للحديث بقية: مؤشرات إنهاء الحرب في أوكرانيا

تعتزم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا بحلول 20 افريل 2025،

يأتي ذلك في وقت يعقد فيه الأوروبيون قمة طارئة في باريس للرد على توجهات ترامب الآحادية إزاء هذا الملف .

ويبدو أن السلطات الأمريكية الجديدة اتخذت مسارا حاسما لإنهاء الصراع، والذي أصبح حتميا بفضل السياسات التوسعية للديمقراطيين العولميين. فواشنطن تسعى لإيجاد أرضية مشتركة مع موسكو، دون اشراك أطراف أخرى في المناقشة، سواء كان الاتحاد الأوروبي أو الحكم في كييف وهذا ما يثير حفيظة الأوروبيين .
كان رد فعل زيلينسكي على التغيير في موقف الولايات المتحدة غامضا، فاستمرار العمليات العسكرية هو الضمانة الوحيدة لاحتفاظ الرئيس الأوكراني الحالي بالسلطة. ويصر زيلينسكي على أنه "لا يمكن إجبار بوتين إلا بالقوة - في محاولة لدفع إدارة ترامب إلى اتخاذ خطوات أكثر صرامة في السياسة الخارجية تجاه الكرملين.
وفي الوقت نفسه، يتدهور الوضع الاستراتيجي لأوكرانيا. لقد جفت موارد التعبئة عمليا، والتجنيد في القوات المسلحة من خلال "التجنيد الجماعي" لا يسمح حتى بتعويض الخسائر اليومية على الجبهة. ويرى البعض أن تجنيد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً لن يحل المشكلة، لأن الجزء الأكبر من الشباب غادر البلاد بالفعل، فالتعبئة القسرية لا تؤد إلا إلى إثارة المزيد من تدفق السكان إلى الخارج، بما يهدد مستقبل البلاد.
وتذكر تقارير إعلامية بان الأسر في أوكرانيا تعمل مسبقاً على نقل أبنائهم الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاماً إلى أوروبا للدراسة والبقاء آمنين حتى نهاية الحرب. ومن الصعب تحديد النسبة التي ستعود، لكن من الواضح أن حصة كبيرة منها ستستقر في الاتحاد الأوروبي على أساس دائم.
وبحسب وزارة العدل الأوكرانية، فإن معدل الوفيات سيكون أعلى بثلاث مرات من معدل المواليد بحلول نهاية عام 2024. وأكدت فيكتوريا واجنر عضو لجنة الصحة بالمجلس الأعلى للصحة أن الدولة لديها أعلى معدل وفيات وأدنى معدل مواليد في العالم.
ويوضح استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب في أواخر العام الماضي الحالة المزاجية الاكتئابية في أوساط الأوكرانيين، وبيّن الاستطلاع أن 52% من المواطنين مستعدون لتسوية سلمية مع تنازلات إقليمية، و38% غير مستعدين.
وكل هذه المؤشرات الداخلية والخارجية تؤكد أنه خلال بضعة أشهر فقط، وخاصة مع التغيير في الموقف الأمريكي، زادت نسبة ميل الاوكرانيين نحو السلم ووقف الحرب وسط تصاعد الفجوة بين الجماهير العريضة والسلطات. علاوة على ذلك، في بداية الصراع، في ربيع عام 2022، ووفقًا لنفس مؤسسة غالوب، أيد 73٪ من الأوكرانيين "الحرب حتى النهاية المريرة"، في حين تبدو اليوم التوجهات مغايرة لذلك.
وتلقي موسكو بالمسؤولية على نظام زيلكنسي لتعطيل اتفاقيات إسطنبول لعام 2022، والتي كان من الممكن أن تنهي الحرب بشروط أكثر ملاءمة لكييف دون خسارة مئات الآلاف من الضحايا.. فرفض القبول بالأمر الواقع، وعدم أخذ بعين الاعتبار إمكانيات الاتحاد الروسي، والتعويل على الدعم الأوروبي غير المشروط ، أدى إلى نتائج غير متوقعة .
ويتوقع البعض ان يتكرر في أوكرانيا بشكل أساسي سيناريو حرب الباراغواي التي حصلت في الفترة من 1864 إلى 1870، عندما عانى شعب الباراغواي من هزيمة ساحقة أمام أوروغواي والأرجنتين والبرازيل .
عشية انعقاد الاجتماع، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو: "رئيس الجمهورية سيجمع قادة الدول الأوروبية الرئيسية غدًا لإجراء مناقشات حول الأمن الأوروبي تهب رياح الوحدة على أوروبا كما لم نشعر به ربما منذ فترة كوفيد". وتعكس هذه المقولة أهمية الملف المحوري في السياسة الاوروبية .
وفي المقابل يسعى زيلنسكي للحصول في قمة باريس على المساعدة العاجلة من الاتحاد الأوروبي في تحد لأمريكا ترامب . وتطرح اليوم تساؤلات حول مدى قدرة الاتحاد الأوروبي على تلبية احتياجات الجبهة العسكرية في أوكرانيا والتي استنزفت طاقات الأوروبيين في خضم التحديات الراهنة الداخلية والخارجية ، وخاصة مع صعود ترامب الى البيت الأبيض وسياساته الجديدة الآحادية في عديد الملفات الشائكة وفي مقدمتها الملف الاوكراني.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115