وفي طليعتها تطبيقات التعرف على الوجه عبر كاميرات المراقبة، "من أجل قمع الفلسطينيين وفرض نظام الهيمنة"في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت الثلاثاء 31جانفي 2023 تقريرا لها ورد فيه أن "إسرائيل" ترتكب جريمة "الفصل العنصري" ضد الفلسطينيين، ودعت إلى مساءلة السلطات على ذلك. وأثار استخدام مصطلح "الأبرتهايد" غضب السلطات الإسرائيلية. واعتبر وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد آنذاك أن المنظمة "تستشهد بأكاذيب تنشرها منظمات إرهابية". فيما استقبل الفلسطينيون التقرير بترحيب كبير. وقال متحدث باسم الحكومة الفلسطينية إن "هذا التقرير من أكثر التقارير جرأة وإنصافا للشعب الفلسطيني".
وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، إن "السلطات الإسرائيلية تستخدم أدوات مراقبة متطورة لتعزيز التفرقة والعزل إلى حد كبير، وقد أتمت نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين." وأضاف تقرير المنظمة الحقوقية إن "إسرائيل تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني حيث تملك السيطرة على حقوقه. وهذا يشمل الفلسطينيين المقيمين في داخلها وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلا عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى".
نظام "الذئب الأحمر"
وأكدت منظمة العفو الدولية، استنادا إلى بحوث ميدانية قامت بها بالاشتراك مع منظمة حقوقية اسرائيلية، أن السلطات الإسرائيلية تستخدم نظاما رقميا للتعرّف على الوجه يُعرف باسم الذئب الأحمر لتعقّب الفلسطينيين، وفرض قيود على حرية تنقلهم.وفي التقرير حول الأبارتهايد الرقمي، وثقت المنظمة كيفية تشكيل نظام "الذئب الأحمر"كجزء من شبكة مراقبة متنامية باستمرار ترسخ سيطرة الحكومة الإسرائيلية على الفلسطينيين، وتساهم في الحفاظ على نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الذي تُطبّقه.وثمة أدلة دامغة على أن "الذئب الأحمر" مرتبط بنظامَيْ مراقبة آخرَيْن يديرهما جيش الإحتلال هما "قطيع الذئاب" و "الذئب الأزرق". الأول هو عبارة عن قاعدة بيانات واسعة تحتوي على كافة المعلومات المتوفرة عن الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك مكان إقامتهم وأفراد عائلاتهم وما إذا كانوا مطلوبين للاستجواب من جانب سلطات الإحتلال. أما "الذئب الأزرق" فهو تطبيق تستطيع القوات الإسرائيلية الدخول إليه عبر أجهزة الهاتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويستطيع أن يعرض فورا المعلومات المخزّنة في قاعدة بيانات "قطيع الذئاب".
ونشرت القوات الإسرائيلية نظام "الذئب الأحمر" عند الحواجز العسكرية في مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، حيث يعمل على مسح وجوه الفلسطينيين، ويضيفها إلى قواعد بيانات ضخمة للمراقبة دون موافقتهم.ويقارن النظام بالسجلات البيومترية الموجودة في قواعد البيانات التي تتضمن حصرًا معلومات حول الفلسطينيين. ويستخدم "الذئب الأحمر" هذه البيانات لتحديد ما إذا كان الشخص يستطيع أن يمر عبر الحاجز، ويسجل أي وجهٍ جديد يمسحه تلقائيًّا وبيومتريًّا. ويُمنع الشخص من المرور إذا لم يتوفر له أي سجل. كذلك يستطيع "الذئب الأحمر" أن يمنع الدخول بناءعلى معلومات أخرى مخزّنة في ملفات التعريف الخاصة بالفلسطينيين. ويُوسع "الذئب الأحمر" قاعدة بياناته لوجوه الفلسطينيين مع مرور الوقت.
التحكم في القدس المحتلة والخليل
وبين تقرير منظمة العفو الدولية أن تكنولوجيا التعرّف على الوجه تدعم، في كل من الخليل والقدس الشرقية المحتلة، شبكة كثيفة من كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة لإبقاء الفلسطينيين تحت المراقبة شبه الدائمة. وذكر تقرير الأبارتهايد الرقمي أن هذه المراقبة جزء من محاولة متعمدة من جانب السلطات الإسرائيلية لخلق بيئة عدائية وإكراهات إضافية للفلسطينيين بهدف تقليص وجودهم إلى أدنى حد في تلك المناطق الإستراتيجية. علما وأن قوات الاحتلال فرضت تواجد 800 مستوطن في مدينة الخليل يقيمون على نحو غير قانوني في سبعة معازل استيطانية على الأقل في منطقة ه 2 التي تديرها سلطات الاحتلال في حين يعيش 33 ألف فلسطيني في باقي المدينة (منطقة ه1) تحت الإدارة الفلسطينية.ووثق التقرير كيف أن "الشوارع مليئة بكاميرات المراقبة المُركّبة على جوانب الأبنية وأعمدة الإضاءة وأبراج المراقبة وأسطح الأبنية مما يضاعف من التفرقة والعزل الشديدين أصلا السائدين في الخليل."
كما جاء في التقرير: "لقد حددت منظمة العفو الدولية أماكن وجود كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة في مختلف أرجاء منطقة مساحتها 10 كيلومترات مربعة في القدس الشرقية المحتلة، ومن ضمنها البلدة القديمة والشيخ جراح، وعثرت على كاميرا واحدة أو اثنتين في كل خمسة أمتار".وقد استهدفت السلطات الإسرائيلية مواقع ذات أهمية ثقافية وسياسية بأدوات مراقبة جديدة، مثل مدخل باب العامود المؤدي إلى البلدة القديمة الذي لازال منذ وقت طويل مكانا لتجمع الفلسطينيين واحتجاجاتهم.وإضافة إلى التهديد المستمر باستخدام القوة البدنية المفرطة والاعتقال التعسفي، "يتعين على الفلسطينيين الآن مواجهة خطر تعقبهم بواسطة خوارزمية أو منعهم من الدخول إلى أحيائهم استنادا إلى معلومات مخزّنة في قواعد بيانات تمييزية للمراقبة. ويشكل هذا أحدث توضيح لسبب تَعارُض تكنولوجيا التعرف على الوجه مع حقوق الإنسان، عند استخدامها بهدف المراقبة".
ودعت منظمة العفو الدولية في تقريرها سلطات الإحتلال إلى وضع حد لمراقبة الفلسطينيين الجماعية والتي تستهدف سكان القدس الشرقية والخليل ورفع القيود التعسفية التي تفرضها على حرية تنقلهم عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة. واعتبرت المنظمة الحقوقية أن هذه الخطوات ضرورية نحو تفكيك نظام الفصل العنصري. كما توجهت منظمة العفو الدولية إلى منظمة الأمم المتحدة من أجل فرض حظر عالمي على تطوير وبيع واستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه لأغراض المراقبة. وقد وثّقت المنظمة في الأشهر الماضية خطرا على حقوق الإنسان مرتبط بتكنولوجيا التعرف على الوجه في الهند في الولايات المتحدة، في إطار حملتها بعنوان “احظروا تكنولوجيا التعرف على الوجه".