من "الملاسين" تمّ افتتاح دورته التأسيسية: مهرجان "حكاوي الأحياء" يوثق ذاكرة الأحياء الشعبية

في الأحياء الشعبية قد لا تحتاج الثقافة إلى تذاكر دخول

فقط يكفي أن تمر وأن تصغي إلى نبض المدينة وذكريات الأزقة وحكايات الحيّ . هناك، تنبثق التعبيرات الفنية من بين الأرصفة ومن العتبات التي تتحول إلى مسارح صغرى. من حلقة حكي أو لعبة شعبية أو عرض مرتجل لمغن عابر للطريق وللسبيل، يأتي مهرجان "حكاوي الأحياء" ليعيد الكلمة إلى سكان الأحياء الشعبية، وليعيد الضوء إلى من اعتادوا الظل، وليعيد تعريف الثقافة خارج القوالب الجاهزة.

في بادرة جديدة ونوعية للمندوبية الجهوية للشؤون الثافية بولاية تونس تحت إشراف عماد المديوني، وفي إطار مهرجان "حكاوي الأحياء" تتحوّل أحياء الملاسين وحيّ الطيران و سيدي حسين والحرارية وابن سينا، إلى فضاءات نابضة بالسرد والإبداع من 19 جويلية إلى 3 أوت 2025، تحت شعار: "لكل حيّ حكاية".

توثيق ذاكرة الحي وذكريات أهله

مساء السبت 19 جويلية 2025، رقصت شوارع حي الملاسين بالعاصمة على إيقاعات أصوات وألوان "كرنفال المهرج الصغير" من إنتاج المركز الوطني لفن العرائس في إعلان عن افتتاح "مهرجان حكاوي الأحياء". وفي الافتتاح الرسمي تحت إشراف والي تونس عماد بوخريص وبحضور المندوب الجهوي للشؤون الثقافية عماد المديوني، توافد سكان الحي على الفضاء الخارجي لمعتمدية السيجومي لحضور حفل موسيقي للفنان معز الطرودي.
إنّ فلسفة تأسيس مهرجان "حكاوي الأحياء" تتجاوز مجرد برنامج مصاحب للأيام الثقافية الصيفية لتنخرط في مشروع ثقافي عميق الجذور، يحمل في جوهره رغبة في كسر العزلة عن الأحياء الشعبية، وخلق جسور التواصل بين الأجيال: بين كبار السنّ الذين يحملون ذاكرة المكان، والشباب الذين يبحثون عن معنى الانتماء. من هذا المنطلق، تنطلق المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بتونس في تنفيذ هذا المشروع الذي يتجاوز العروض إلى توثيق ذاكرة الحي وذكريات أهله من خلال شهادات شّيقة قصص وتجارب حيّة.

حكايات الأحياء الشعبية في أعمال فنية

في قلب الأحياء الشعبية، يسعى مهرجان "حكاوي الأحياء" إلى تحويل القصص اليومية البسيطة التي تُروى في المقاهي، أو على عتبات البيوت، أو في جلسات السمر ... إلى مادة فنية أو مسرحية أو موسيقية أو سينمائية. هي "حكاوي الأحياء" التي سيتم التقاطها من أفواه كبار السنّ، ليُعاد تركيبها وإحياؤها في شكل محتوى ثقافي متعدد الأبعاد، بإشراف فنانين محليين ومؤطرين من مختلف الاختصاصات.ولأنّ الحكاية ليست حكرا على الكبار، فإنّ الورشات المرافقة ستكون متاحة للشباب وللأطفال في محاولة لربط الخيال بالواقع، والذاكرة بالحاضر، ولصناعة مشهد ثقافي نابض يولد من رحم الحيّ.
ويتضمن البرنامج أكثر من 40 نشاطا موزعا على عدة فضاءات ثقافية وشعبية، من بينها المكتبات العمومية، دور الثقافة، الساحات، وحتى الفضاءات المفتوحة. كما يشهد المهرجان تنظيم ورشات للرسم، الحكاية، للمسرح، للتصوير، إضافة إلى عروض موجهة للأطفال والعائلات.

كسر الرتابة وإشراك السكان

إنّ "حكاوي الأحياء" ليست فقط تظاهرة محدثة وحديثة في الزمان والمكان بل هي شكل من أشكال المقاومة الثقافية. إنها مقاومة ضد الإقصاء، ضد التهميش، ضد النسيان... فالانطلاق من "الحي" و"السكان" هو في حد ذاته موقف. هي دعوة للاعتراف بأن الناس مهما كانوا بسطاء فإنهم ليسوا فقط متلقين بل هم أيضا صانعو معنى ورواة قصص ومبدعو سرديات وحكايات .
يراهن مهرجان "حكاوي الأحياء" على ألا تكون الثقافة شأنا نخبويا أو حدثا يُستهلك في القاعات المغلقة، بل أن تصبح تفاعلا يوميا يعيد للحيّ نبضه ويمنح للكلمات المنسية حياة جديدة.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115