قمة خماسية في الرياض تسبق قمة عربية طارئة في مصر: نحو تحرّك عربي لمواجهة مخطط التهجير الصهيو- امريكي

تصاعد التوتر في العلاقات بين الدول العربية والولايات المتحدة على خلفية خطته لترحيل وتهجير الفلسطينيين قسرا

وتلويحه بتجميد المساعدات لمصر والأردن إذا رفضتا استقبال لاجئين فلسطينيين من قطاع غزة. وتتزايد الضغوط الأمريكية بشكل غير مسبوق على الدول العربية في خضم ترتيبات ما بعد حرب غزة ووقف اطلاق النار . ويسعى لترامب لتنفيذ هذا المشروع الصهيو أمريكي الذي فاق كل التوقعات وضرب بعرض الحائط كل المواثيق الدولية .

ولئن قوبل هذا المخطط برفض قاطع من القاهرة وعمان والسعودية، حيث أكدتا تمسكهما بعدم القبول بأي مشاريع تهجير للفلسطينيين، فانه تجري ترتيبات لعقد قمة خماسية في الرياض تضمّ مصر والسعودية والإمارات والأردن وقطر، بهدف تنسيق المواقف العربية والإسلامية تجاه خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بالقضية الفلسطينية. ومن المتوقع أن تنعقد القمة يوم 20 فيفري الجاري والتي تأتي في وقت حساس، حيث أعاد الرئيس ترامب الذي تم انتخابه مؤخرا لولاية ثانية ، طرح خطة مثيرة للجدل حول تهجير قسري للفلسطينيين وسط تساؤلات حول توجّهات السياسة الأمريكيّة المستقبلية في المنطقة.وتسعى الدول المشاركة إلى تحديد إستراتيجية موحّدة لمواجهة التحديات المرتبطة بخطة ترامب، خاصّة فيما يتعلق بالفلسطينيين وحقهم المشروع في دولة مستقلة .
وأفادت تقارير أنّ القمة الخماسية ستستضيفها الرياض لتنسيق المواقف قبيل انعقاد القمة العربية في القاهرة في 27 فيفري.وتسعى الدول المشاركة إلى توحيد مواقفها بشأن خطة ترامب، لضمان موقف عربي وإسلامي موحد في مواجهة التحديات المستقبلية.كما يرى متابعون أن القمة ستؤكد على ضرورة الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.لكن رغم الأهداف الطموحة للقمة، إلا أن هناك تحديات قد تعرقل تنفيذ القرارات المتخذة، خاصة في ظل أجندا سياسية منحازة لإسرائيل يعتمدها ترامب منذ دخوله للبيت الأبيض.
إذ جددت مصر، عبر بيانات رسمية وتقارير إعلامية، رفضها التام لأي مخطط يهدف إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه. وأكدت القاهرة أنها لن تشارك في أي إجراءات قد تسهم في تغيير التركيبة السكانية للقطاع، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. هذا الرفض جاء مصحوبا بتأجيل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن، والتي كانت مقررة خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، في إشارة واضحة إلى استياء مصر من التصريحات الأمريكية.
وفي خطوة لافتة، لم يعقد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الذي واشنطن حاليا، أي مؤتمر صحفي أو يدلي بتصريحات رسمية، وهو أمر غير مألوف خلال الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى، مما يعكس حجم التوتر بين البلدين.
رفض شعبي ورسمي للضغوط الأمريكية
من جهته شدد الرئيس السيسي ، في تصريحات إعلامية، على ضرورة إعادة إعمار قطاع غزة ورفض أي سيناريو يفرض تهجير الفلسطينيين قسرا. وحظي هذا الموقف بدعم واسع داخل مصر وخارجها، حيث يرى المصريون والعرب عامة أن تهجير الفلسطينيين لا يخدم القضية الفلسطينية، بل يكرس واقعا جديدا على الأرض يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى فرضه.
ووفق تقارير متعددة فقد أوضحت مصادر مصرية مطلعة أن القاهرة لا تمتلك أي مجال للمناورة في هذه القضية، نظرا لاعتبارات أمنية وسياسية وإستراتيجية. وأكدت المصادر أن مصر، رغم تسهيلها لخروج المرضى والمصابين من غزة، وفتحها المجال أمام مغادرة بعض قادة حماس إذا تم الاتفاق على ذلك، ترفض بشكل قاطع أي محاولات لفرض تهجير جماعي للسكان.
ويرى مراقبون أن الموقف المصري الرافض للتهجير لم يكن وليد اللحظة، بل يأتي في إطار سياسة ثابتة تؤكد على دعم حقوق الفلسطينيين في البقاء بأرضهم. وتعتبر القاهرة أن أي خطوة لإفراغ غزة من سكانها ستكون لها تداعيات خطيرة على الأمن القومي المصري وعلى استقرار المنطقة ككل.
في ظلّ هذا التصعيد، يبقى السؤال مفتوحا حول كيفية تعامل واشنطن مع الموقف المصري والأردني، وهل ستواصل الضغط من أجل تمرير مخطّطات التهجير، أم أنها ستتراجع عن هذه التهديدات في ظلّ الرفض الإقليمي والدولي المتزايد؟.
قمة طارئة 27 فيفري
وفي نفس السياق تستعدّ القاهرة لعقد مؤتمر القمة العربية في نهاية الشهر الحالي تحديدا 27 فيفري الجاري، في تطلّع لطرح جبهة موحدة ضد خطة ترامب. وتسعى القمة إلى بحث سبل مواجهة الضغوط الاقتصادية التي قد تترتب على الموقف المصري والأردني الرافض لخطة ترامب.
ويُنتظر أن تكون القمة العربية في القاهرة اختبارا حقيقيًا للوحدة العربية، حيث ستحدد ما إذا كانت الدول العربية قادرة على تقديم دعم اقتصادي بديل لمصر والأردن، لتعزيز موقفهما ضد الضغوط الأمريكية. ومع تصاعد التوترات، يبقى السؤال الأبرز: هل ستنجح القمة في تشكيل جبهة عربية موحدة، أم أنّ المصالح السياسية ستفرض تباينا في المواقف؟.
وعلى صعيد متصل أكدت مصادر مصرية أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى البيت الأبيض لم تعد مدرجة على جدول أعماله في الوقت الحالي، على الأقل حتى نهاية الشهر الجاري. وتزامنت مع مناقشات هاتفية بين السيسي وملك الأردن، عبدالله الثاني وذلك بعد يوم واحد من لقاء الملك مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. في الوقت ذاته، شهدت الرئاسة المصرية سلسلة من الاجتماعات المكثفة لمناقشة التصور المعد لإعادة إعمار قطاع غزة، وسط تزايد الاتصالات الاستخباراتية مع مسؤولين أمنيين عرب.
وتشير المصادر إلى أن عقد القمة "الخماسية" عربية في الرياض في العشرين من الشهر الجاري، ستكون بهدف جمع زعماء مصر والأردن وقطر والإمارات والسعودية، لمناقشة الأطر المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بما في ذلك التصور المصري بشأن إعادة الإعمار، الذي يتوافق مع رفض التهجير ويساند الحقوق التاريخية للفلسطينيين. وتسبق هذه القمة العربية الطارئة التي ستعقد في القاهرة بأسبوع، وتهدف القمتان إلى توحيد الموقف العربي تجاه الوضع في غزة.
وبحسب المسؤولين المشاركين في تنظيم اللقاءات وتقارير اعلامية، فإن القمة الخماسية قد تسبقها لقاءات منفردة بين الرئيس المصري ومسؤولين آخرين، بهدف الوصول إلى تحرك عربي جماعي يدعم رؤية الدول المشاركة في القمة. كما يهدف التحرك العربي المأمول إلى الحصول على دعم أوروبي من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، بالإضافة إلى التواصل مع أطراف دولية مثل روسيا والصين لدعم موقف الدول الرافضة لخطة ترامب.
مسيرات بالضفة والقدس رفضا لمخطط التهجير
من جهتها دعت حركة حماس،أمس الخميس، إلى "مشاركة الفلسطينيين بالضفة الغربية والقدس المحتلة في الحراك العالمي والخروج بمسيرات حاشدة رفضًا لمخططات تهجير شعبنا عن أرضه ومقدساته".
وأكد القيادي حسام بدران، في بيان نشرته الحركة على حسابها في تطبيق تلغرام: "ضرورة مشاركة أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس بفعاليات أيام الجمعة والسبت والأحد، وإثبات أحقيته في التمسك بأرضه والدفاع عنها، والتشبث بحقوقه ومقدساته".وذكر أن "مخططات الاحتلال على مدار تاريخ الصراع فشلت أمام صمود شعبنا ومقاومته وتحديه".وأضاف بدران: "إرادة شعبنا قادرة على تحطيم أوهام الاحتلال وداعميه في التهجير والترحيل والتطهير العرقي".
وأشار إلى أن ثبات شعبنا في قطاع غزة أمام حرب الإبادة الجماعية على مدار 15 شهرا، وصمود أهالي شمال الضفة أمام عدوان الاحتلال المتواصل، يؤكد مجددًا أن "مخططات التهجير مصيرها الفشل".وشدد بدران على "ضرورة تكاتف الشعب الفلسطيني بكافة فصائله وقواه ومؤسساته، ورص الصفوف والوحدة على خيار المقاومة، ومواجهة جرائم الاحتلال، ومخططات التهجير".
استئناف العمل بالاتفاق
في الأثناء أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس أمس الخميس أنها ملتزمة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة شرط أن تقوم إسرائيل بالمثل، فيما أفاد مصدران مطلعان على المفاوضات المتعلقة بإنقاذ الهدنة بحصول تقدم وفق ''ا ف ب''.
وأكدت حماس في بيان "الاستمرار في موقفها بتطبيق الاتفاق وفق ما تم التوقيع عليه بما في ذلك تبادل الأسرى وفق الجدول الزمني المحدد"، مضيفة أن محادثات القاهرة الهادفة إلى تجاوز المأزق وتنفيذ كامل بنود اتفاق الهدنة كانت "إيجابية".
وأفادت قناة "إكسترا نيوز" الإخبارية ، بأن مصر وقطر نجحتا في "تذليل العقبات التي كانت تواجه استكمال تنفيذ وقف إطلاق النار والتزام الطرفين باستكمال تنفيذ الهدنة".ووضع اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل على المحك بعدما توعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحركة الفلسطينية بـ"فتح أبواب الجحيم" ما لم تفرج بحلول السبت عن "جميع الرهائن" الإسرائيليين الذين ما زالت تحتجزهم في قطاع غزة.
ورددت إسرائيل تلك التهديدات وقالت إنها ستشن "حربا جديدة" في غزة تتيح تنفيذ خطة ترامب لإخلاء القطاع الفلسطيني من سكانه إذا لم تفرج حماس عن الرهائن بحلول السبت.
وبحسب اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 جانفي وتمتد مرحلته الأولى 42 يوما، يُفترض تنفيذ الدفعة السادسة لتبادل الرهائن والأسرى السبت المقبل، لكن حماس أعلنت تأجيلها، متهمة إسرائيل ب"تعطيل" تنفيذ الاتفاق، خصوصا عرقلة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المدمر.
وفي هذا الخصوص، قالت قناة القاهرة الإخبارية،إن شاحنات محملة بمنازل متنقلة ومعدات ثقيلة من بينها جرافات اصطفت عند معبر رفح استعدادا لدخول القطاع الفلسطيني.وأوضح مصدر وفق وكالة ''فرانس براس'' أنّ "الوسطاء أجروا مباحثات مكثفة وتم الحصول على تعهد إسرائيلي مبدئيا بتنفيذ بنود البروتوكول الإنساني بدءا من صباح امس الخميس.
وقال الناطق باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع في بيان "لسنا معنيين بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وحريصون على تنفيذه وإلزام الاحتلال به كاملا"، مضيفا "الوسطاء يمارسون ضغطا لإتمام تنفيذ كامل الاتفاق وإلزام الاحتلال بالبروتوكول الإنساني واستئناف عملية التبادل يوم السبت" كما هو مقرر.وبموجب شروط الاتفاق، سيتم إطلاق سراح 33 رهينة محتجزين في غزة بحلول بداية مارس، في مقابل 1900 أسير فلسطيني في سجون إسرائيل. وتم حتى الآن الإفراج عن 16 رهينة إسرائيليا و765 معتقلا فلسطينيا.وأغلق ما بين 30 و40 شخصا طريق أيالون السريع في تل أبيب، رافعين لافتات تطالب بتأمين الإفراج عن جميع الرهائن.
ومن المفترض أن تشهد المرحلة الثانية من الهدنة إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وإنهاء الحرب. أما المرحلة الثالثة والأخيرة من الاتفاق فستخصص لإعادة إعمار غزة، وهو مشروع ضخم تقدر الأمم المتحدة كلفته بأكثر من 53 مليار دولار.
يأتي هذا فيما قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، إن إسرائيل تتنصل من السماح بإدخال شاحنات المساعدات الإنسانية إلى القطاع، منتهكة بذلك اتفاق وقف إطلاق النار.والاثنين، أعلنت حركة "حماس" تجميد إطلاق سراح أسرى إسرائيليين مقرر الإفراج عنهم السبت المقبل، لحين وقف انتهاكات تل أبيب، والتزامها بأثر رجعي بالبرتوكول الإنساني للاتفاق.
وصرح الثوابتة وفق الأناضول بأن "الاحتلال يواصل تنصله من مسؤولياته، خاصة فيما يتعلق بإدخال الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية إلى القطاع".
وحوّلت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن بالعالم، إذ تحاصرها للعام الـ18، وأجبرت حرب الإبادة نحو مليونين من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء.وأضاف الثوابتة: "نراقب عن كثب سلوك الاحتلال الإسرائيلي، الذي يثبت يوما بعد يوم أنه غير جاد في تنفيذ أي تفاهمات تفضي إلى تهدئة حقيقية".
سيناريوهات أكثر حدة
من جانبه هدد رئيس جهاز الشاباك (الأمن الداخلي) التابع للاحتلال الإسرائيلي رونين بار بالتصعيد الأمني في قطاع غزة، مشيرا إلى أن قواتهم "في حالة استعداد عالية للتعامل مع سيناريوهات مختلفة".
جاء ذلك خلال تفقده للقوات الإسرائيلية جنوبي قطاع غزة وفق هيئة البث الإسرائيلية.وقال بار: "إلى جانب الجهود المبذولة لاستكمال تنفيذ دفعات الإفراج عن المختطفين، فإن القوات على الأرض في حالة استعداد عالية للتعامل مع سيناريوهات مختلفة، بما في ذلك الاستعدادات للتصعيد الأمني في المنطقة".
وتوعد نتنياهو بأنه "إذا لم تُعِد حماس مختطفينا بحلول ظهر السبت، فسيتم إنهاء وقف إطلاق النار، وسيستأنف الجيش الإسرائيلي القتال بكامل قوته حتى الحسم النهائي لحماس".

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115