فيما المجاعة مستمرة في غزة ...حماس ترد على المبعوث الأمريكي لا نزع للسلاح تحت الاحتلال ولا إعمار بلا سيادة

اتهمت حكومة غزة، دولة الاحتلال بمنع دخول نحو

22 ألف شاحنة مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، وتعمّد "هندسة التجويع والحصار والفوضى"، بالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ نحو عامين. في وقت أعلنت فيه وزارة الصحة بغزة، ارتفاع حصيلة الوفيات الناتجة عن سياسة التجويع الإسرائيلية إلى 175 فلسطينيا، بينهم 93 طفلا، منذ بدء الحرب .

السلاح خط أحمر
وفي رد مباشر وحاسم على التصريحات المنسوبة للمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، شددت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على أن سلاح المقاومة ليس ورقة تفاوض، بل "استحقاق وطني وقانوني" لا يمكن التخلي عنه في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن نزع سلاحها لا يمكن أن يكون مطروحا قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس.

جاء بيان حماس كرد على ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن ويتكوف، الذي تحدث عن "استعداد الحركة للتخلي عن سلاحها"، في ما اعتبرته الحركة محاولة للتشويش على موقفها الراسخ من ملفي المقاومة والسيادة الوطنية. وأكدت حماس في بيانها أن سلاح المقاومة "أقرته المواثيق والأعراف الدولية كحق للشعوب الواقعة تحت الاحتلال"، مشددة على أن المساس به يعد مساسا بحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه واستعادة أرضه المغتصبة.

هذا التأكيد يبرز اتساق موقف الحركة مع الإرادة الشعبية الفلسطينية، التي ترى في سلاح المقاومة الضامن الأساسي لعدم التفريط بالحقوق، خاصة بعد عقود من الفشل في انتزاع الحد الأدنى من الحقوق عبر المفاوضات.
زيارة ويتكوف: دعم للرهائن... وتجاهل للغزيين

وزار المبعوث الأمريكي مركز توزيع المساعدات في رفح بقطاع غزة، في جولة ميدانية تحت حراسة مشددة تعكس حجم المخاطر على الأرض، في ظل العدوان الصهيوني المتواصل منذ أكتوبر 2023. وتأتي الزيارة بينما يشهد القطاع انهيارا كارثيا في الأوضاع الإنسانية، حيث تحذر تقارير دولية، من بينها "المرصد العالمي لمراقبة الجوع"، من وقوع مجاعة وشيكة تهدد أرواح مئات الآلاف من الفلسطينيين.
المفارقة أن زيارة ويتكوف التي جاءت تحت عنوان "الاطلاع على المأساة الإنسانية"، تتزامن مع استمرار دعم واشنطن غير المشروط لإسرائيل عسكريا وسياسيا، مما يضع تساؤلات جادة حول جدية الدور الأمريكي في وقف إطلاق النار أو رفع الحصار، فضلا عن إعادة الإعمار.

في هذا السياق المأساوي، قام المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بجولة في غزة و"مركز توزيع المساعدات" في رفح، قبل أن يتوجه إلى "ساحة الرهائن" في تل أبيب للقاء عائلات الإسرائيليين المحتجزين في غزة. وزعم خلال اللقاء أن "معظم سكان غزة يريدون عودة الرهائن لأنهم يريدون إعادة إعمار القطاع".
لكن هذه القراءة التي زعمت كذبا أن رغبة الفلسطينيين في "عودة الرهائن" كشرط لبناء حياتهم، تتجاهل حقيقة أن أكثر من مليوني إنسان في غزة يعانون من حرمان شامل من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الغذاء والماء والمسكن الآمن في ظل استمرار حرب الابادة التي تشنها اسرائيل .
وتبقى الإشكالية الكبرى في ازدواجية الخطاب الدولي، الذي يطالب بوقف الكارثة الإنسانية، دون أن يحمّل إسرائيل، كقوة احتلال، المسؤولية القانونية والأخلاقية عن حصار دام لأكثر من 17 عاما، دمر خلاله الاقتصاد، والبنية التحتية، والنسيج الاجتماعي في القطاع.
أما تصريحات الأمم المتحدة، وإن كانت قوية في مضمونها، لم تواكبها حتى الآن إجراءات سياسية فاعلة للضغط على إسرائيل من أجل وقف العدوان بشكل فوري ودون شروط. بينما تبقى المعالجات التي تقدمها واشنطن أقرب إلى غطاء إنساني، لا يعالج أصل الأزمة، بل يديم الوضع القائم.
وفي خضم ذلك، يعيش سكان غزة بين مطرقة الحصار وسندان المجاعة، بينما العالم يكتفي بالمراقبة. فالجوع ليس عرضا جانبيا للحرب، بل سلاح ممنهج يستخدم في غزة للتطويع والتركيع، وهو ما تؤكده المنظمات الإنسانية نفسها، التي باتت تحذّر مما هو أسوأ من الحرب وهو "الموت البطيء بالجوع".
فما يحدث في غزة ليس أزمة إنسانية فحسب، بل نتيجة مباشرة لسياسات عسكرية واقتصادية هدّامة تمارسها قوة احتلال مدعومة دوليا. وبينما يمضي العالم في تسويق الحلول الجزئية، يظل الأطفال هناك يموتون بصمت.

الاحتلال يراوغ.. والمقاومة تصمد

من جهة أخرى، لم يتردد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي التقى ويتكوف ، في تكرار التزامه بـ"إنهاء الحرب"، لكنه لم يُبد أي مؤشر على قبول المبادرات المطروحة لوقف إطلاق النار أو التخفيف من المعاناة الفلسطينية. بل إن تصريحاته ترافقت مع استمرار عمليات القصف، واستهداف المدنيين، وتدمير البنية التحتية الحيوية في قطاع غزة.
في المقابل، تواصل حماس موقفها القائم على أن أي اتفاق سلام لا يفضي إلى رفع الحصار، ووقف العدوان، وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، سيعدّ محاولة لتكريس الاحتلال بطريقة جديدة. وتُعدّ هذه الرؤية انعكاسًا لموقف وطني واسع، بات أكثر وضوحا في ظل إدراك الفلسطينيين بأن الاحتلال لا يرضخ إلا تحت الضغط وليس عبر التنازلات.

بين نزع السلاح وحق المقاومة
وقالت الحركة في بيان لها إن "المقاومة المسلحة لا يمكن التنازل عنها إلا من خلال استعادة حقوقنا الوطنية بالكامل، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة، والقدس عاصمتها".
ووفق محللين فان المعادلة التي تسعى بعض الأطراف الدولية إلى فرضها، من خلال ربط الإغاثة الإنساننية أو الإعمار بنزع سلاح المقاومة، تعد مخالفة صارخة للقانون الدولي، الذي يضمن للشعوب المحتلةة الحق في المقاومة بجميع الوسائل المشروعة بما فيها الكفاح المسلح.
مجاعة على الأبواب في غزة
رغم الحديث الإسرائيلي عن "تخفيف القيود" على دخول المساعدات إلى قطاع غزة، لا تزال التحذيرات الصادرة عن وكالات الأمم المتحدة، وفي مقدمتها "اليونيسف"، ترسم صورة قاتمة عن الواقع الإنساني المتدهور. فقد عاد تيد شيبان، نائب المديرة التنفيذية للعمليات الإنسانية في "اليونيسف"، من زيارة ميدانية استغرقت خمسة أيام إلى غزة والضفة الغربية المحتلة وإسرائيل، حاملا رواية مؤلمة عن جوع الأطفال، وصدماتهم النفسية، والدمار الذي لم تترك الحرب بقعة خارجه.
بحسب شيبان، فإن علامات المعاناة والجوع أصبحت "ظاهرة على وجوه الأطفال"، في قطاع قتل فيه أكثر من 18,000 طفل منذ بدء الحرب، بمعدل 28 طفلا يوميا. وأوضح المسؤول الأممي أن أكثر من 320,000 طفل دون سن الخامسة يواجهون خطر "سوء التغذية الحاد"، في حين أن واحدا من كل ثلاثة من سكان غزة لا يجدون طعاما لأيام كاملة، مؤكدا أن "مؤشر سوء التغذية قد تجاوز بالفعل عتبة المجاعة".
ووقق خبراء فأن هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات بل إ إنذار مدو عن انهيار وشيك لمنظومة الحياة في القطاع. فالمجاعة، التي لطالما اعتبرتها المنظومة الدولية خطا أحمر، باتت اليوم واقعا يوميا لآلاف العائلات، بينما لا تزال الجهود الدولية مقيدة بإرادة سياسية تتجاهل حجم الكارثة.
ارتفاع عدد شهداء التجويع الإسرائيلي

من جهتها اعلنت وزارة الصحة بغزة، امس الأحد، ارتفاع حصيلة الشهداء الناتجة عن سياسة التجويع الإسرائيلية إلى 175 فلسطينيا، بينهم 93 طفلا، منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023.
وقالت الوزارة على منصة تلغرام: "مستشفيات القطاع سجلت 6 حالات وفاة جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية، جميعها لأشخاص بالغين، نتيجة المجاعة وسوء التغذية".
وأوضحت أن العدد الإجمالي لضحايا المجاعة ارتفع إلى 175، بينهم 93 طفلا.
ووفقا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، يواجه ربع الفلسطينيين في غزة ظروفا أشبه بالمجاعة، حيث يعاني 100 ألف سيدة وطفل سوء التغذية الحاد.
ومنذ بدئها الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بالتوازي جريمة تجويع بحق فلسطينيي غزة حيث شددت إجراءاتها في 2 مارس الماضي، بإغلاق جميع المعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ما تسبب بتفشي المجاعة ووصول مؤشراتها إلى مستويات "كارثية".
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 209 آلاف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
بن غفير يجدد اقتحامه الأقصى
في الاثناء جدد وزير الأمن القومي للاحتلال الإسرائيلي إيتمار بن غفير، صباح أمس الأحد، اقتحامه المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة.
بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، قاد صلاة تلمودية في باحات المسجد، بذكرى ما يسمونه "خراب الهيكل".
وبثت وسائل إعلام عبرية، بينها صحيفة "يسرائيل هيوم" والقناة السابعة، مقاطع مصورة لعملية الاقتحام.
وفي هذه المقاطع ظهر بن غفير رفقة عدد من أتباعه المستوطنين وهم يؤدون صلوات تلمودية في باحات الأقصى..

وفي تصريح له من داخل باحات الأقصى، نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، قال بن غفير: "المقاطع التي تنشرها حماس تأتي في سياق واحد.. محاولتهم للضغط على دولة إسرائيل".
والخميس والجمعة، نشرت سريا القدس وكتائب القسام، الجناحان العسكريان لحركتي الجهاد الإسلامي وحماس، مقطعي فيديو لأسيرين إسرائيليين، وهما في حالة هزال شديد، جراء سياسة التجويع التي تنتهجها تل أبيب في غزة.
ومتوعدا بتهجير الفلسطينيين، أضاف بن غفير: "يجب إيصال رسالة من هنا: احتلال كامل لقطاع غزة، إعلان السيادة على كامل القطاع، القضاء على كل عنصر من حماس، وتشجيع الهجرة الطوعية".
وسبق ذلك، اقتحام مئات المستوطنين الأقصى امس الأحد، حيث أدوا صلوات تلمودية، على مرأى من الشرطة التي تؤمِّن الاقتحامات، ويسيطر عليها بن غفير ضمن صلاحياته.
وحذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من دعوات أطلقتها منظمات استيطانية لتنفيذ اقتحام واسع للمسجد الأقصى، الأحد، في ذكرى ما يسمونه "خراب الهيكل".
واعتبرت الوزارة، في بيان، تلك الدعوات "إمعانا إسرائيليا رسميا في استهداف الأقصى، بهدف تكريس تقسيمه الزماني، ريثما يتم تقسيمه مكانيا أو هدمه بالكامل".
وسبق لبن غفير أن اقتحم الأقصى مرات عديدة، مما أثار انتقادات وغضبا فلسطينيا وعربيا.
ويؤكد الفلسطينيون أن إسرائيل تكثف جرائمها لتهويد القدس الشرقية، بما فيها المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية.
وبموازاة ذلك ينفذ الجيش الإسرائيلي عدوانا عسكريا دمويا ومدمرا على غزة والضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
مسيرة من أجل الإنسانية
في الاثناء تحدى آلاف المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين والمناهضين لإسرائيل الأمطار الغزيرة، ونظموا مسيرات عبر جسر هاربور الشهير في مدينة سيدني الأسترالية.
وشارك في المسيرة، التي أطلق عليها المنظمون اسم “مسيرة من أجل الإنسانية”، عدد من المشاركين الذين رفعوا أواني طهي ومقالي رمزاً للجوع الذي يعانيه سكان غزة.
ووفق تقارير اعلامية، فقد كان من بين المشاركين في المسيرة مؤسس موقع ويكيليكس، جوليان أسانج.
وكانت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز، إلى جانب رئيس وزراء الولاية، قد حاولوا في وقت سابق منع المسيرة من المرور عبر الجسر، الذي يُعد معلماً بارزاً وطريقاً رئيسياً لحركة النقل في المدينة، وذلك بحجة احتمال تسببها في مخاطر أمنية واضطرابات مرورية.
لكن المحكمة العليا في الولاية أصدرت أمس الاول السبت حكماً يجيز المضي قدماً في تنظيم المسيرة.
في سياق متصل قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، إنه ينتظر توافر الشروط المناسبة للاعتراف بدولة فلسطين.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها عقب توقيع أستراليا إعلان نيويورك، بحسب ما أوردته “أيه بي سي نيوز” الإخبارية.
وأفاد ألبانيز بأن الاعتراف بدولة فلسطين لن يكون ممكنا “إلا إذا توافرت الشروط المناسبة”، دون مزيد من التفاصيل بشأن هذه الشروط، مشيرا إلى أن هذا الإعلان لا يمكن إصداره إلا مرة واحدة.
وعلّقت “أيه بي سي نيوز” بأن ألبانيز “يمهد الطريق لتحول تاريخي” في السياسة الأسترالية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتأتي تصريحات ألبانيز في ظل تحركات متزايدة من دول غربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، في خطوة تضيف مزيدا من الضغط الدولي على إسرائيل وسط الحرب المستمرة في غزة والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115