كرّمه منتدى الفكر التنوير التونسي محمد الفاضل ابن عاشور رجل الفنون والقانون

تتعدد صفات ووظائف واهتمامات الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور،

وهو الذي جمع ما بين الدين والفقه، السياسة والنقابة، الزعامة والقيادة، الأدب والتاريخ... وهو أيضا كما وصفه الأستاذ الشاذلي بن يونس "رجل الفنون والقانون". هو بساطة علاّمة تنويرية وعلامة نيّرة من أعمدة الفكر التونسي قادته أفكاره حتى للمعتقل. لأنه ترك البصمة والأثر في الحركة الوطنية وفي الاتحاد العام التونسي للشغل وفي جامع الزيتونة وفي الخلدونية وفي جمعية قدماء تلامذة المدرسة الصادقية وفي مجمع اللغة العربية بالقاهرة وفي مؤسسة الإفتاء.. احتفى به منتدى الفكر التنويري التونسي في ندوة تكريمية أمس الخميس 30 ماي 2024.

تحت عنوان " محمد الفاضل ابن عاشور: الإشراقات التنويرية، أصدر منتدى الفكر التنويري التونسي تحت الكتاب عدد 34 من سلسلة "أعلام الثقافة التونسية" تحت إشراف وإعداد محمد الميّ. والذي كتب في تصدير الكتاب ما يلي :"يلاحظ المتأمل في مسيرته الفكرية أنه كان الأقرب إلى الحراك الشعبي رغم أنه من عائلة أرستقراطية وهو أقرب إلى المنشقين رغم أنه من عائلة دينية محافظة وهو الشيخ المتدين الذي اعتقل بسبب مؤازرته الحركة الوطنية بل كان أحد الفاعلين في مؤتمر ليلة القدر ... ألمّ بالحركة الأدبية والفكرية ببلادنا رغم أن شواغله كانت دينية فسياسية أساسا. وانتصر للطاهر الحداد رغم أنّ والده محمد الطاهر بن عاشور كان سببا في حرمان الحداد من حرمانه حقوقه السياسية والمجتمعية...

"الفاضل بن عاشور" من القيادات الأولى للمجتمع المدني

في كشف عن بعض الملامح الخفية عن سيرة "بلدي" زيتوني ونقابي، تحدّث المؤرخ عبد الجليل بوقرّة فقال من بين ما قال: "يمكننا التأكيد على أن الفاضل بن عاشور "لم يكن نقابيا "محترفا"ّ، بل كان في تنافس مع رموز أخرلى حول زعامة الحركة الوطنية، وتحديدا مع صالح بن يوسف في ظل غياب الحبيب بورقيبة، فكان تعامله مع النقابات العمالية من باب ضمان الحضور في فضاء مهم ومؤثر يمكّنه من ترويج خطابه ذي المنحى العروبي والإسلامي ولكن بروح تحررية وحديثة لا ترى موانع مبدئية في التعامل مع الأوساط النقابية ذات التوجه الاشتراكي.
عن محمد الفاضل بن عاشور وعلاقته بالسياسة، تحدّث منصف قوجة فقال: "يمكن تصنيف الفاضل بن عاشور من بين القيادات الأولى للمجتمع المدني التونسي في منتصف القرن العشرين. إذ بادر في عديد المرات ببعث جمعيات ثقافية واجتماعية وفكرية. فعلاوة على ترأسه للجمعية الخلدونية التي جعل منها ومن مقرها حاضنة مختلف أشكال العمل الوطني زيادة على طابعها الأكاديمي، فان رأسه للاتحاد العام التونسي للشغل، فتح الباب له عريضا ليصبح قائد للمجتمع المدني التونسي. "
وبعنوان "محمد الفاضل ابن عاشور: السياسي والنقابي " تطرّق عبد الرزاق الحمّامي في مداخلته إلى دور الشيخ فاضل ابن عاشور في التعريف بالقضية الفلسطينية من خلال تقديم سلسلة من المحاضرات على منبر معهد البحوث الإسلامية، مؤكدا أن الأراضي الفلسطينية لم تكن يوما لليهود وإنما هي أراض عربية منذ فجر التاريخ. ويعلق على اختياره عنوانا عاما لمحاضراته بالقول: فلسطين الوطن القومي للعرب."

شروط التنوير العربي الإسلامي في فكر "ابن عاشور"

في تقديم وتفسير لـ "شروط التنوير العربي الإسلامي في فكر الشيخ فاضل ابن عاشور"، أفاد محمد بن الطيب أنّ هذه الشروط تتمثل أساسا في ثلاثة محاور كبرى وهي : في تفعيل العقيدة الإسلامية وإرساخ العقلانية الدينية والأخذ بأسباب العلم.
وبعنوان "أزمة تفسير القرآن وتحدّيات التنوير: قراءة في كتاب التفاسير ورجاله للشيخ الفاضل بن عاشور" ، انتهت الأستاذة حياة اليعقوبي إلى أنّ "محمد الفاضل ابن عاشور قدرة فائقة على قتل القديم بحثا، وهو على حدوده الايبيستيمية درس في آليات التعامل التحديثي مع التراث الديني . نقول هذا ونحن بعد غير قادرين على هضم المادة التفسيرية بكل هذا العمق والتواصلية، للتحرر العلمي منها وهي الخطوة الضرورية التي لا غنى عنها للخروج من أزمة تفسير النص القرآني. فالتعامل مع مادة التفسير بالشكل المجزأ أفقدنا القدرة لا فقط على استيعاب تداخلها بل أيضا على الأنساق الثقافية التي هيمنت ولا تزال عليها. وأظن هذا من أهم ما جاء به هذا الكتاب".
"هل يكفي تأليف واحد للإحاطة بالحركة الأدبية والفكرية في تونس في العصر الحديث؟ "، هكذا تساءل محمد المختار العبيدي، وهكذا عنون مداخلته عن محمد الفاضل ابن عاشور حيث انتهى إلى "أنّ العمل الوحيد المكتوب في أصله باللغة العربية عن الحركة الأدبية والفكرية في تونس في العصر الحديث هو كتاب الشيخ محمد الفاضل بن عاشور الذي مضى على وفاته اليوم ثلاثة وخمسون عاما ولم تمح السنون ذكراه لأن علمه باق في الأذهان واحتفظت به الكتب وكثير من الأعمال.."

بن عاشور والإصلاح الثقافي

في إماطة للثام عن وجوه الطرافة في شخصية العلاّمة محمد الفاضل ابن عاشور، تحدّث الأستاذ الشاذلي بن يونس عن محمد الفاضل ابن عاشور أستاذ الجيلين: الجيل الزيتوني والجيل الصادقي واصفا إياه برجل الفنون والقانون على حد سواء.وقد قال الشاذلي بن يونس في هذا الساق:" كان الشيخ بن عاشور مبدعا وفنانا وميالا للفنون ...إلى جانب حذقه وتفننه في فن الخطابة والبلاغة من خلال ما يذاع عن طريق الإذاعة التونسية من محاضرات ... كما قام "بن عاشور" بمحاولات مسرحية في التمثيل والإخراج والتأليف... وإن لم يدرس محمد الفاضل ابن عاشور القانون بل اختار الآداب والشريعة الإسلامية ، ومع ذلك لا ينكر أحد مدى اهتمام الرجل بالجوانب القانونية والسياسية فهو متضلع في الشريعة الإسلامية وأستاذا كفئا في هذه المادة التي تعد من المواد الأساسية في الجامعات والكليات القانونية..."
عن "الهوية والإصلاح الثقافي" تحدّث الدكتور زهير الذوادي عن المسيرة الفكرية للشيخ محمد الفاضل ابن عاشور واعتبر أن الرجل "لم يعتبر العمل السياسي هو الطريق الأمثل لإنجاز شروط النهضة والإصلاح بل أنه كان يرى أن العمل الثقافي هو مفتاح العمل الإصلاحي ... وذلك لأنّ الاستعمار أقحم البلاد في معترك ثقافي عنيف تأثرت به حياتها الاجتماعية وحياتها الفكرية وحياتها الأدبية كما انه اعتبر أنّ المعترك الثقافي ليس هو المعترك العلمي حيث "ليس للعلم أوطان ولا عصبيات".

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115