على هامش انطلاق البكالوريا : أي تعليم نريد؟

مع انطلاق الدورة الرئيسية لبكالوريا 2024 التي يخوضها 140 الف،

تبرز بشكل ملح اليوم الحاجة في تونس إلى الإجابة عن سؤال أساسي يمكن أن يجزأ الى قسمين، أولهما هو أي تعليم نريد، ونصفه الثاني كيف نحقق ذلك؟.

سؤال ظل يطرح في تونس طيلة سنوات وقد بدأت منذ أشهر عدة في مسار يستهدف إصلاح شامل لمنظومة التعليم، وهي المحاولة الثانية خلال السنوات العشر الأخيرة لمعالجة ملف التعليم في البلاد الذي بات يمثل أحد عناوين الكبرى المطروحة اليوم على الطاولة بهدف الوصول الى اجابة السؤال المذكور أعلاه.

سؤال لا يمكن ان تكون الاجابة عنه معزولة عن واقع البلاد وحاجياتها التي تجعل من محاولة تكرار كلي للتجارب المقاربة على أهميتها واعتبارها تحمل الجواب الشافي خطأ يفاقم من الاشكالية الراهنة للتعليم التونسي الذي لازال في ظل الصعاب والإشكاليات الهيكلية التي تعتريه قادرا على إفراز أجيال جديدة من حملة الشهائد العليا الأكفاء رغم كل المؤشرات التي تفيد بأننا على نظامنا التربوي اقترب من الاهتراء.

اهتراء حجبته أعداد الحاصلين على الشهادات المنظرة في امتحانات وطنية وإعداد الخريجين من الجامعات والمعاهد العليا فلم تسمح بإدراك أن نظامنا التربوي وإن كان يفرز سنويا آلاف الخريجين لأن جزء غير هين منهم يعانون من تحصيل معرفي وعلمي محدود خاصة ينعكس لاحقا على فرصهم في الحصول على وظائف سواء في السوق التونسية او خارجها.

تراجع التحصيل المعرفي والعلمي هو احد عناوين الاشكالية المخفية التي تواجه منظومة التعليم في تونس التي ومنذ سنوات باتت محل نقاش مجتمعي ورسمي يبحث عن تحديد مكامن الخلل وكيفية اصلاحه، من منطلق سمته الاساسية الانطلاق من المنظومة الحالية دون مساءلته او تقييمها موضوعيا الذي يضع في عين الاعتبار جملة من الأسئلة في مسار التقييم.

تقييم يأخذ بعين الاعتبار مسألة الجودة والمهارات والمعارف التي يكتسبها المتعلم وافاق وإمكانيات التطور التي تفترض ان المسألة التعلمية تتجاوز اطار المدرسة او المعهد والكلية لتكون في فضاءات عمومية اشمل تتكاتف لتجيب عن أسئلة تتعلق بجوهر العملية التعليمية والتربوية والهدف المرجو منها والقصد هنا ما هو هدفنا كمجتمع ودولة من المنظومة التعليمية، هل هو انتاج اطارات واداريين مختصين و يد عاملة عالية الكفاءة او المساعدة على بناء المجتمع التونسي وتضامن أفراده في إطار تصور شامل وعام لا يهدف الى فرض نمط معرفي بقدر سعيه لتميكن أفراد المجتمع من مكتسبات معرفية ومهارات تقنية وعلمية لتحسين حياتهم وتحقيق الذات. اي هل نهدف من منظومتنا التربوية المساهمة في تغير الواقع الاجتماعي التونسي ام ان ننتج يد «حرفيين» و»إداريين» وأكاديميين» يمكنهم إنجاز مهام محددة؟ مع الاشارة ان الهدفين يفترض انهما متكاملان لا يتناقضان.

فالتعليم العصري ليس فقط محاولة لمسايرة سوق العمل وتوفير يد عاملة له او ضمان اطارات لتسير الدولة بل هو محاولة لتلبية احتياجات وحاجيات المجتمع بنتوعه وتعدده .

مجتمع يشقه اليوم انطباع بان المنظومة التعليم بشكلها الحالي اقرب الى «استثمار فاشل» اقتصاديا واجتماعيا يفرض مراجعته لكن قبل كل شي يفرض الاجابة عن سؤال جوهري ماذا نريد من التعليم؟ الذي وان كان بسيطا في ظاهره، لكنه يستدعي عملا ومثابرة وفهما دقيق للمنظومة التربوية يتجاوز اعتبارها مجال منافسة مرتبط باختبارات القراءة والعلوم والرياضيات، بين الافراد او الكيانات او الدول

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115