اليوم بصوت جديد، وصورة درامية، وأوركسترا ملكية!
في لحظة فارقة من إعادة اكتشاف تراثنا الموسيقي، كشف عمر خليل وهاشم الصيفي، حفيدا موسيقار الأجيال، عن بدء العمل على مسلسل درامي ملحمي يُعيد تشكيل صورة محمد عبد الوهاب، ليس كرمز موسيقي فحسب، بل كإنسان ذي شغف وتناقضات وقصص لا تزال مجهولة.
في خطوة فنية وثقافية كبيرة، أعلنت عائلة الموسيقار المصري الراحل محمد عبد الوهاب عن بدء التحضير لمسلسل درامي يتناول سيرة "موسيقار الأجيال"، في محاولة لتوثيق إرثه الموسيقي والإنساني، وفق ما كشفه حفيداه عمر خليل وهاشم الصيفي في مقابلة مع "بيلبورد عربية".
محمد عبد الوهاب الفنان والإنسان
هو الموسيقار الذي وازن بين الأصالة والتجديد، والملحن الذي غيّر شكل الموسيقى العربية، والفنان الذي عاش في الظلّ أحيان بقدر ما عاش تحت الأضواء".في لقاء مع "بيلبورد عربية"، أكّد الحفيدان أن العمل لا يزال في مراحله الأولى، لكن الفكرة نضجت طويلا، وهي تسير بخطى حذرة في أخذ بعين الاعتبار السؤال التالي: "كيف نصنع عملا عن عبد الوهاب يكون بعمق موسيقاه، لا نسخة مقلدة من ألحانه؟"
"بعيدا عن سرد مجرد سيرة فنية"، أكدا حفيدا محمد عبد الوهاب أنّ المسلسل "يحرص على الموازنة بين القصة الإنسانية لموسيقار الأجيال وتراثه الفني الهائل كأحد أكثر الشخصيات تأثيرا في تاريخ الموسيقى العربية". وأشار المتحدثان إلى أنّ "أبرز التحديات تتمثل في إيجاد التوازن المناسب بين الأصالة والتجديد"، وذلك انعكاسا لما وصفاه بـ"أسلوب عبد الوهاب".
من الزمن الجميل إلى شاشة الدراما
ليس مشروع المسلسل هو الخطوة الوحيدة في هذا الجهد العائلي لاستعادة عبد الوهاب، بل هو جزء من سلسلة مبادرات بدأت منذ سنوات، بإشراف حفيديه، لإعادة ترميم وتوثيق ما تركه الجد من أعمال خالدة.
فقد كان عبد الوهاب من أوائل من دمجوا الموسيقى والسينما. وبين ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، لعب بطولة سبعة أفلام موسيقية، شكّلت أول نافذة للجمهور المصري نحو هذا النوع الفني الجديد آنذاك.
وقد بدأت العائلة بالفعل ترميم فيلمه "ممنوع الحب"، وتعمل على خمسة أفلام أخرى، رغم أن فيلمه الأخير "لست ملاكا" فُقد بالكامل في حريق مؤسف، ما جعله يستعصي على الترميم.
من مصر إلى لندن: تحية ملكية
وفي لفتة عالمية، تستعد عائلة عبد الوهاب لإحياء حفل موسيقي كبير في مسرح دروري لين الملكي بلندن، يوم 23 نوفمبر 2025 تكريما لهذا العبقري الموسيقي.
سيجمع الحفل بين عراقة الشرق وأبهة الغرب، بمشاركة السوبرانو العالمية فاطمة سعيد، والأوركسترا الفيلهارمونية الملكية بقيادة المايسترو الكبير نادر عباسي.
وسيكون الجمهور على موعد مع روائع عبد الوهاب الخالدة، إلى جانب ألحانه الشهيرة لكوكب الشرق أم كلثوم والعندليب عبد الحليم حافظ، بالإضافة إلى أعمال موسيقية تعكس تأثره العميق بالموسيقى الكلاسيكية الغربية.
ربمّا لا نحتاج إلى مناسبة لنتذّكر محمد عبد الوهاب، فهو يسكن الذاكرة الجماعية بصوته، وحنجرته، ووتَر عوده. لكن ما تقوم به عائلته اليوم هو أكثر من تذكير... إنه استعادة واعية ومحترفة لرمز لا يزال يعلّمنا، حتى من وراء الغياب، كيف تكون الموسيقى جسرا بين الأجيال واللغات والأزمنة.