غزة والحذر الاستراتيجي

تتواصل حرب الإبادة الصهيونية بلا هوادة في وقت تتنامى

فيه المعارضة لسياسات وجرائم حكومة الاحتلال من الداخل والخارج على حد سواء. وبينما تئن غزة تحت ركام الحرب ويسابق أهلها الموت في كل لحظة من الحصار والعدوان، تعود آلة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو لتلوّح مجددا باجتياح دموي شامل واحتلال كلي للقطاع، في محاولة يائسة لكسر إرادة شعب لم تنكسر رغم المجازر والدمار. وتقف غزة اليوم في قلب العاصفة، في وجه خطط استعمارية مكشوفة تسعى إلى إعادة احتلالها وتفكيك بنية المقاومة، بينما تتجدد التهديدات العسكرية تحت لافتة “الإدارة العسكرية” أو "التطويق المرحلي"، وهي تسميات باهتة تخفي أطماعا استعمارية احتلالية قديمة بثوب جديد.

وبينما يروّج نتنياهو لانتصارات واهية ويهدد بقرارات استعراضية، فإن ما يُخفيه هو فشله السياسي، وعجزه العسكري عن تحقيق "حسم" حقيقي في ساحة باتت تعرف كيف تُفشل الغزاة وتربك حساباتهم.إذ لم تعد غزة تقاتل فقط دفاعا عن جغرافيتها، بل عن مشروع تحرريّ كامل، وعن حق الشعوب في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل.
تتجه الأنظار مجددا إلى قطاع غزة المحاصر، حيث تزداد التعقيدات في ظلّ التهديدات التي أطلقها رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تشير إلى نية جدية لتنفيذ عملية عسكرية شاملة، قد تتجاوز كل ما شهدته غزة منذ بدء الحرب، وربما منذ سنوات. وبينما تتعثر مفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى، يلوّح رئيس حكومة الإحتلال الإسرائيلية بسيناريو "الاحتلال الكامل" للقطاع وهو خيار لا يلقى إجماعا حتى داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، لكنه بات مطروحا بقوة على الطاولة.

وشنت صحف الاحتلال هجوما على نتيناهو لى خلفية قراره إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل. وقالت "هآرتس" (يسارية) إن "نتنياهو يغرق في وحل قطاع غزة، ويسير عكس التيار كالمقامر، ويضحي بأرواح المختطفين (الأسرى) والجنود في غزة". رغم ذلك نقلت الصحيفة عن مسؤول حكومي إسرائيلي لم تسمه شكه في نية نتنياهو.
ووفق ما أوردته القناة 12 الإسرائيلية ، فإن خطة نتنياهو تُطرح في لحظة سياسية وأمنية حساسة. وهي تقوم على اثنين من أكثر السيناريوهات تطرفا إما فرض إدارة عسكرية مباشرة على قطاع غزة، أو اللجوء إلى خطة "التطويق والاحتلال المرحلي" التي تتيح للقوات الإسرائيلية التمدد في مساحات محددة من القطاع مع الإبقاء على معابر للمساعدات الإنسانية، في مشهد يدمج السيطرة العسكرية مع الإبقاء على مظاهر "مدنية" محدودة.
ووفق مراقبين يبرز التحول في خطاب نتنياهو بوضوح أنّ القرار السياسي في "إسرائيل" لم يعد يسعى فقط إلى تحجيم حركة المقاومة الإسلامية حماس أو الضغط من أجل إطلاق سراح الرهائن، بل ربما إلى إعادة رسم المعادلة الأمنية والسياسية للقطاع بأكمله.
اللافت أن الخطة لم تصدر عن جيش الإحتلال الإسرائيلي بل من ديوان رئيس الوزراء. فبحسب ما نشرته "هآرتس"، فإن رئيس الأركان الجديد إيال زامير أبدى استعدادا لتنفيذ ما يقرره الكابينيت، لكنه في الوقت نفسه لا يُخفي تفضيله لخيار "التطويق المرحلي" وتفادي الدخول المباشر في مستنقع إداري وعسكري طويل الأمد في غزة.
ويعكس هذا الانقسام في الرؤى فجوة إستراتيجية بين القيادة السياسية والعسكرية في الكيان الصهيوني، وهي فجوة ليست جديدة، لكنها باتت أكثر وضوحا مع انزلاق الحكومة نحو حافة قرارات مصيرية.
حماس تغير قواعد اللعبة
من زاوية ميدانية، كشفت التسريبات الأخيرة التي بثّتها القناة 12 عن عنصر جديد في معادلة الحرب، إذ طورت حماس قدرات تكنولوجية تتيح لها رصد التحركات الإسرائيلية قرب مواقع احتجاز الرهائن وربما تفجير عبوات ناسفة أو تفعيل أنظمة دفاعية في حال محاولة تحريرهم بالقوة.
هذا المعطى قلب ميزان المخاطرة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. فكل عملية توغل في عمق غزة باتت تحمل احتمال مقتل الرهائن الإسرائيليين، سواء بنيران الاشتباك أو بواسطة الأفخاخ الذكية التي تعدّها حماس.
مما يعني أن الرهائن باتوا "درعا استراتيجيا" في يد الحركة، وهو ما جعل عائلاتهم تضغط على الحكومة الإسرائيلية وتبدي قلقا متزايدا من التصعيد، في حين يصر نتنياهو على أن أي عمل عسكري "لن يُستثني منه" مواقع وجود الرهائن.
عملية برية شاملة؟
بحسب تقديرات إسرائيلية داخلية، فإن الخيارات المطروحة لا تشير إلى عملية موضعية محدودة كما جرى في خان يونس سابقا، بل إلى احتمال بدء مرحلة جديدة من الاحتلال المؤقت أو الدائم للقطاع. وأكدت مصادر مقربة من نتنياهو أن "القرار اتُخذ" وأن الحكومة باتت تميل إلى الحسم العسكري، حتى لو عارض الجيش، بل إن بعض المقربين من نتنياهو ألمحوا صراحة إلى أن "من لا يعجبه القرار، يمكنه الاستقالة".في المقابل، نفت مصادر أخرى هذا التصعيد في المواقف، وأشارت إلى أن الحديث لا يزال يدور في نطاق التهديد النفسي وإدارة الحرب الإعلامية والمفاوضات.
ما لا يمكن تجاهله في التحليل هو السياق السياسي العميق للتهديدات الأخيرة. فالمفاوضات مع حماس لتبادل الأسرى، والتي أُجريت بوساطات إقليمية ودولية، وصلت إلى نقطة جمود كامل. الفجوة بين شروط الطرفين – حماس التي تطالب بوقف كامل لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي شامل، وإسرائيل التي تريد استعادة الرهائن أولا – لم يتم تجاوزها رغم الشهور الطويلة من المحادثات.
وبالتالي، قد تكون التهديدات الإسرائيلية محاولة أخيرة لليّ ذراع حماس والضغط عليها لتقديم تنازلات قبل تنفيذ سيناريو "الأرض المحروقة". ولكن التجارب السابقة تشير إلى أن الحركة، تحت الضغط العسكري، تميل إلى التصعيد بدل التراجع متمسكة بحقوق الفلسطينيين الشرعية ومتقيدة بالنضال إلى آخر رمق، وهو ما قد يؤدي إلى انفجار المواجهة مجددا.
رفض الداخل
ووفق محللين تأتي هذه التهديدات في وقت يعيش فيه نتنياهو تحديات داخلية معقدة وهي تراجع في شعبيته، انتقادات واسعة من المؤسسة الأمنية، وضغوط من حلفائه اليمينيين الذين يدفعونه نحو خطوات أكثر تطرفا. وقد تكون هذه المعادلة دافعا إضافيا للتصعيد، إذ يستخدم نتنياهو ورقة غزة لتعزيز موقعه السياسي وإعادة ضبط الرأي العام الداخلي حول "خطر خارجي مشترك".
ويرى مراقبون أن التهديدات الأخيرة ليست مجرد ضغوط تكتيكية، بل مؤشر على تغير في المزاج السياسي والعسكري الإسرائيلي. سواء تم تنفيذ عملية شاملة أم لا، فإن قطاع غزة يواجه لحظة مفصلية من الصراع، قد تُنهي ما تبقى من تفاوض وتدفع الجميع نحو مرحلة جديدة من التصعيد المفتوح.ومع تفوق الميدان على السياسة واستمرار حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في غزة ، تبدو فرص الحل الدبلوماسي أبعد من أي وقت مضى.
استهداف قافلة مساعدات متجهة لغزة
من جهتها قالت الحكومة الأردنية، أمس الأربعاء، إن مستوطنين إسرائيليين اعتدوا على قوافل مساعدات إنسانية متجهة إلى قطاع غزة، في حادثة هي الثانية من نوعها خلال أسبوع، داعية تل أبيب إلى "التدخل وعدم التساهل".
أفادت بذلك وكالة الأنباء الرسمية "بترا" نقلا عن متحدث الحكومة وزير الاتصال الحكومي محمد المومني، بعد الاعتداء على قافلة مكونة من 30 شاحنة وإلحاق أضرار مادية بعدد منها.
وأكد المومني "رفض الأردن الاعتداءات المستمرة على قوافل المساعدات الإغاثية، والتي كان آخرها اليوم، إذ تعرضت الشاحنات لاعتداءات عديدة أوقفتها عن إكمال مسيرها لفترات زمنية مختلفة".وقال إن "القافلة كانت تضم 30 شاحنة عبرت الحدود الأردنية باتجاه قطاع غزة (نحو حاجز زيكيم الإسرائيلي شمال غربي القطاع)".
وأوضح أن تلك الاعتداءات ألحقت أضرارا مادية بنحو 4 شاحنات، بعدما قطع المستوطنون طريقها ورشقوها بالحجارة ما تسبب في تحطيم واجهاتها الزجاجية الأمامية.وندد متحدث الحكومة الأردنية بـ"التساهل (الإسرائيلي) في التعامل مع المستوطنين الذين يعترضون طريق الشاحنات ويهددون سلامة السائقين".وبين أن هذا الاعتداء "هو الثاني خلال الأسبوع الحالي، بعد تعرض قافلة الأحد الماضي لاعتداء أيضا، ما اضطر شاحنتين إلى العودة للأردن".
وطالب إسرائيل "بتدخل جدي وبعدم التساهل مع من يعيق طريق هذه القوافل الإغاثية التي تشكل خرقا للمواثيق الدولية والاتفاقيات المبرمة".
وأشار المومني إلى أن "جهود الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية (رسمية)، في إرسال المساعدات تصطدم بعراقيل كبيرة، تتمثل بتقديم طلب إلكتروني وبتفتيش مفتوح المدة على المعابر وفرض جمارك مستحدثة، وحصر عملية التفتيش بوقت الدوام".ولفت إلى أن الإنزالات الجوية التي ينفذها الأردن بالتعاون مع دول عربية وغربية (لم يسمها) "غير كافية ولا يمكن أن تكون بديلا عن القوافل البرية".وشدد على أن القيود والعراقيل الإسرائيلية تطيل المدة الزمنية التي تستغرقها القافلة للوصول إلى قطاع غزة حيث تمتد الرحلة الواحدة إلى 36 ساعة، في حين أن الوقت المطلوب هو ساعتان فقط.
وفي وقت سابق أمس الأربعاء، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن 853 شاحنة مساعدات فقط دخلت القطاع خلال 10 أيام، من أصل نحو 6 آلاف شاحنة كان يجب أن تدخل لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات وفق الاناضول.
وأوضح في بيان أن الحد الأدنى المطلوب يوميا لتأمين الاحتياجات الصحية والغذائية والخدمية للفلسطينيين في غزة لا يقل عن 600 شاحنة، ما يشير إلى عجز حاد في تدفق المساعدات.ورغم "سماح" إسرائيل بدخول تلك الشاحنات، فإنها سهلت عمليات سرقتها ووفرت الحماية لذلك، وفق بيان سابق للمكتب الإعلامي.ومؤخرا، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن "ثلث سكان غزة لم يأكلوا منذ عدة أيام"، واصفا الوضع الإنساني في القطاع بـ"غير المسبوق في مستويات الجوع واليأس".
وأكدت الأمم المتحدة أن قطاع غزة بحاجة إلى مئات شاحنات المساعدات يوميا لإنهاء المجاعة التي يعانيها جراء الحصار وحرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 22 شهرا.
بؤرة استيطانية غرب الخليل
على صعيد آخر شرع مستوطنون إسرائيليون، أمس الأربعاء، بإقامة بؤرة استيطانية على أراضي بلدة إذنا غرب الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة.
وأفادت مصادر محلية وفق الأناضول بأن مستوطنين شرعوا فجر أمس الأربعاء - تحت حماية قوات إسرائيلية - بإنشاء بؤرة استيطانية على أراض فلسطينية قرب مقام النبي صالح شرق بلدة إذنا غرب الخليل.
وأوضحت المصادر أن المستوطنين وضعوا غرفا متنقلة ومنشآت بعد تنفيذ أعمال تجريف لتلك الأراضي وتسويتها.
وأعلنت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية) أن جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين نفذوا خلال جويلية الفائت ألفا و821 اعتداء في الضفة بما فيها مدينة القدس الشرقية، بينها 466 اعتداء ارتكبها مستوطنون وأدت إلى مقتل 4 مواطنين فلسطينيين.

وأشارت في تقرير شهري إلى "محاولة المستوطنين إقامة 18 بؤرة استيطانية جديدة، ودراسة الجهات التخطيطية المختصة 39 مخططا هيكليا لصالح مستوطنات الضفة الغربية وداخل حدود بلدية الاحتلال في القدس، خلال يوليو الماضي".
إسرائيل تمدد إبعاد مفتي فلسطين عن الأقصى
وقررت إسرائيل تمديد إبعاد مفتي فلسطين والديار المقدسة الشيخ محمد حسين لمدة 6 شهور عن المسجد الأقصى بالقدس الشرقية المحتلة.جاء ذلك في بيان لمحافظة القدس،أمس الأربعاء، نقلا عن المحامي خلدون نجم.
وقال نجم: "قرار نهائي صادر عما يُسمى قائد منطقة القدس بشرطة الاحتلال أمير أرزاني بإبعاد مفتي فلسطين والديار المقدسة سماحة الشيخ محمد حسين عن المسجد الأقصى المبارك لمدة 6 شهور".وأضاف أن القرار جاء بعد إبعاد الشيخ حسين عن الأقصى 8 أيام.
نجم أوضح أن إبعاد المفتي يأتي "على خلفية إلقائه خطبة الجمعة التي استنكر فيها سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".
وفي 25 جويلية الماضي، قالت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، في بيان، إن الشرطة الإسرائيلية اعتقلت الشيخ حسين من داخل باحات المسجد الأقصى.وأظهرت صور اقتياد الشرطة الإسرائيلية للشيخ حسين إلى باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد.وكان الشيخ حسين ألقى خطبة الجمعة في الأقصى أدان فيها الصمت الدولي عن الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين من رفح جنوبي قطاع غزة إلى جنين شمالي الضفة الغربية.
وفي افريل الماضي، اعتقلت شرطة الاحتلال الإسرائيلية خطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد سليم بعد إلقائه خطبة جمعة ركز فيها على حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.وفي حينه جرى إبعاد الشيخ سليم عن الأقصى لمدة أسبوع.
كما أوقفت الشرطة الإسرائيلية أكثر من مرة خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري، وأبعدته عن المسجد لشهور طويلة متقطعة. وهذه الجريمة التي ترتكبها "إسرائيل" ضمن جرائم أخرى لتهويد القدس الشرقية المحتلة، بما فيها المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115