فكل المؤشرات تؤكد بأن واقع الانفلات الأمني وعودة الاقتتال في طرابلس يتطلبان تحركا من أجل تسوية سياسية جديدة . فقد أفاد عدد من المرشحين لرئاسة الحكومة الليبية الجديدة بأن اللجنة البرلمانية تستعد لفرز ملفات 11 مرشحًا، يُتوقّع أن تُقبل ملفات 5 أو 6 منهم، تمهيدًا لعقد جلسات استماع وتصويت لاختيار رئيس حكومة جديد يوم الخميس المقبل.
وكان الدبيبة قد صرح بأنه لم يعد باستطاعته الاستمرار في التعامل مع الميليشيات والسكوت على أفعالها. ودعا الليبيين إلى دعم مشروع الحكومة والوقوف صفًّا واحدًا لتخليص البلاد من سطوة التشكيلات المسلحة الخارجة عن القانون. مشيرا الى ان هناك ميليشيات سيطرت على 6 مصارف وتمارس الابتزاز ضد الدولة والوزراء، وتنفذ عمليات سجن وتعذيب وإعدام بحق كل من يخالفها الرأي.
وفي المقابل وجه "خالد المشري"، رئيس المجلس الأعلى للدولة، خطابًا رسميًا إلى رئيس مجلس النواب للتواصل العاجل من أجل بدء إجراءات تكليف شخصية وطنية لتولي رئاسة حكومة مؤقتة خلال مدة لا تتجاوز 48 ساعة، لضمان استمرارية مؤسسات الدولة وتفادي الفراغ التنفيذي. ويتزامن ذلك مع اعلان عدة مصارف في العاصمة طرابلس الدخول في عصيان مدني، احتجاجًا على الانفلات الأمني، واستجابة لمطالب الشارع الليبي في ظل تصاعد حدة الاحتجاجات. وتواصل حكومة الوحدة الوطنية محاولات فرض النظام . وقد دخل أعيان مدينة مصراتة وطرابلس، خلال اجتماعين مع "الدبيبة" دعمهما الكامل لجهود الحكومة في إنهاء التشكيلات المسلحة. في حين أعلنت ""الهيئة الطرابلسية" أن الاجتماع مع "الدبيبة" تم بدعوات شخصية لأفراد لا يمثلون الهيئة رسميًّا، مؤكدة أن ما أُعلن على لسان الناطق باسم الحكومة "لا يعكس الحقيقة"، وأنه سبّب إحراجًا للهيئة أمام أهالي طرابلس والليبيين عمومًا، معلنة رفضها الانخراط في أي محاولة لـ"تلميع الحكومة أو شرعنتها".
وفي خضم هذا التضارب دعت بلدية طرابلس كلًّا من المجلس الأعلى للدولة، ومجلس النواب، والمجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وحكومة الوحدة الوطنية، وكافة التشكيلات المسلحة، إلى تحمّل مسؤولياتهم التاريخية في هذه المرحلة الحساسة، والاستجابة لمطالب الشعب بصورة سلمية وحضارية.
وتقدمت البعثة الأممية والمجلس الرئاسي بمبادرة جديدة لتشكيل ما سمي بـ" لجنة الهدنة" في أعقاب الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة طرابلس مؤخرا.وقالت البعثة في بيان إن "المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، أنشأ لجنة هدنة بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة، بالبناء إلى التهدئة الهشة التي تم التوصل إليها الأسبوع الماضي".
وأوضحت أن اللجنة عقدت أولى اجتماعاتها الأحد، وتركز على تيسير وقف دائم لإطلاق النار، وحماية المدنيين، إلى جانب الاتفاق على الترتيبات الأمنية لطرابلس.وأشادت البعثة بـ"الدور القيادي الذي اضطلع به المجلس الرئاسي في هذا السياق"، مؤكدة أهمية التزام الأطراف بتهدئة التوترات وتعزيز السلام.
ويترأس اللجنة اللواء محمد الحداد، رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، في خطوة اعتبرتها البعثة انعكاسا على "التزام جميع الأطراف بتجنب التصعيد، وضمان امتثالها لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي"، وفق بيان البعثة الأممية.
وحتى اليوم لم تتجاوز ليبيا حالة الانقسام السياسي المتواصل منذ عام 2022 في خضم تصارع حكومتان على السلطة ، حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة، المعترف بها دوليا، ومقرها طرابلس . وحكومة أسامة حماد التي كلفها مجلس النواب ومقرها بمدينة بنغازي وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب.
ويدفع الليبيون من دمائهم وأمنهم ثمن تعثر جهود التسوية التي ترعاها الأمم المتحدة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تنهي حالة الانقسام السياسي والصراع الأمني في بلد يثير نفطه أطماع الدول الغربية .