من خلال الولايات المتحدة من أجل نزع سلاح حزب الله . فحجم الضغوط الذي تسلط على لبنان وحكومته ومقاومته غير مسبوقة وتكاد تفجّر الوضع وبسببها يبدو بلد الأرز على المحك أكثر من أي وقت مضى . ففي الوقت الذي أعلن فيه رئيس وزراء لبنان نواف سلام تكليف الجيش بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح بيده قبل نهاية العام، دون التطرق صراحة لمصير سلاح حزب الله، جاء رد المقاومة سريعا من خلال بيان أكد فيه الحزب بأن الحكومة اللبنانية ارتكبت "خطيئة كبرى".
وقال الحزب في بيان "ارتكبت حكومة الرئيس نواف سلام خطيئة كبرى في اتخاذ قرار يُجرّد لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي"، معتبرا أن "لقرار يُسقط سيادة لبنان، ويُطلق يد إسرائيل للعبث بأمنه وجغرافيته وسياسته ومستقبل وجوده، وبالتالي سنتعامل مع هذا القرار كأنّه غير موجود".
وكان سلام قال إن مجلس الوزراء قرر "تكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الجهات المحددة وعرضها على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري".
والمفارقة ان جلسة الحكومة اللبنانية عقدت على وقع تحليق المسيرات الاسرائيلية التي تكاد لا تختفي من الأجواء اللبنانية رغم الهدنة بين تل ابيب والحزب الموقعة يوم 27 نوفمبر 2024 الماضي . ويرى البعض ان خصوم المقاومة في الداخل والخارج يستغلون الصعوبات التي يمرّ بها الحزب خاصة بعد خسارته قيادات الصف الأول خلال الحرب الأخيرة وفي مقدمتهم الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله الذي قدم دماءه فداء للبنان وأرزه وجنوبه في معركة عز وكرامة ضد الصهاينة .
وفي السياق نفسه فان الحزب يمر بصعوبات تتعلق بالتمويل بسبب الرقابة المالية على تحويلاته الخارجية، وكذلك تحديات أمنية تتمثل في فقدانه حليفا أساسيا في دمشق كان يسهل امدادات السلاح للحزب .
في المقابل تعتمد رؤية الرئيس اللبناني جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام على قاعدة احتكار الدولة للسلاح باعتبار ذلك أمرًا حيويًا لاستقرار لبنان. الأكيد ان الرئاسة اللبنانية والحكومة تسعيان الى تجنب الانفجار الذي لا يخدم مصلحة أي طرف في لبنان في حال تم نزع السلاح بالقوة . وفي الحقيقة فان احتكار الدولة للسلاح هو أمر طبيعي في أي دولة مؤسسات ولكن لبنان له وضع خاص ومنذ اتفاق الطائف كانت معادلة الجيش والمقاومة تحمي لبنان من كل الاخطار الداخلية والخارجية . ولكن في خضم التغيرات الجيوسياسية الراهنة ومع تنامي خطر التوغل الصهيوني على المنطقة ، يعتبر تسليم السلاح قفزا في المجهول مع عدو يتربض بلبنان وأرضه وأرزه ومياهه وكل ذرة تراب منه .
ويبدو البلد في مرحلة مصيرية مع تصاعد الضغوط الدولية وربط أي عملية لإعادة اعمار الجنوب بتجريد الحزب من السلاح ، في حين لا تزال إسرائيل تحتل حتى اليوم 5 نقاط استولت عليها خلال الحرب الأخيرة ، فمن سيحمي لبنان دون مقاومة ؟