بعد موافقة ما يسمى بالمجلس الوزاري الأمني في على إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة تهدف إلى "منع إقامة دولة فلسطينية".
وتأتي الموافقة الإسرائيلية بعد أيام على إعلان الأمم المتحدة تسارع وتيرة الاستيطان بالضفة الغربية بحيث بلغت أعلى مستوياتها منذ العام 2017 على الأقل.يأتي ذلك فيما تصعد دولة الاحتلال من انتهاكاتها لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة في وقت يتباحث فيه الوسطاء عن الانتقال للمرحلة الثانية.
موقف حماس
واعتبر المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم، أن "تصعيد الانتهاكات الإسرائيلية المتمثلة في القتل اليومي، كما حدث في حي الشجاعية، يعد استمرارا لخروقات الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، ومن شأنه زيادة خطورة الأوضاع الإنسانية".وفي حديثه عن الأوضاع الإنسانية، تطرق قاسم إلى استمرار انهيار المباني المتضررة من القصف الإسرائيلي خلال الإبادة، وذلك على رؤوس ساكنيها. وأشار إلى أن ذلك يعكس "تفاقم المخاطر المحدقة بالأوضاع الإنسانية في القطاع، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي، ومنع عمليات الإعمار، وعدم السماح بإدخال مستلزمات الإيواء المناسبة".
والجمعة، عقد مسؤولون من الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، في مدينة ميامي بولاية فلوريدا الأمريكية، اجتماعا مغلقا لمناقشة التحضيرات الخاصة بالمرحلة الثانية من الاتفاق، وفق بيان نشره المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، عبر منصة شركة "إكس" الأمريكية. ومن المتوقع أن يتصدر الحديث عن المرحلة الثانية من اتفاق غزة، مباحثات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال لقائهما المرتقب في البيت الأبيض في 29 ديسمبر الجاري.
حملة غير مسبوقة
من جانبها قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إنها واجهت خلال أكثر من عامين حملة تضليل إعلامي منسقة بهدف تفكيكها، وإن هذه الحملة بلغت "مستويات غير مسبوقة".
جاء ذلك بتدوينة للوكالة على منصة شركة "إكس" الأمريكية، ذكرت فيها أن "إحدى الخرافات الشائعة في سياق التضليل الإعلامي تفيد بأن الأونروا تُبقي لاجئ فلسطين في حالة لجوء دائمة".وفي تفنيدها لذلك، أوضحت الأونروا أن "اللاجئين، أينما كانوا، يبقون لاجئين في غياب حلول سياسية عادلة ودائمة لمحنتهم".
وأكدت الوكالة الأممية على أن "تفكيكها (الأونروا) لن يُنهي صفة اللجوء عن الفلسطينيين في ظل غياب حل سياسي".وحذرت من أن الجهة التي ستدفع الثمن إزاء ذلك "هم هؤلاء الأكثر فقرا بين لاجئي فلسطين، أولئك الذين يعيشون في المخيمات ولا بديل لديهم عن الأونروا للحصول على الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية".وتابعت: "سيؤدي نشر التضليل الإعلامي إلى تشتيت الانتباه وإلحاق ضرر حقيقي بإحدى أكثر الفئات ضعفا في الشرق الأوسط".
وأشارت إلى أن البديل الحقيقي للاجئين، هو "استثمار حقيقي في السلام وفي مؤسسات فلسطينية مستقبلية مُمكّنة ومؤهلة".
وفي العام 1949 تأسست الأونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس: الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.وخلال عامي الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، تعرضت الأونروا لحملة تضييق إسرائيلية واسعة، واتهمتها تل أبيب في بداية الحرب بدعم هجمات ضدها وتوظيف مسلحين لديها، وهو ما نفته الوكالة الأممية.
كما استهدف الجيش، خلال العامين الماضيين، عددا من المقرات والمنشآت التابعة للأونروا في قطاع غزة من بينها مدارس ومرافق صحية تحولت لمراكز إيواء.وبالعام 2024 أقر الكنيست الإسرائيلي تشريعا يحظر عمل الأونروا، فيما أخطرت إسرائيل الأمم المتحدة رسميا بإلغاء الاتفاقية التي تنظم علاقاتها مع الوكالة منذ عام 1967.
وعقب ذلك، كثفت إسرائيل من استهدافها لمقر الأونروا الرئيسي في القدس الشرقية، حيث اقتحمه جيشها قبل أسبوعين "بالقوة، واستولوا على الممتلكات وبدّلوا علم الأمم المتحدة بالعلم الإسرائيلي"، وفق معطيات الأونروا.كما منعت إسرائيل وعرقلت أنشطة الأونروا في قطاع غزة وقيدت وصول المساعدات الإنسانية الخاصة بها إلى داخل القطاع. وقبيل الإبادة، كانت إسرائيل تقود حملة لتشويه الوكالة وتقليص مواردها، تمهيدا لإنهاء خدماتها وتفكيكها، وفق ما أكدته مستويات فلسطينية خلال الأعوام السابقة.
وتتعاظم حاجة الفلسطينيين إلى الأونروا، تحت وطأة تداعيات حرب إبادة جماعية شنتها إسرائيل بدعم أمريكي على قطاع غزة طوال سنتين، منذ 8 أكتوبر 2023، وحتى دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
خروقات متصاعدة
ورغم مرور 74 يوما على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في قطاع غزة، تتواصل الخروقات الإسرائيلية بوتيرة متصاعدة، ما يضع الاتفاق أمام اختبار حقيقي، ويُنذر بانهياره في ظل تدهور إنساني غير مسبوق وتحذيرات دولية من مجاعة شاملة تهدد سكان القطاع.ميدانيا، شهدت مناطق عدة من قطاع غزة عمليات قصف وتوغلات برية وتجريف واسع، لا سيما في شمال القطاع وشرقي مدينة غزة. وأفادت مصادر محلية باستشهاد ثلاثة فلسطينيين، بينهم امرأة، وإصابة أربعة آخرين في حادثين منفصلين بحيي الشجاعية والتفاح، نتيجة القصف وإطلاق النار.
تُظهر التطورات الميدانية والإنسانية أن اتفاق وقف إطلاق النار يواجه تحديات جدية، في ظل استمرار العمليات العسكرية وتدهور الأوضاع المعيشية. وبينما تتزايد التحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة، يبقى مصير الهدنة مرتبطًا بمدى الالتزام بها، وقدرة المجتمع الدولي على التحرك الفاعل لمنع انزلاق الأوضاع نحو مرحلة أكثر خطورة.
وفي مخيم جباليا شمالي القطاع، توغلت آليات عسكرية إسرائيلية في مناطق متعددة، تزامنا مع إطلاق نار كثيف وتحليق مكثف للطائرات المسيّرة الاستطلاعية والهجومية. ووفق شهود عيان، نفذت القوات الإسرائيلية عمليات تجريف واسعة، ووضعت مكعبات إسمنتية صفراء، في خطوة اعتُبرت تمهيدًا لتوسيع السيطرة الميدانية وبناء مواقع عسكرية جديدة، خاصة في محيط تلة الزعتر ومستشفى العودة ومنطقة الإدارة المدنية.
وأشارت تقارير إلى أنّ نحو 20 آلية عسكرية، بينها جرافات، دمّرت ما تبقى من منازل داخل مخيم جباليا، فيما استُهدف بالرصاص المباشر عدد من مراكز إيواء النازحين، أبرزها مدرستا الفوقة وفلسطين وسط المخيم.
في مدينة غزة، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات نسف كبيرة شرق حي الزيتون، بينما أطلقت طائرات مروحية نيران رشاشاتها الثقيلة باتجاه شرق مخيم البريج وسط القطاع. أما في الجنوب، فشنت الطائرات الحربية غارات عنيفة على المناطق الشرقية لرفح وخان يونس، بالتوازي مع قصف مدفعي استهدف حي تل السلطان غرب رفح، وإطلاق نار من المروحيات باتجاه بلدتي بني سهيلا وعبسان شرق خان يونس.
كما سُمع إطلاق نار كثيف في بيت لاهيا شمال غربي القطاع، فيما أطلقت الزوارق الحربية الإسرائيلية نيرانها باتجاه شواطئ شمال غزة ومدينة غزة، في استمرار واضح للعمليات العسكرية رغم الهدنة المعلنة.
إلى جانب العمليات العسكرية، فاقمت الظروف الجوية القاسية من معاناة السكان. فقد أدى منخفض جوي إلى انهيار مبنى مأهول قرب دوار فلسطين في حي الرمال، وتمكن السكان من النجاة دون إصابات، في حين توفي أربعة مواطنين جراء انهيار منزل لعائلة لبد في حي الشيخ رضوان شمال المدينة.
وأعلنت وزارة الداخلية في غزة وفاة 20 مواطنا منذ بدء وقف إطلاق النار نتيجة انهيار 46 منزلا، في مؤشر على هشاشة الوضع العمراني وغياب مقومات السلامة.
وبحسب الإحصاءات الرسمية، بلغ عدد الشهداء منذ سريان الهدنة 404، والمصابين 1108، إضافة إلى انتشال 641 شهيدًا من تحت الأنقاض. في حين ارتفعت الحصيلة الإجمالية للعدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 70,925 شهيدًا و171,185 مصابًا.
تحذير أممي: شبح المجاعة يهدد غزة بالكامل
على الصعيد الإنساني، أطلقت منظمة الصحة العالمية تحذيرًا شديد اللهجة من خطر مجاعة شاملة في قطاع غزة. وقال مديرها العام، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن القطاع بأكمله قد يواجه خطر المجاعة بحلول منتصف أبريل 2026، خاصة في حال تجدد الصراع أو توقف المساعدات الإنسانية.
وأوضح غيبريسوس، استنادا إلى تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أن ما لا يقل عن 1.6 مليون شخص في غزة يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد حتى منتصف أبريل 2026. وأضاف أن أكثر من 100 ألف طفل و37 ألف امرأة حامل ومرضع قد يعانون من سوء تغذية حاد بحلول الربع الأول من العام المقبل.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن التقدم المحقق في مكافحة المجاعة “هش للغاية”، في ظل الدمار الواسع للبنية التحتية، وانهيار سبل العيش، وتراجع الإنتاج الغذائي المحلي، فضلًا عن القيود المفروضة على العمليات الإنسانية.
كما لفت إلى أن نحو 50% فقط من المرافق الصحية في غزة تعمل جزئيًا، وتعاني نقصًا حادًا في الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية، داعيًا إلى السماح العاجل بإدخال هذه الإمدادات لضمان استمرار الخدمات المنقذة للحياة.