المنجي الغريبي
23 أكتوبر علامة أخرى في تاريخ تونس، إذ يمكن القول اليوم ، بأن مرحلة بعث المجلس الأعلى للقضاء قد اكتملت في كنف الإستئناس بالمعايير الدولية في تركيز سلطة قضائية قادرة على أن تكون مستقّلة في إرساء منظومة عدالة قوية و محايدة تكرّس مقومات دولة القانون
ما حصل في جمنة أو في قرقنة أو ما حصل ويحصل في هيئة الحقيقة والكرامة، أو ما شاهدناه من الهيئة المؤقتة للقضاء العدلي، أو ما عرفناه من رفض عدّة أطراف تنفيذ قرارات إدارية أو أحكام قضائية، أو ما نعاينه يوميا من تصرّفات هنا و هناك يتمّ فيها التهرّب من الخضوع لسلطة القانون
يبدو أن أوساطا واسعة من الشعب التونسي غير واعية بحقيقة الأوضاع الّتي يعيشها الإقتصاد التونسي، وربّما غير مقدّرة لما قد يحدث في المستقبل . بل أكثر من ذلك يمكن القول أن أطرافا سياسية واجتماعية، لا تقدّر ما ينتظر تونس من مصاعب حق قدرها، ولا نراها تساهم
و لو أن «أهل مكة أدرى بشعابها»كما يقال فإن مسألة رئاسة السيد يوسف الشاهد للهيئة السياسية لحزب نداء تونس في الوضع الراهن لا تخص نداء تونس فحسب بل تخص الدولة عموما . فرئاسة الحكومة الجديدة لم تتم في الحقيقة على أساس إسناد رئاسة الحكومة للحزب أو الإئتلاف الفائز بالأغلبية
قبل الحديث عن حزام داعم لحكومة الشاهد ، يجدرالتذكير بأنه يفترض أن تكون الأحزاب السياسية المطالبة بالدعم عارفة بحاجيات الشعب و على صلة مباشرة به ، و عارفة بأوضاع الدولة و ما بقي لها من رصيد شعبي يمكن أن تعوّل عليه لتكون فاعلة.
الجدل الّذي تمّت إثارته حول تمكين الأمنيين و العسكريين من التصويت ،على هامش التعرّض إلى التعديلات المزمع إدخالها على القانون الإنتخابي، لا مجال لإثارته في ظل الدستور الحالي ،و بالتّالي يكون تناول الموضوع بمثابة التغريدات المنفلتة في الأوساط البرلمانية والعامة .
المعلوم أن بوادر تعطيل نشاط شركة بيتروفاك التونسية ـ البريطانية بمدينة قرقنة إنطلقت منذ مارس 2015، وقد سبق للبريطانيين أن هدّدوا بالإنسحاب في أفريل 2015، ولكن تواصل الشد والأخذ والرد، دون تدخّل فاعل من الحكومة والنقابات، إلى أن تم ّ تعطيل النشاط
سبق أن أشرنا في افتتاحية يوم 4 سبتمبر الجاري إلى أن أملاك الدولة والشؤون العقّارية من الأولويات المنسية، وأكدنا «أن عصب إنجاز الأولويات التي تمّ الإعلان عنها ، لن تتحرّك قيد أنملة ما لم تقع معالجة عاجلة لشؤون العدل والقضاء و ما لم يقع تحسين إدارة أملاك الدولة و إصلاح إدارة الشؤون العقّارية
سبق التنبيه في أكثر من مناسبة إلى خطورة ترك الحبل على الغارب عند الإستهانة بالقانون وبالأحكام القضائية، لما ينجر عن ذلك من تسيّب و فقدان القانون لعلويته و لمؤسسات القضاء والدولة لهيبتها و الإستخفاف بسلطتها وتبعات ذلك على نفاذ قراراتها و أحكامها ، وكما يقال الّذي لا يَحترم لا يُحتَرَم.
الإنطباع الّذي يحصل لمتابع الأولويات الوطنية في وثيقة قرطاج و في استعراض ملامحها على لسان رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد، أن العدل و أملاك الدولة والشؤون العقّارية ، مجالات غير معنية بمجابهة التحديات الإقتصادية والتنموية الّتي تنتظر البلاد في المرحلة المقبلة.