مجرد مكان "مجمّد" أما المكان الذي يغدو بفضل إرادة صاحباته وشدة تصميمهن ، مكانا نسويا فإنه يعبر عن المكان والزمان والحركة والمكانة والنضال والتاريخ والذاكرة والمقاومة. إنه رمز الحياة ". هكذا كتبت آمال القرامي أستاذة دراسات الجندر/ النوع الاجتماعي بكلية الادايب والفنون والإنسانيات بمنوبة على سبيل الختم في نهاية الدراسة التي أطلقتها جمعية "أصوات نساء" تحت عنوان "الأمكنة والفضاءات النسوية ودورها في نشر ثقافة المساواة: الممارسات الفضلى والعراقيل."
في دراسة نسوية جديدة تستحق المتابعة ومتاحة للقراءة على صفحة جمعية "أصوات نساء"، تضمنت هذه الدراسة حوالي 190 اهتمت بالأمكنة والفضاءات النسوية ودورها في نشر الفكر النسوي.
ملامح الأمكنة النسوية وأدوارها
تندرج دراسة "الأمكنة والفضاءات النسوية ودورها في نشر ثقافة المساواة: الممارسات الفضلى والعراقيل" في إطار حرص جمعية "أصوات نساء" ، وهي جمعية نسوية غير حكومية، على تشجيع النساء والشابات للمشاركة في الشأن العام وتعزيز قدراتهن القيادية ونشر ثقافة المساواة الجندرية والدفاع عن حقوق النساء التي هي حقوق الإنسان في نهاية المطاف.
في مقدمة الدراسة ، تقول أستاذة دراسات الجندر آمال القرامي: "قلما يعثر المطلع /المطلعة على تاريخ الحركة النسوية العربية عموما والتونسية على وجه الخصوص على معلومات مفصلة ودقيقة حول الأمكنة النسوية التونسية التي تأسست: خصائصها المميزة وهوية الفاعلات فيها وشروط الانتماء إليها والوظائف التي اضطلعت بها في سبيل تنمية الوعي النساء والشابات بحقوقهن ونشر ثقافة الحقوق والمساواة والعدالة . ونظرا لهذه الفجوة المعرفية والحاجة إلى إعادة اكتشاف هذه الأمكنة النسوية التونسية حرصت "جمعية أصوات نساء" على إطلاق هذه الدراسة باعتبارها فضاء للنقاش والحوار والتدريب وإنتاج معرفة وتكريس الممارسات الفضلى.
وتهدف الدراسة إلى تحديد ملامح الأمكنة النسوية ورصد دورها في تشكيل وعي النساء والشابات بضرورة الدفاع عن حقوقهن وتغيير الواقع، وذلك من خلال نشر ثقافة المساواة والعدالة. وأيضا تحديد الممارسات الفضلى السائدة في الأمكنة النسوية. بالإضافة إلى الوقوف عند العقبات والممارسات السلبية التي تحول دون حسن استغلال هذه الأمكنة والفضاءات لفائدة تطوير عمل الجمعيات النسوية والحركة النسوية التونسية.
توصيات من أجل حضور وازن للنساء في الفضاء العام
من التوصيات التي خلصت إليها دراسة "الأمكنة والفضاءات النسوية ودورها في نشر ثقافة المساواة" هي ضرورة الانتباه إلى أثر الاستقطاب الايديولوجي الحدّي في توجيه المواقف واتخاذ الناشطات قرارات المشاركة في النقاشات العامة داخل الأمكنة النسوية والعمل المشترك وبناء التحالفات والتضامن ... وهو ما يستدعي النظر في طرائق التحرر من ثقل هذه التراكمات الإيديولوجية حتى لا تفوت على النسويات فرصة تحولهن إلى مجموعة ضغط وتغيير ذات اثر ونجاعة. كما دعت الدراسة إلى العمل الجماعي على تحويل المكان النسوي إلى مكان لقاء واكتشاف وتدرب وتعلم ...
وذهبت الدراسة إلى أنّ الخلط بين النسائي / النسوي وسوء فهم النسوية وعدم الوعي بوجود تيارات كثيرة قد يكون محفزا على انجاز مسرد خاص بالتعريف المبسط بهذه التيارات أو بإصدار كتيب صغير من ضمن الكتب المنضوية ضمن "السهل الممتنع" وباللغة العربية ، ولاشك أن إصدار دليل الجمعيات النسوية التي تخدم "القضية النسوية"بات ضروريا .
وقد أكدت دراسة "الأمكنة والفضاءات النسوية ودورها في نشر ثقافة المساواة" ضرورة التمسك بالأمكنة النسوية المضطلعة بدورها السياسي والنضالي والحرص على أعادة هيكلتها بات ضرورة مستعجلة حتى لا يتم إقصاء النساء من الفضاء العام، واستبعادهن من إدارة الشأن العام والفعل السياسي...