من خلال عدد مشاريع القوانين الموضوعة على طاولتها والذي بلغ 20 مشروع قانون منها مشروع قانون إرساء المحكمة الدستورية المقدم من مجموعة من النواب ولئن ثمن القوراري مجهود النواب إلا أنه أكد أن المشروع يتضمن فصولا غير دستورية وانتقد تأخر السلطة التنفيذية في تقديم مشروعها، القوراري تحدث أيضا في حواره عن جلسة الحوار المرتقبة مع الحكومة وعلاقتها مع البرلمان والتسابق بين الطرفين في تقديم مشاريع ودعا إلى ضرورة مأسسة العلاقة بينهما للارتقاء بالأداء عبر إحداث هيكل تنسيقي قار، هذا وردّ محدثنا على كافة الانتقادات الموجهة ضدّ البرلمان في علاقة خاصة "برلمان المديونية" الى جانب الحديث عن توجهات الحكومة ومدى تطابقها مع خيارات رئيس الجمهورية.
يستعد مجلس نواب الشعب لعقد جلسة حوار مع الحكومة يوم الجمعة 25 أفريل الجاري حول السياسة التي تنتهجها والنتائج التي تمّ تحقيقها ومدى مطابقتها للتوجهات والاختيارات التي يضعها رئيس الجمهورية، وقد عقد مكتب المجلس أول أمس اجتماع مغلق لكافة النواب تمهيدا لهذه الجلسة الحوارية، فماهي أبرز الاستعدادات والترتيبات؟
إن هذا الاجتماع هو اجتماع ترتيبي لضبط توزيع التوقيت بين الكتل باعتبار أن الجلسة الحوارية غير ملزمة ولا يمكن ترتيب مضمونها والاتفاق سيكون على المحاور الكبرى للنقاش والسياسات العامة، والأكيد أن الجلسة ستخصص للحديث عن التوجهات والسياسات الكبرى لعمل الحكومة في علاقة بالمديونية وإشكاليات التعليم ووضع المؤسسات التربوية خاصة بعد انهيار سور معهد المزونة من سيدي بوزيد والقضايا التنموية ككل، والعنوان الكبير للجلسة الحوارية هو" السياسة التي تنتهجها والنتائج التي تمّ تحقيقها ومدى مطابقتها للتوجهات والاختيارات التي يضعها رئيس الجمهورية" أي مدى تلاءم السياسات العمومية التي يرسمها رئيس الجمهورية مثل ما يضبطه الدستور في الفصل 100 مع ممارسات الحكومة وأدائها لكن النائب حرّ في اختيار مضمون تدخله والغاية الرئيسية من اختيار هذا العنوان هي توجيه الحوار باتجاه تقييم السياسات العمومية للحكومة.
لأول مرة منذ انطلاق البرلمان في عمله يتم اختيار هذا العنوان في الجلسة الحوارية مع الحكومة، لماذا هذا التوجه؟
العنوان في الحقيقة فيه رسالة ورسالة قوية مفادها أن اليوم لا بدّ من تقييم أداء الحكومة بناء على ما يتم ملاحظته وهو أن ما يفصح عنه رئيس الجمهورية من توجهات كبرى لا نجد صداه بالشكل المستوجب والكافي في مستوى أداء الحكومة وأحيانا نجد بعض النصوص في علاقة بقانون المناولة وتسوية وضعية الأساتذة النواب والمعلمين وعمال الحضائر لكن في السياسات الكبيرة مازلنا بعيدين عن وجود تلاءم بين توجهات الحكومة وما يرسمه رئيس الجمهورية من سياسات خاصة مسألة السيادة الوطنية والمديونية، فالخطاب الدعائي المضاد في ظل وجود حالة من التنافر السياسي في الساحة السياسية العامة، هو خطاب سياسي ممزوج ومغلوط في بعض الأحيان ويتجه إلى اتهام البرلمان أنه برلمان "القروض".
بالفعل، وجهت العديد من الانتقادات في الفترة الأخيرة بأنه "برلمان قروض" فما تعليقكم على كذلك؟
هذا ليس أمرا صحيحا، نعم مازال هناك توجه نحو سياسة الاقتراض ولكن ليس بنفس الكثافة التي عاشتها الأفراد التي تتهم البرلمان الحالي كونه "برلمان المديونية" وعليهم عدم نسيان ما تركوه من مديونية بقيمة 117 مليار دينار والحال أن اليوم هناك نوع من الاستقرار في الدين العمومي وفي نفس الوقت هناك ملائمة من الاقتراض وسداد الديون رغم أنني ضدّ سياسة التوجه إلى المديونية وأدعو إلى التفكير في آليات أخرى بديلة التي تمكن فعلا من المرور إلى التعويل على الذات ولا بدّ أن يوظف هذا التداين في مجالات استثمار على الأقل معرفة أين ذهبت هذه القروض ومن حقنا ذلك باعتبار أننا مؤتمنون على مصير شعب، من حقنا أن نعرف عند المصادقة على اتفاقية قرض تحت عنوان المصلحة الوطنية أين مآله، والحكومة أكدت أنها غيرت في تواجهانها وأنها صحيح تلجأ إلى القروض لكن يتم توجيهها إلى الاستثمار على عكس الحكومات السابقة حيث توجه القروض لتعبئة موارد الميزانية وخلاص الأجور وهذا من شأنه أن رفع في نسبة المديونية وإيقاف نسق الاستثمار، وليطمئن قلبي أريد معرفة مآلات هذه القروض ولا بدّ من توضيح هذه النقطة مع إبراز النتائج التي تمّ تحقيقها وحينها سنوجه رسائل طمأنة للتونسيين، دعنا نطمئن نحن كمؤتمنين على هذا الشعب ليطمئن هو بدوره ، وبالتالي الردّ على الخطاب الموجود لأنه لا يمكن أن يصدر تقييم للسياسات المديونية من هؤلاء الذين يعتمدون في خياراتهم الليبرالية والنيوليبرالية على ضرورة الارتباط بالصناديق الدولية والقوى الدولية والارتهان لها في الحقيقة لا يمكن أخذ الدروس من قبلهم.
عدد من النواب ينتقدون غياب التنسيق والتواصل بين الحكومة والبرلمان، فما تعليقك على ذلك؟
منذ تركيز البرلمان الحالي هناك تطور في العلاقة بين الحكومة والبرلمان بشكل عام، في البداية كان هناك نوع من الفهم الخاطئ والتوجهات الخاطئة عند الحكومات في علاقة بالبرلمان أن هذه المؤسسات تشتغل في شكل جزر معزولة عن بعضها البعض بعنوان كل وظيفة لها دورها وتقف عند حدود وظائفها وكان هناك توجه في الحقيقة نحو العزلة وهو ما يتم ملاحظته من خلال انتقادات النواب للحكومة والتأكيد على غياب التواصل مع الوزراء وعدم قبول عقد لقاءات معهم وهو ما كان له انعكاس على مستوى الجهات بمعنى غياب التواصل بين النواب والولاة، هذا يبدو قد تمّ تعديله نسبيا عندما تحدث رئيس الجمهورية عن انفصال الوظائف فيما بينها لكن في الوقت نفسها متكاملة وبذلك لا بدّ أن يحدث التكامل وأن تقوم كل وظيفة بدورها وعدم تجاوز حدود صلاحيتها وهذا لا ينعكس نسبيا على تطور علاقة النواب مع الوزراء وبمصالحهم الجهوية والمحلية وأصبح هناك نوع من العمل المشترك على الأقل لكن حسب اعتقادي مازلنا بعيدا عن ما نصبو إليه لأننا نريد اليوم مأسسة العلاقة بين الحكومة والبرلمان والنوايا الطيبة لا تكفي واللقاءات أيضا لا تكفي ولا بد من مأسسة العلاقة للارتقاء بالأداء ولذلك لا بدّ أن يكون هناك هيكل تنسيقي قار بين البرلمان والحكومة مثلما هو موجود في عدة دول يعني هذا الهيكل التنسيقي سيمكن من تسهيل العمل الحكومي والبرلمان وليس من المعقول أن يشتغل كل من البرلمان والحكومة في نفس الوقت وكأن هناك نوع من التسابق حول تقديم مشروع قانون وهذا الوضع لا يستقيم، فالحكومة تعدّ مشاريع قوانين والنواب يقدمون مبادرات تشريعية في نفس الموضوع لينطلق التسابق من يكون الأول لعرض مشروعه على الجلسة العامة، لا بدّ من الخروج من هذا الوضع ولا بدّ حينما تتعهد الحكومة بأن لها مشروع وستعرضه قريبا مع الالتزام بالآجال أن تترك المجال للنواب لتقديم مبادرات أخرى لتفادي الوقوع في الإشكاليات القائمة حاليا على غرار مقترح المحكمة الدستورية.
بالحديث عن مقترح إرساء المحكمة الدستورية المعروض على طاولة لجنة التشريع العام، ما هو رأيكم من المشروح المطروح؟
المشروع المقدم إرساء المحكمة الدستورية هو مبادرة مقدمة من قبل مجموعة من النواب بأنه تأخر تقديم مقترح مشروع من الجهة الحكومية ونعرف أن مصالح الوزارات ورئاسة الحكومة لديها من المختصين في شؤون التشريع للتسريع بتقديم مشروع لإرساء المحكمة الدستورية وتمنينا لو أن هذا العمل مشتركا بين الوظيفة التشريعية والوظيفة التنفيذية وليس من المعقول أن تحدد السلطة التنفيذية توقيت النظر في هذه المشاريع فهناك زمن تشريعي معقول نحترمه وعند تجاوزه تأتي المبادرات، فمشروع قانون المحكمة الدستورية رئيس الجمهورية هو طرف رئيسي في الدفع بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية وبالتالي لا يمكن أن ينجز قانون المحكمة الدستورية دون تنسيق مع مصالح الوظيفة التنفيذية لكن تأخير تقديم المشاريع من قبل السلطة التنفيذية له ارتدادات، حيث أن المشروع المقترح حاليا يضمّ فصولا غير دستورية أصلا رغم أنني أثمن الجهد التشريعي الذي قام به النواب وهو جهد محترم جدا ولا بدّ من تقدير إرادة النواب في المضي نحو وضع نصوص تشريعية لكن يبدو أن هناك خطأ في التقدير أو في القراءة في علاقة بملائمة هذا النص بمقتضيات بدستور 2022.
على طاولة لجنة التشريع العام أكثر من 18 مشروع قانون وقد ضبطت اللجنة مجموعة أولية سيتم النظر فيها قبل العطلة البرلمانية، فكيف سيتم تقسيم التوقيت للنظر في كل مشروع وستتمكن اللجنة من مناقشة الدفعة الأولى؟
نعم على طاولة اللجنة 20 مشروع قانون وإذا اعتبرنا وجود مقترحات تتعلق بنفس الموضوع وإذا تمّ ضمنهم فنصبح نتحدث عن 18 موضوع تشريعي وقد عقدنا جلسة نهاية الأسبوع الفارط بعد انعقاد مكتب البرلمان وانتظار الإحالة الرسمية لمشروع قانون المحكمة الدستورية وقد أرجت اللجنة ضمن المجموعة الأولية هذا المشروع كعنوان دون الاطلاع على مضمون فصوله، وكان هناك خيارين اثنين بين اعتماد الترتيب الزمني لورود مقترحات القوانين وبين الاعتماد على محورية ومركزية المشاريع المعروضة وانتهينا إلى ضرورة المراوحة بين الخيارين، القوانين التي طال أمدها على طاولة اللجنة بسبب كثافة التزاماتها ومن ناحية أخرى اختيار المحاور ذات أهمية ولا تحتمل مزيد الانتظار منها ما يتعلق بالشأن القطاعي كالمستشارين الجبائيين وعدول الإشهاد ومنها ما يتعلق بمحاور سياسية تشغل الفضاء السياسي العام مثل المرسوم عدد 54 والمحكمة الدستورية والمجلة الجزائية ومسألة تركيز البلديات والحال أن البلاد قادمة على انتخابات بلدية وبذلك راوحت اللجنة بين هذه الخيارات وأقرت القوانين القطاعية والمحكمة الدستورية والمرسوم 54 المثير للجدل والبلديات الجديدة مع إحداث سقف زمني وهو قبل العطلة البرلمانية وهو ما يقتضي الترفيع في نسق عمل اللجنة بالرغم من أن ثقل العمل البرلماني مسلط عليها واللجنة ستتحمل مسؤولياتها في ذلك.