يعود السؤال حول موقع الثقافة العربية في عالم يتغيّر بسرعة مذهلة. وقد أكدت مرة أخرى الدورة العشرين (2025–2026) بأنّ تونس ليست فقط حاضرة في المشهد الثقافي العربي، بل تتقدّم بخطى واثقة عبر أعمال فكرية ونقدية تتجاوز حدود الجغرافيا إلى فضاءات تشكيل الوعي العربي المعاصر.
على امتداد عشرين دورة تؤكد جائزة الشيخ زايد للكتاب، التي ينظّمها مركز أبوظبي للغة العربية بدعم من دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، مكانتها كإحدى أبرز الجوائز الأدبية والفكرية في العالم العربي.
الصحراوي قمعون وناجية الوريمي في فرع "التنمية وبناء الدولة"
من بين أكثر من 4 آلاف مشاركة من 74 دولة، برز الحضور التونسي في فروع الثقافة والفكر والنقد، مؤكدا أن هذا البلد الذي لطالما كان منجما للجدل الفكري واللغوي والفلسفي ما يزال يحتفظ بقدرته على إنتاج المعرفة وتحريك البديهيات الراكدة. وقد أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب في مركز أبوظبي للغة العربية عن القوائم الطويلة للدورة العشرين (2025- 2026) لفروع "الترجمة" و"التنمية وبناء الدولة" "الفنون والدراسات النقدية"، حيث تعمل لجان تحكيم الجائزة حاليا على التقييم الشامل لجميع العناوين المدرجة في القوائم الطويلة لهذا العام.
وكان لتونس حضور في فرع "التنمية وبناء الدولة" بمشاركتين من بين ستة عناوين فقط وصلت إلى القائمة الطويلة، وهو رقم يعكس وزن الحضور الفكري التونسي وعمقه. وقد تم ترشيح كتاب "تاريخ الكتابة الصحفية العربية: من الفصاحة إلى الصحافة إلى الكتابة الخوارزمية" لصاحبه الصحراوي قمعون.ويتجاوز هذا المؤلف رصد تاريخ الكتابة الصحفية إلى تحليل تحوّلات اللغة العربية داخل الفضاء الرقمي، في قلب النقاش العربي حول اللغة والحداثة والتحوّل التكنولوجي.
وفي القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد، وفي فرع "التنمية وبناء الدولة"، حضر كتاب "صحيفة المدينة: إسلام مهمّش " لصاحبته ناجية الوريمي، والذي يقدّم قراءة بحثية جريئة في صحيفة المدينة التي تم تهميشها لصالح سرديات أخرى، وتفتح بابا لإعادة التفكير في مفهوم الدولة في الإسلام.
أحمد القاسمي وأسماء خوالدية في فرع"الفنون والدراسات النقدية"
في فرع "الفنون والدراسات النقدية" لجائزة الشيخ زايد، أحرز التونسيون حضورا بارزا أيضا من خلال ترشيح عنوانين يتناولان قضايا روحية وجمالية وفلسفية.
وقد حمل الكتاب الأول عنوان "الخبر والعيان" لأحمد القاسمي، وفيه إعادة بناء لمفاهيم السرد العربي عبر دراسة العلاقة بين "الخبر" و"العيان"، في محاولة لتطوير أدوات نقدية جديدة.
أما الكتاب الثاني فهو "الانفعالات في التجربة الصوفية: بين النكوص والتمرد" لأسماء خوالدية، ويتضمن تحليلا فلسفيا ونفسيا للتجربة الصوفية، ويبرز عمق البعد الوجداني والروحي في الثقافة العربية.
تكشف القائمات الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب هذا العام عن مشهد ثقافي عربي متنوع، لكن الحضور التونسي يظلّ علامة خاصة. فليس جديدا أن تحضر أو أن تفوز تونس بجائرة الشيخ زايد، ولكنها في كل دورة تسجل حضورها بمؤلفات وبحوث تقدم أسئلة جديدة تعيد تشكيل النقاش الثقافي العربي.
في القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب: أربعة أسماء تونسية مرشحة للفوز
- بقلم ليلى بورقعة
- 15:13 10/12/2025
مع كل دورة من دورات جائزة الشيخ زايد للكتاب
آخر مقالات ليلى بورقعة
- فيلم "أم كلثوم" من شاشات السينما إلى محاكم القضاء: اتهام مؤلف "الست" بالإساءة للرسول
- السينما في قبضة الذكاء الاصطناعي: هل مازال للإنسان وللإبداع وللخيال مكان؟
- أيام قرطاج السينمائية 2025: لقاء الذاكرة بقضايا الزمن الراهن
- في مهرجان المسرح العربي 2026 بالقاهرة: 3 مسرحيات تونسية في المسابقة الرسمية
- مسرحية "هُم" لأسماء الهوري من المغرب: حرية الأسئلة .. وعجز الأجوبة
Leave a comment
Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.