يتعلمون المسرح ومعه يتعلمون كيف يكونوا مواطنين واعين بالحق والواجب، يضحكون ابتسامة النصر ويرحلون بكل تلقائية الى عوالمهم المغرية.
في يوم من اللعب والفرحة وصك مجاني لعالم ابداعي قدمه التلاميذ ضمن فعاليات الملتقى الجهوي للمسرح المدرسي تونس2 الذي احتضنت فعالياته يومي 25و26افريل 2025 دار الثقافة ابن رشيق.
المسرح وسيلة للنقد ولتقديم رسائل تربوية وثقافية
اجتمع تلاميذ من مدارس اعدادية ومعاهد ثانوية في دار الثقافة ابن رشيق، لكل منهم مشروعه الفني والجماعي، في ابن رشيق كانت الاجواء طفولية وابداعية، تميز جميع التلاميذ في تقديم المسرحيات باختلاف مواضيعها وتباينت المستويات والمواضيع لكنهم اتفقوا على المحاولة والابداع، اتفق الجميع على قيمة المسرح اداة للتغيير وتكوين تلميذ واع يعرف مساحته الابداعية ويمتع الجمهور بالياته الفنية.
على ركح دار الثقافة ابن رشيق لعب التلاميذ واستمتعوا بأدائهم امام الجمهور، تلاميذ اعدادية ومعهد بوقطفة، معهد سيدي حسين، اعدادية نهج كارتشو باردو واعدادية المنار واعدادية حي الواحة، اختلفت الجغرافيا واشتركوا في التميز لعبا وتناصا مع النص والفكرة، اغلب العروض المسرحية التزمت بالمعايير الفنية والبيداغوجية واشركت التلميذ في قيم اجتماعية وثقافية وانسانية.
اشتركت اغلب العروض المسرحية في قضايا تهمّ التلميذ ومنها عدد ساعات الدرس وحاجته الى نوادي ثقافية، طرح موضوع علاقة التلميذ باساتذته ومدى صحية العلاقة بين استاذ المسرح واساتذة الفنون والتلاميذ فهم يشتركون في مساحة الحرية والابداع، قدم التلاميذ لاترابهم دروسا في ضرورة الحفاظ على معدات المعهد وضرورة احترام المؤسسة التربوية لانها ملك جماعي وليست فردي يمكن تخريبه.
اشترك التلاميذ في دعوة اترابهم لضرورة الحرص على التعلّم فالمعدل ليس المهم بل المهم اكتساب خبرات ومهارات تساعد التلميذ ارتقاء السلم الدراسي ثم الحياتي، امام الجمهور واغلبه من العائلات والاولياء والمؤطرين وتلاميذ كانت المشاركات والرسائل الموجهة تصل مباشرة الى المتلقي علّه يتعض من الخطئ، فللمسرح المدرسي دور توعوي وتربوي وهو ما اشتغل عليه اغلب الاساتذة المؤطرين.
لان فلسطين قضية الجميع، ولان نضالات الفلسطينيين تدرّس ولان الحق في العودة حق لكل الفلسطيننين ارتفعت اصوات التلاميذ عاليا بشعار تحيا فلسطين، ففلسطين فكرة ووطن حضرت في اغلب العروض المسرحية تقريبا، فلسطين فكرة للدفاع عن الارض والتمسك بحق الانسان في حياة كريمة من القيم التي يتعلّمها التلاميذ، فالالتزام ومعرفة الحق من فؤائد المسرح ايضا.
المسرح فنّ نبيل يعلّم الانسان ان يكون واعيا وقادرا على التحليل، المسرح مسؤولية والمسرح المدرسي فعل انساني وثقافي جدّ مهم، فهو الخلية الاساسية للابداع ومنذ انطلاق التجربة في اكتوبر 1963 ببعث فرق داخل المعاهد اصبحت هناك نواة للنقد ولتعليم الطفل القوانين وابجديات الحياة وقيم المواطنة، ومنذ إدراج المادة التربوية بالمدارس والمعاهد في 1974 والتلاميذ يتعّلمون كيف يعبرون ويبلغون اصواتهم، لتصبح الحركة التلمذية المسرحية من ايجابيات مشهد الهواية ومن علامات التميز في المسرح التونسي.
مسرحية "هدنة" تاطير محمد برهومي: المسرح التزام بقضايا البيئة
المسرح فضاء للإبداع والنقد ولتعليم الطفل التلميذ العديد من المسؤوليات المجتمعية والانسانية ودوره في هذا العالم، ومن فكرة "الصراع" انطلقت مسرحية هدنة تاطير محمد برهومي واداء تلاميذ المدرسة الاعدادية حيّ الواحة العقبة، وطرحت المسرحية الصراع بين الانسان والحيوان وكيفية الحفاظ على التوازن البيئي وهو موضوع الراهن.
وتحصلت المسرحية على اربع جوائز وهي جائزة تشجيعية لاحسنا داء فردي للتميذ ادم الرحيمي وجائزة احسن لاعبة لملاك منتصر وجائزة ديناميكية ولعب المجموعة وجائزة التميز في اسلوب المعالجة الدرامية.
"هدنة" عمل مسرحي تجريبي ابدع التلاميذ في تقديم شخصياته وخاصة الحيوانية، جميعهم بقميص ابيض وسروال اسود ثم تبنى بقية الشخصية من خلال الاكسسوار او الموسيقى او الحركة، انضباط في اللعب وحفظ للنص واتقان لمخارج الحروف وكيفية التماهي مع الشخصية قدمه تلاميذ الاعدادية، فكانوا هواة يلعبون بروح احترافية ما يكشف قدرة الاستاذ على تمرير المعلومة وتحبيب ابنائه في اللعب المسرحي.
مسرحية هدنة تحمل المتفرج الى عوالم الحيوان، اذ تقرر الحيوانات ان تثور على البشر، تتحدث الحيوانات عن وجعها، فيبكي النمر لانّ جلده يسلخ ويتحول الى حقيبة، وتصرح الفئران بألمها لانّها مادة اساسية للتجارب المخبرية، اما الكلاب السائبة فمصيرها الموت إما سمّا بالرصاص وتبقى دمائها راسخة في التربة، حتى الثيران لم تسلم فكم حيوانا انقرض بسبب لامبالاة البشر وجشعهم؟ هكذا تتساءل الحيوانات بصوت واحد، ثمّ تقرر ان تثور على البشر وتفتك حقها في العيش الكريم لان الأرض تتسم للجميع.
"الارض فعلا تتسم للجميع، ويمكن ان نعيش جميعنا بسلام" هكذا يقول الوزير لملكه بعد ثورة الحيوانات، في المسرحية الكثير من الاسقاطات الاجتماعية والقيمية والسياسية، عمل نقدي يعلّم التلميذ كيف يحافظ على بيئته وكيف يكون فاعلا وقادرا على اتخاذ القرار لانقاذ المجموعة في الوقت المناسب.
"هدنة" مسرحية تربوية مليئة بالرسائل المشفرة، عمل يدعوا الى الحقوق والحفاظ على التوازن البيئي ويسلط الضوء على انانية البشر في استغلاله للثروة الحيوانية والطبيعية، عمل يبعث رسائل انذار للبشر علّه يستفيق من انانيته ويعرف انّ العبث بالطبيعة نتيجه اليمة، وهي رسائل قدمها تلاميذ يافعين يتعلّمون عبر المسرح كيف يكونوا مواطنين، وفي التزام الاستاذ بالقيم الكونية يصبح العمل اكثر جمالية.