كلما تعمقت الأزمة أكثر، فقد نظمت أمس على سبيل المثال وقفة احتجاجية بمدينة الرديف احتجاجا على الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشراب مطالبين بحقهم في الماء.
نفذ صباح أمس عدد من أهالي مدينة الرديف من ولاية قفصة وقفة احتجاجية أمام مقر المعتمدية احتجاجا على الانقطاعات المتواصلة للماء الصالح للشراب. وقام الأهالي في خطوة تصعيدية بغلق مقر فرع الرديف للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه ومغسلة الرديف التابعة لشركة فسفاط قفصة نتيجة عدم ايفاء السلط المحلية والجهوية بتعهداتها المتمثلة في ضخ شركة فسفاط قفصة الماء الصالح للشراب لمدة 12 ساعة لفائدة الأهالي، وطالب المحتجون بحقهم الطبيعي والمشروع في الماء الصالح للشرب الذي يكفله كل دستور في العالم .
الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشراب بالرديف هي عينة من انقطاعات تشهدها عدة مدن وولايات ووفق تقرير المرصد الاجتماعي التونسي التابع للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنصف الاول من سنة 2025 ، حول الحراك الاجتماعي ، فان انقطاع مياه الشرب كانت دائما من بين أسباب الاحتجاجات، حيث يشير في التقرير الى " تواصل حالة عدم الرضا لدى عموم التونسيين والتونسيات، بسبب تردي الأوضاع داخل المؤسسات التربوية والصحية ورداءة الطرقات والمسالك الفلاحية وحالة العزلة المفروضة على جزء منهم، وارتفاع الأسعار وتدني المستوى المعيشي وصعوبة مواجهة متطلبات الحياة.. فضلا عن احتجاجه عن سوء البنية التحتية وتردي الوضع البيئي والخدمات الإدارية العمومية وضعف أسطول النقل، وتواصل انقطاع مياه الشرب وتذبذب نسق التزود بها.."
وتمثل احتجاجات "العطش" خلال النصف الاول من سنة 2025 ، حوالي 85 تحركا من بين قرابة 1254 تحركا في الجملة، هذه الارقام سجلت خلال السداسي الاول وعادة ما يرتفع نسق هذه الاحتجاجات مع ارتفاع درجات الحرارة وخاصة خلال شهر جويلية وبالتالى فان هذه التحركات ستظهر أكثر خلال تقرير شهر جويلية كما كان الحال في السنة الماضية حيث تصدرت " احتجاجات العطش " المشهد.
وبالعودة الى تقرير شهر جويلية لسنة 2024 ، اكد المنتدى ان أزمة العطش ومشكل الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشراب ومشكل التزود بالماء، مثل الدافع الاول للتحركات المواطنية ( السكان) التي شهدها جويلية أين كانت حاضرة في أكثر من 20% من الاحتجاجات- 245 تحركا-. ورصد فريق عمل المرصد الاجتماعي التونسي، تنظيم المئات من المواطنين/ات، وقفات احتجاجية متزامنة في مناطق مختلفة من ولايات الجمهورية، كانت في غالبيتها متبوعة بخطوات تصعيدية، وسجلت غلق الطرقات الوطنية والجهوية وتعطيل الأنشطة والتجمع أمام مقرات الولايات والمعتمديات للضغط على السلطات الجهوية ودفعها للوضع حد للانقطاعات المتواصلة والمتكررة لماء.
ولم تشمل إحتجاجات الماء السكان المعنيين بتوفير مياه الشرب فحسب، بل تخطت ذلك حيث تم تسجيل تحركات واسعة النطاق في الأسابيع الأخيرة من شهر جويلية 2024 من قبل الفلاحين الذين عبروا عن تذمرهم من نقص مياه الري، باعتبار انهم اصبحوا عاجزين على مجابهة حالة الجفاف التي تسببت في تضرر كميات كبرى من محاصيل الحبوب والاشجار المثمرة خاصة في مناطق الشمال الغربي للبلاد.
مدينة الرديف من ولاية قفصة تشهد كل صائفة انقطاعات متكررة للماء و هو ما ولد موجة من الغضب و حالة من الاحتقان (مظاهرات و اعتصامات بمقر المعتمدية) لتطلق بعدها شركة الصوناد جملة من الوعود بتحسن الوضع تدريجيا لكن ظل الامر على حاله . وافاد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ان الوالي خلال مجلس جهوي حول المسالة التنموية بمدينة الرديف يوم الجمعة 11 جويلية 2025 استدعى اليه ممثلو الادارات الجهوية و من بينهم ممثل عن شركة فسفاط قفصة و مدير شركة الصوناد و قد تعهد في هذا الاجتماع بان يتم التنسيق مباشرة مع الرئيس المدير العام لشركة فسفاط قفصة و ضخ الماء لمدة 12 ساعة يوميا سيما في الفترات التي تشهد ارتفاع درجات الحرارة و ارتفاع منسوب الاستهلاك.لكن لم يقع الالتزام بهذا الاتفاق لتتعمق الازمة.