سيناريو الاحتلال الكامل لغزة هل يجازف نتنياهو بتجاوز حدود المناورة السياسية رغم الرفض الدولي ؟

تعثرت مفاوضات التسوية التي تنعقد في الدوحة

رغم كل جهود الوساطة العربية والدولية ، ويبدو ان هدف مجرم الحرب نتنياهو هو مواصلة الحرب من اجل إحكام السيطرة العسكرية على قطاع غزة بالكامل . اذ يناقش قادة الاحتلال الصهيوني خطة جديدة للحرب أفادت تقارير بأنها قد تشمل احتلال كامل القطاع. فبعد حرب التجويع الممنهجة يبدو ان المرحلة القادمة ستكون أصعب في خضم ما يتمتع به الاحتلال من دعم امريكي غير مسبوق .

أهداف صهيونية
وأصر نتانياهو على أن أهداف حرب إسرائيل لا تزال تتمثل بـ "هزيمة العدو، وإطلاق سراح الرهائن ، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا لإسرائيل بعد الآن".
في حين أكد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس امس الثلاثاء أن "هزيمة حماس في غزة مع خلق الظروف لعودة الرهائن، هما الهدفان الرئيسيان للحرب، وعلينا القيام بكل ما يلزم لتحقيقهما".
وفي خضم حالة الإرباك السياسي والعسكري التي تعيشها "إسرائيل" بعد أشهر طويلة أشهر من حرب الإبادة المفتوحة على قطاع غزة، عاد الحديث من جديد داخل دوائر صنع القرار في تل أبيب حول السيناريو الأكثر كلفة والأكثر جدلا وهو الاحتلال الكامل للقطاع. ورغم التصريحات المنسوبة لمكتب رئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو بأن "القرار قد اتُخذ"، فإن الواقع الميداني والسياسي يشير إلى صورة أكثر ضبابية وتعقيدا، يخيم عليها غياب التوافق داخل الكابنيت الأمني، وممانعة متصاعدة من المؤسسة العسكرية الصهيونية.
وتكشف القراءة المتأنية للتصريحات التي نُسبت إلى نتنياهو، أن الخطاب لا يعكس بالضرورة توجها للتنفيذ فورا ، بل يأتي في سياق مزدوج. أولا كرسالة ضغط على حركة حماس في المفاوضات غير المباشرة الجارية، وثانيا كخطوة تهدف إلى تهدئة جمهور اليمين المتطرف وشركائه في الائتلاف الحاكم، الذين يُلحّون على حسم عسكري شامل ينتهي بإعادة الاحتلال المباشر لغزة.
ويبدو نتنياهو، الذي يواجه واحدة من أعقد الأزمات السياسية في تاريخه، عالقا بين مطالب شركائه من جهة، والواقع الميداني الصلب الذي تتمسك فيه المقاومة بمطالبها الشرعية من جهة أخرى. فاحتلال غزة ليس مجرد قرار عسكري، بل تحوّل استراتيجي جذري في إدارة الملف الفلسطيني، قد يحمل معه تداعيات أمنية، وسياسية، واقتصادية، بل وربما داخلية، لا تقل فداحة عن إخفاقات حرب لبنان عام 2006.
ووفق تقارير لا يبدو داخل المؤسسة العسكرية، الحماس حاضرا لسيناريو الاجتياح الكامل. ووفق تصريحاته يفضّل رئيس الأركان الحالي، إيال زامير، استمرار العمليات المحدودة والاستنزاف عبر تكتيكات محلية كالقصف الجوي والدهم النوعي. ويُقدّر قادة الجيش أن الدخول البري الشامل إلى مدينة غزة ومخيمات الوسط سيعرض القوات لخسائر فادحة، وقد يفضي إلى مقتل عدد من المحتجزين الإسرائيليين.
الجيش، بحسب تسريبات إعلامية، يخشى من أن تتحول العمليات العسكرية إلى ورطة طويلة الأمد شبيهة بالوجود الإسرائيلي السابق في جنوب لبنان، مع ما يعنيه ذلك من استنزاف بشري ونفسي ومادي لا يمكن تحمّله على المدى الطويل، خصوصاً في ظل تحديات داخلية اقتصادية، وعزلة دبلوماسية تتسع مع كل تصعيد عسكري جديد ، خاصة وان المجتمع الدولي بات اليوم يغير إستراتيجيته تجاه إسرائيل بعد أن كشفت كل جرائمها الإنسانية التي ترتكبها في غزة ضاربة عرض الحائط كل القوانين الدولية.
وأعلن نتنياهو أخيرا عن نيته عقد جلسة قريبة للكابنيت، في محاولة لاحتواء غضب الوزراء وإعادة ترميم صورة القيادة الموحدة، لكن التسريبات تُشير إلى أن أي نقاش حقيقي بشأن خطة الاحتلال الكامل لم يُطرح فعليا للنقاش، وهو ما يثير التساؤلات حول مصداقية ما يُقال في الإعلام من قرارات "حاسمة" .
ضغوط اليمين
وتضغط شخصيات في اليمين المتطرف، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، باتجاه الحسم الكامل وإقامة إدارة عسكرية إسرائيلية في غزة. هذه التصريحات، وإن كانت تنسجم مع مزاج الائتلاف اليميني، إلا أنها تصطدم مع التقديرات الأمنية والعسكرية، التي ترى أن فكرة "تطهير" غزة بشكل كامل، سواء فوق الأرض أو تحتها، قد تستغرق ما يزيد عن عامين، ولن تكون بلا ثمن باهظ.
ويحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي بدأ فعليا تقليص حجم قواته المنتشرة في غزة، تجنب سيناريو الانجرار إلى مواجهة برية طويلة في المناطق المكتظة، حتى بعد "تطهيرها". كما أن المخاوف من انهيار الجبهة الداخلية في حال استمرت الحرب بهذا النسق من دون نتائج واضحة، تفرض نفسها بقوة على طاولة صنع القرار.
ووفق خبراء، قد لا يكون الحديث عن الاحتلال الشامل هدفا بحد ذاته، بل ورقة ضغط تفاوضية في يد نتنياهو ، أو للرد على انتقادات داخلية، خصوصا من الجيش وقياداته. غير أن اللعب بهذه الورقة سيكون محفوفا بالمخاطر، خاصة إذا تُرجمت التهديدات إلى خطوات ميدانية فعلية تخرج عن السيطرة.
ما يبدو جليا أن إسرائيل لم تتخذ بعد قرارا نهائيا بشأن مستقبل غزة، وما يجري حاليا هو صراع داخلي بين ثلاث قوى: القيادة السياسية التي تبحث عن إنجاز يُسجَّل ، والجيش الذي يحذّر من الانزلاق إلى مستنقع دموي طويل، واليمين المتطرف الذي يُوظف الحرب لبناء سردية أيديولوجية مزعومة تبرر التهجير والسيطرة.
في غياب الكابنيت، وتباين الرؤى داخل الحكومة، وصمود حماس على الأرض، تبدو 'إسرائيل'' في حالة شلل استراتيجي. والنتيجة أن الاحتلال الكامل، رغم التهديد به، يبقى حتى اللحظة أقرب إلى "ورقة مساومة" منه إلى خطة ميدانية جاهزة.
رفض داخلي
من جهته أصدر رئيس أركان الإحتلال الإسرائيلي إيال زامير قرارا بتقليص حجم القوات النظامية، في وقت تتصاعد فيه دعوات سياسية لاحتلال قطاع غزة، فيما وصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت''، القرار بأنه رفض ضمني لضغوط وزراء اليمين المتطرف بالحكومة الإسرائيلية.
وذكرت الصحيفة أن قرار إلغاء أمر الطوارئ الذي مدّد خدمة جنود الاحتياط النظاميين لأربعة أشهر إضافية منذ بدء حرب السابع من أكتوبر، فسر على أنه رد ضمني مباشر على تهديدات بإقالة رئيس الأركان "إذا لم يقبل مقترحات احتلال قطاع غزة بالكامل".
ولم يرد الجيش رسميا على تقارير أفادت بأن شخصيات مقربة من نتنياهو اقترحت إمكانية إقالة رئيس الأركان إذا عارض الخطط الحكومية الداعية إلى احتلال قطاع غزة.وأضافت يديعوت أحرونوت: "يُنظر إلى القرار على أنه رد من زمير عبر الفعل لا بالكلام على المطالب السياسية المتزايدة باحتلال قطاع غزة بالكامل، وهي الخطوة التي تتطلب تعبئة عشرات الآلاف من الجنود لا تقليص حجم القوات".ويعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعاً أمنياً محدودا لمناقشة الخطط العسكرية لغزة، بحسب ما أفادت "القناة 12" الإسرائيلية.
خطة سابقة
ومنذ 17 ماي الماضي، ينفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا بريا باسم “عربات جدعون“، يتضمن التهجير الشامل للفلسطينيين من مناطق القتال، بما فيها شمال غزة إلى جنوب القطاع، مع بقاء الجيش بأي منطقة يحتلها.
ونقلت القناة “12” العبرية الخاصة عن مسؤولين بمكتب نتنياهو لم تسمهم، أن الأخير اتخذ قرارا بالاحتلال الكامل لقطاع غزة، وتوسيع العمل العسكري بضوء أخضر أمريكي ضد حركة حماس، لمناطق يُعتقد أن الأسرى الإسرائيليين فيها.
وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا في غزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية .
وفي 29 جويلية الماضي، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أن نتنياهو عرض على المجلس الوزاري المصغر خطة "مصدقا عليها أمريكيا" لاحتلال أجزاء من قطاع غزة.
وجاءت فكرة "احتلال غزة" عقب تصريحات مثيرة للجدل للرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال فيها، إن "قرار التخلي الإسرائيلي عن غزة قبل عشرين عاما كان قرارا غير حكيم"، في إشارة إلى انسحاب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون من غزة عام 2005.وأضاف ترامب أنه يحتفظ بـ"خطة واضحة" للتعامل مع الوضع في غزة، لكنه فضل عدم الكشف عنها حاليا، مكتفيا بالقول: "الآن علينا إطلاق سراح الرهائن.. وعلى إسرائيل اتخاذ قرار. أعرف ما سأفعله، لكنني لست متأكدا من أنه ينبغي لي الإفصاح عنه".
تنسيق المساعدات
من جانبها زعمت ما تسمى بـ "وحدة تنسيق أعمال حكومة الإحتلال الإسرائيلية في المناطق" امس الثلاثاء إن إسرائيل ستسمح بدخول البضائع إلى قطاع غزة تدريجيا وبشكل يخضع للمراقبة من خلال تجار محليين، وذلك في وقت يحذر فيه مراقبون عالميون من أن مجاعة تتكشف في القطاع مما يؤثر على الرهائن الذين تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس.
.وقال مسؤولون فلسطينيون ومن الأمم المتحدة إن غزة بحاجة إلى دخول حوالي 600 شاحنة مساعدات يوميا لتلبية الاحتياجات الإنسانية، وهو العدد الذي كانت إسرائيل تسمح بدخوله قبل الحرب.
وأثارت صور فلسطينيين يتضورون جوعا، بينهم أطفال، قلق العالم في الأسابيع القليلة الماضية.
من جهتها ، قالت حماس إنها مستعدة للتنسيق مع الصليب الأحمر لإيصال المساعدات إلى الرهائن المحتجزين لديها في غزة، إذا فتحت إسرائيل بشكل دائم ممرات إنسانية وأوقفت الغارات الجوية أثناء توزيع المساعدات.
ودعت الولايات المتحدة و"إسرائيل" في ماي الأمم المتحدة إلى العمل من خلال منظمة تحظى بدعمهما، وهي مؤسسة غزة الإنسانية، التي تستعين بشركة إمداد وتموين أمريكية يديرها مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومحاربون أمريكيون قدامى مسلحون.ورفضت الأمم المتحدة ذلك، مشككة في حيادية مؤسسة غزة الإنسانية، واتهمت آلية التوزيع بأنها عسكرة للمساعدات وتهدف إلى إجبار السكان على النزوح.
واستشهد فلسطينيون بالقرب من المواقع التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية حيث يتم توزيع مساعدات محدودة. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من ألف شخص كانوا يحاولون الحصول على الطعام منذ ماي ، معظمهم بالقرب من مواقع التوزيع التابعة للمؤسسة.وتنفي مؤسسة غزة الإنسانية حدوث وقائع أسفرت عن سقوط قتلى قرب مواقعها، وتقول إن أعنف الوقائع حدثت بالقرب من قوافل مساعدات أخرى.
ووفقا لمسؤولي الصحة بغزة، أسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع منذ ذلك الحين عن استشهاد أكثر من 60 ألف فلسطيني، لكن الإحصاءات لا تفرق بين المقاتلين وغير المقاتلين وفق الأناضول.
عريضة دولية
يتصاعد نداء الصحفيين الدوليين المطالبين بفتح قطاع غزة أمام التغطية بعيدا عن "التضليل" الذي تفرضه أطراف الصراع، أكثر من 100 صحفي ومصور ومراسل حربي، وقّعوا على عريضة تطالب بـ "دخول الصحافة الأجنبية فورا ودون رقابة إلى قطاع غزة".
ووفق تقارير نشرها موقع "سكاي نيوز" البريطانية، وقّع على العريضة صحفيون بارزون يعملون في مؤسسات إخبارية عالمية. وهي جزء من مبادرة "حرية الصحافة"، التي أطلقها المصور الحائز على جوائز أندريه ليون.وجدد هؤلاء دعواتهم لكل من إسرائيل وحماس للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة لتغطية الحرب بشكل مستقل، وهو أمر مُنعوا من القيام به منذ بدء الصراع في السابع من أكتوبر 2023 .وتقول العريضة إنه في حال تجاهلت "الأطراف المتحاربة" هذا النداء، فسيتم دعم الإعلاميين لدخول غزة دون موافقة "بأي وسيلة مشروعة، بشكل مستقل أو جماعي أو بالتنسيق مع الجهات الفاعلة في المجال الإنساني أو المجتمع المدني".
وتنص العريضة أيضا، على: "هناك حاجة ماسة إلى وصول مستقل وغير مقيد للصحفيين الأجانب، ليس فقط لتوثيق الفظائع المُتكشفة، ولكن لضمان عدم إملاء حقيقة هذه الحرب من قِبل أولئك الذين يسيطرون على الأسلحة والرواية"
وأضافت "غزة هي الحالة الأكثر إلحاحا، ولكنها ليست الوحيدة. إنها تعكس أخطر نمط لإسكات الصحفيين وتقييد الصحافة. إذا كان العالم الديمقراطي ينوي حقا التصدي لهذا التآكل في الحرية، فعليه ألا يغض الطرف عما يحدث في غزة".وشددت على أن "الدفاع عن وصول الصحافة إلى هناك هو دفاع عن حرية الصحافة في كل مكان"
وتابعت "لا ينبغي السماح باستمرار حصار إسرائيل للصحفيين الدوليين في غزة".وفي هذا السياق، أوضحت "سكاي نيوز"، أنها وإلى جانب مؤسسات إخبارية عالمية أخرى، اعتمدت على الصحفيين الفلسطينيين والمراسلين المحليين والعاملين في المجال الإنساني لتقديم تفاصيل عما يجري داخل غزة.وعلى الرغم من العمل الذي وصفته بـ"الشجاع والحيوي الذي يقوم به هؤلاء الأشخاص"، تشير مبادرة "حرية التغطية الإعلامية" إلى مقتل ما يقرب من 200 صحفي، معظمهم فلسطينيون، مما يجعل الحرب بين إسرائيل وحماس "الصراع الأكثر دموية للصحافة على الإطلاق".
والشهر الماضي، أصدرت وكالات أسوشيتد برس، وفرانس برس، وبي بي سي نيوز، ورويترز، بيانا مشتركا جاء فيه أن الصحفيين يكافحون أيضا لإطعام أنفسهم وعائلاتهم أثناء عملهم نيابة عن مؤسساتهم في غزة.وصرّح رئيس منظمة الصحة العالمية بأن غزة تعاني من "مجاعة جماعية من صنع الإنسان" بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على المساعدات للقطاع.إلى جانب السماح الفوري للصحفيين الأجانب بدخول غزة، دعت عريضة "حرية الإبلاغ" إلى احترام وضع الصحفيين المحمي بموجب القانون الدولي، ودعم الحكومات ومنظمات حرية الصحافة.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115