وفي هذا العام ، يأتي هذا اليوم مُحمّلا بأحداث مأساوية لا تنسى. ففي ظل تلك الأجواء المأساوية، يقبع قطاع غزة المحاصر تحت وطأة حرب ضروس أودت بحياة آلاف الأطفال الأبرياء. وفي واحدة من أكثر الأحداث المؤلمة والمأساوية في التاريخ الحديث، تعرضت غزة لحرب إبادة تستمر إلى اليوم وسط صمت دولي وعجز عن وقف آلة الحرب الصهيونية. وفيما كانت الحروب والنزاعات السابقة قد خلفت آثارا مدمرة على مستقبل الأطفال في المنطقة والعالم، فإن حرب غزة الأخيرة تجاوزت كل التوقعات بحصيلتها الفظيعة.
إذ أسفرت الحرب الدموية التي تشنها إسرائيل في غزة منذ شهر أكتوبر 2023 عن استشهاد 15 ألف طفل بريء. قطاع غزة، المعروف بمعاناته المتواصلة، يعاني الآن من الدمار والدموية بشكل لا يصدق. حيث تتعرض المدارس ورياض الأطفال والمستشفيات للهجمات المستمرة، مما يضع الأطفال في وضعٍ لا يُحسد عليه، حيث يجدون أنفسهم محاصرين بين جدران العنف والدمار.هذه الحرب الدامية ليست مجرد صراع سياسي، بل هي مأساة إنسانية تؤرق الضمير وتهز القلوب. إنها تذكير مرير بأنّ الأطفال ليسوا مجرد أرقام إحصائية، بل هم أرواح بريئة تحلم بحياة آمنة ومستقبل واعد.
بحسب التقارير الواردة، بلغ عدد الأطفال الذين فقدوا حياتهم في هذه الحرب المروعة 15 ألف طفل، ومن بينهم غالبية كبيرة من طلاب المدارس ورياض الأطفال. إلى جانب هذا العدد المروع، فقد تم تسجيل وفاة 64 طالبا من مدارس الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، مما يبرز مدى تأثير هذه الحرب المأساوية على مستقبل الأطفال وتعليمهم.
وتجاوزت الآثار النفسية والاجتماعية لهذه الحرب حدود الوصف، حيث يعيش الأطفال الناجون منها في حالة من الخوف والقلق المستمر، معانين من الصدمة والانعزال والاكتئاب. إن هذه الوضعية تشكل تحديات هائلة أمام المجتمع الدولي، وتستدعي استجابة فورية وجادة لحماية حياة ومستقبل هؤلاء الأطفال.
"أطفال غزة''
من جانبها أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي أن أكثر من 15 ألف طفل استشهدوا منذ بدء الحرب الإسرائيلية المستمرة ضدّ قطاع غزة.وقالت إنّ غالبية هؤلاء الشهداء الأطفال هم من طلبة المدارس ورياض الأطفال، إضافة إلى 64 طالباً من مدارس الضفة الغربية، بما فيها القدس.
وذكرت، في بيان لها بمناسبة اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء، الذي يصادف الرابع من جوان من كل عام، أنّ هذه المناسبة عنوانها الأبرز ''أطفال غزة''، وذلك باعتبارهم أكبر ضحايا عدوان الاحتلال المتواصل منذ السابع من أكتوبر الماضي، وهم الذين يدفعون ثمناً باهظاً نتيجة هذا العدوان وآثاره الجسيمة بحقهم.وأكدت الوزارة أنّ الاحتلال الإسرائيلي دمّر المدارس ورياض الأطفال، واستهدف المدنيين من ذوي الأطفال على وجه التحديد وقتلهم وهجرهم قسراً واعتقلهم وحرمهم من المأكل والخدمات الصحية، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة، التي تمثل جرائم تجاوزت الأعراف والمواثيق ومنظومة حقوق الإنسان.
وأوضحت أنه منذ بدء الحرب على قطاع غزة، حرم 620 ألف طالب من الذهاب إلى مدارسهم، و88 ألف طالب من الذهاب إلى جامعاتهم، فيما يعاني معظمهم من صدمات نفسية، وظروف صحية صعبة.وطالبت الوزارة، في ذات الوقت، من المنظمات والهيئات الأممية والمؤسسات المدافعة عن الأطفال والحق في التعليم، إلى وضع حد للانتهاكات المتصاعدة ووقف الجرائم التي يقترفها الاحتلال بحق الأطفال والطلبة والكوادر التربوية والأكاديمية في المحافظات كافة، والتدخل العاجل والفوري لوقف هذا العدوان على غزة، واعتداءات جيش الاحتلال والمستعمرين في الضفة.يشار إلى أن أكثر من 36 ألف شهيد، وأكثر من 82 ألف جريح سقطوا في قطاع غزة، منذ بدء الحرب الإسرائيلية، أغلبيتهم من النساء والأطفال.
توافق دولي حول وقف الحرب
من جهته أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس الثلاثاء، أن هناك توافقا بالمجتمع الدولي على ضرورة وقف الحرب الإسرائيلية بقطاع غزة .
وقال الوزير شكري، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره القبرصي كونستانت نوس كومبوس في ختام مباحثاتهما بالقاهرة ، إن "هناك إرادة سياسية قوية لتنسيق العمل المشترك بين مصر وقبرص في مجالات عديدة، ومباحثاتنا تركزت على مستجدات الحرب في قطاع غزة، وطالبنا بتنفيذ وقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية".وأوضح أنه تم خلال اللقاء مناقشة جهود قبرص في إدخال المساعدات إلى قطاع غزة عبر الطرق الملاحية، مشيرا إلى أن "مصر انخرطت شهورا طويلة مع الولايات المتحدة وقطر في إطار الوصول إلى وقف لإطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى والمحتجزين، ونعمل على التنسيق المكثف من أجل إدخال أكبر قدر من المساعدات إلى الفلسطينيين في قطاع غزة".
وأضاف الوزير شكري أن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية يشهد تناميا ملحوظا يعكس التمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني" ، لافتا إلى أن "الجانب الفلسطيني من معبر رفح أصبح مسرحا للعمليات العسكرية، وإغلاقه عاق إدخال المساعدات الإنسانية"، مشيرا إلى أن شاحنات المساعدات تتعرض بشكل متعمد لعوائق تمنع دخولها قطاع غزة.
وأكد الوزير شكري أهمية إعادة تشغيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح وألا يكون محلا للصراع العسكري، مشددا على الرفض المصري للتواجد العسكري الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح؛ لتداعياته على إدخال وتوزيع المساعدات.وحول إمكانية وجود فرصة لمنع انهيار الصفقة الأمريكية في ظل ردود الأفعال الإسرائيلية قال شكري :" هناك توافق لدى المجتمع الدولي بأنه حان الوقت لوقف الحرب بعد أن وصل عدد الضحايا لأرقام غير مسبوقة بجانب الحجم الكبير للتدمير و الأوضاع المتدهورة للفلسطينيين و بالتالي يجب أن تتوقف هذه الحرب".
وأضاف أن مصر بذلت جهودا كبيرة علي مدى أشهر طويلة مع الولايات المتحدة للوصول إلى وقف لإطلاق النار وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات ومنع تصفية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية علي حدود 1967 .وأشار إلى أن "هناك تناميا حاليا في اعتراف عدة دول بالدولة الفلسطينية كما شهدنا من إسبانيا و بلجيكا و سلوفانيا ويحب أن يتم وقف إطلاق النار و أن يكون هناك انخراط لتحقيق الهدف و كل الجهود تركز علي ضرورة وقف هذه الحرب و يجب أن يتم التجاوب مع هذا الطرح و التفاعل معه بشكل إيجابي و مرن لتحقيق مصالح الطرفين بشكل متساو".
وقال الوزير شكري إن "العالم الآن ينظر إلى العنصر الأخلاقي و الإنساني و ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من معاناة و يجب أن يكون ذلك في صدارة الأمر لأن التعامل مع هذه المشكلة بشكل أساسي سيؤدى لتوقف الحرب" .بدوره، عبر الوزير القبرصي عن شواغل بلاده حيال الوضع الإنساني السيء في غزة، مشيرا إلى موقف قبرص القائم على أن توسيع العمليات العسكرية في غزة ورفح يخلق عواقب وخيمة ويجب أن يتوقف.
كما أدان الهجمات العسكرية والجوية التي تودي بحياة المدنيين بما في ذلك الأطفال ، مؤكدا أن هناك حاجة ملحة لوقف إطلاق النار الفوري، ومصر تقود الطريق والمسار نحو هذه الجهود.
وحذر الوزير القبرصي من مخاطر توسيع الأزمة في غزة على المنطقة في البحر الأحمر ولبنان ، معربا عن تقدير بلاده للجهود الكبيرةوحول الممر البحري الذي تم تدشينه من قبرص إلى غزة قال وزير خارجية قبرص إن "هناك تفاصيلا فنية مثل المناخ والسياحة و بعض الأمور المتعلقة بتأسيس هذا الممر و هناك جدوي للممر ولم يتوقف المشروع " .
نتنياهو: يمكن البدء في تنفيذ خطة غزة قبل الاتفاق على كل الشروط
ميدانيا نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قوله أمس إنّ المرحلة الأولى من الخطة التي تروج لها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في غزة، والتي تتضمن إطلاق سراح عدد محدود من المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، يمكن تنفيذها دون الاتفاق على كل شروط المراحل اللاحقة.
وقال نتنياهو إن الأولوية القصوى بالنسبة لإسرائيل في غزة هي القضاء على حماس.وأضاف أنّ هذا الهدف سيستمر إلى جانب هدف استعادة المحتجزين وأن كلا الهدفين موجودان في خطة لإنهاء الحرب تمت الموافقة عليها على أعلى مستوى في حكومته.وقال نتنياهو في بيان مصور “هذا ليس شيئا أضيفه الآن. هذا ليس شيئا أضيفه لأنني أتعرض لضغوط داخل الائتلاف. إنه شيء اتفقنا عليه بالإجماع في حكومة الحرب”.وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية نقلا عن نتنياهو إن بايدن طرح “نسخة جزئية” من خطة غزة.ونقل ديفيد مينسر المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية عن نتنياهو قوله إن الرئيس الأمريكي جو بايدن لم ينشر سوى بعض التفاصيل في أثناء طرحه لخطة إنهاء الحرب في غزة.
وأضاف أن نتنياهو قال "الحرب ستتوقف بهدف إعادة الرهائن وبعد ذلك سنمضي قدما في مناقشات أخرى"، وذلك فيما يبدو أنه تكرار لرفض إسرائيل الوقف المستدام للحرب قبل القضاء على حماس.
وقال وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير أمام كتلة حزبه في البرلمان إن نتنياهو دعاه للاطلاع على مسودة خطة غزة لكن مساعدي رئيس الوزراء لم يقدموها له، وذلك لمرتين.وأضاف أن أي خطة لا بد وأن تتضمن القضاء على حماس.
في السياق، قال مصدر فلسطيني ، إن حركة حماس تجهز نفسها للرد بإيجابية على المقترح الأمريكي بشأن التوصل لصفقة مع إسرائيل في حال حصلت على ضمانات مكتوبة “تجبر إسرائيل على الالتزام بأي اتفاق مع الحركة”.وقال المصدر الفلسطيني المقرب من حماس وأحد المطلعين على سير عملية المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل "إن الحركة تنظر بإيجابية للمقترح الذي قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، خاصة وأنه يتضمن غالبية مطالب حماس ولكننا لن نعطي ردنا النهائي ما لم نحصل على ضمانات رسمية ومكتوبة".
وأضاف المصدر الفلسطيني الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن ''حماس ترى بأن مقترح بايدن يمكن أن يكون مقدمة لوضع حد نهائي للحرب الإسرائيلية على غزة في حال مارس ضغوطا رسمية على إسرائيل ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو''وفق القدس العربي.
ومع ذلك، يشرح المصدر أن حماس تخشى أن يكون المقترح الجديد هو مجرد “مراوغة جديدة تمارسها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بهدف تحرير المحتجزين من غزة دون وقف نهائي للحرب مما يضع الشعب الفلسطيني تحت وطأة المعاناة لشهور وربما لسنوات قادمة”.
وقال المصدر إن حماس أبلغت ردها المبدئي الإيجابي بشأن المقترح، ولكنها شددت على أن موقفها النهائي سيبقى مرهونا “بتلقي وثيقة مكتوبة من الوسطاء تتضمن كافة البنود التي سيتم الاتفاق عليها دون أن يكون أي غموض في تفاصيل التنفيذ”.
''وقت نتنياهو انتهى ''
من جهته قال د. خيام الزعبي الكاتب السياسي السوري أنه بعد إعلان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي "نتنياهو" عن هدف الحرب والذي يشكك جيشه في إمكانية تحقيقه، وفي تصريحات مختلفة، وعد نتنياهو بمحو حماس من على وجه غزة، ولم يوضح المعنى العملي لهذا الالتزام، ولكن كيف سيتم تحقيق هذا الهدف؟ ومتى سيعرف الجيش الإسرائيلي والحكومة أن إسرائيل قد خسرت بالفعل وغرقت في مستنقع غزة. وتابع الزعبي ''اليوم تشهد الإدارة الإسرائيلية تخبطاً سياسياً كبيراً منذ أن شنت قوات الاحتلال حربها على قطاع غزة، فخلال الأيام الماضية، قفز إلى الواجهة موضوع إجبار تجنيد (الحريديم) وانخراطهم في صفوف الجيش، ولكنهم يفضلون الموت على التجنيد، خصوصا مع استمرار الحرب على غزة وحاجة جيش الاحتلال إلى أكثر من 20 ألف جندي إضافي، وفي الوقت نفسه يتخذ الإسرائيليون خطوات عملية غير مسبوقة نحو الهجرة ونقل الأموال وشراء العقارات في الخارج، وقد وجد نتنياهو نفسه أمام خطر حقيقي يهدد بتفكيك الائتلاف الحكومي، عقب تحريك مشروع "قانون التجنيد" الذي دأبت الحكومات المتعاقبة في العقد الأخير على تأجيله، لضمان استمرار دعم الأحزاب الحريدية لها وتجنب إسقاطها '' وفق تعبيره.
وأكد محدثنا ''فمفاعيل تلك المعركة تشير إلى تآكل بنية وجود إسرائيل من خلال هروب الإسرائيليين الكثيف إلى الخارج تحت وطأة المشاكل الداخلية وصمود المقاومة الفلسطينية أيضاً ونبوءات ومخيفة عن زوال قريب.ويشير دخول الإسرائيليين إلى دائرة النزوح وسقوط صواريخ المقاومة في تل أبيب وجنوب القدس وتعطيل جلسات أعضاء الكنيست وهروبهم إلى الملاجئ بالصورة القاتمة إلى زيف مقولة الأمن والاستقرار، ويعطي انطباعاً للإسرائيليين عما قد يحصل في المستقبل القريب، فباتوا يتفقدون جوازاتهم لاستخدامها عند الضرورة."
وأضاف ""بالنسبة للإسرائيليين لم تعد إسرائيل آمنة ولا يتوفر فيها عنصر الاستقرار والأمن ومبررات البقاء والمستقبل الذي ينشدونه مع التآكل المتسارع لنظريتها الأمنية، وذلك لان المواجهات العسكرية لم تعد محدودة، بل أصبحت ضربات المقاومة تستهدف كل إسرائيل وبشكل موجع، وبذلك فقد الجيش الإسرائيلي قدرة الردع، وظهرت حقيقة ضعفه، وبالتالي لم يعد "المشروع الإسرائيلي" بأبعاده الدينية التاريخية مغرياً وعنصر جذب لليهود للبقاء، وفيما تبدو الحكومة الإسرائيلية مشغولة بملابسات الهزائم المتلاحقة والتحولات الإستراتيجية في الحرب، حيث إرتفع الجدل وسط إتهامات مباشرة لنتنياهو من داخل الحزب الحاكم بأنه هو الذي ورط إسرائيل في مُستنقع المقاومة نتيجة طبيعية لفشله السياسي '' على حد تعبيره.
وتابع ''لذلك نتنياهو أمام معادلة صعبة ، ضغوط داخلية لم تتوقف بالتهديد بإسقاط حكومته، وضغوط خارجية لقبول تفاهمات دولية لوقف الحرب في ظل سقوط المزيد من المدنيين الفلسطينيين، وما بين الخارج والداخل يبدو مصير نتنياهو معلقاً ما بين الخيارين، في ظل أهداف وضعها في 7 أكتوبر، بات تحقيقها صعباً للغاية وأهمها القضاء على المقاومة والإفراج عن الرهان والأسرى الإسرائيليين ببساطة، أن الحرب بالنسبة لنتنياهو هي مجرد بقاء في السلطة، ومصالحه تعني استمرار الكوارث والحروب التي بدأت بسبب أنانيته السياسية وحب السلطة، ومن هنا يعود ليورّط نفسه متجاهل دروس الماضي لكنه مضطر إلى لعب هذا الدور لتحقيق أهدافه '' وفق قوله.