سيناريو الإدارة المؤقتة لغزة بقيادة أمريكية هل تتجه غزة نحو وصاية دولية ؟

في تطور جديد حول مشهد ما بعد الحرب في قطاع غزة، كشفت وسائل إعلام غربية عن مشاورات جرت مؤخرا بين مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين حول إمكانية تشكيل إدارة مؤقتة تشرف على القطاع،

بقيادة شخصية أمنية أمريكية، في أعقاب العمليات العسكرية الجارية هناك. ورغم غياب تفاصيل رسمية دقيقة، فإن التسريبات تسلط الضوء على نقاشات إستراتيجية تثير تساؤلات عميقة حول مستقبل غزة والسيادة الفلسطينية، ودور الذي تحاوله الولايات المتحدة لعبه في إعادة صياغة المعادلة الجيوسياسية في المنطقة. فالاحتلال برعاية أمريكية يواصل وضع الترتيبات الأمنية لغزة التي يستطيع من خلالها تحقيق طموحاته بقضم المزيد من الأراضي . فالادارة الدولية لغزة تتيح لاحقا للاحتلال الدخول والسيطرة على القطاع واخضاعه لسلطته الذاتية خاصة ان المجتمع الدولي اليوم برهن عجزه عن مواجهة جرائم الاحتلال وطموحاته التوسعية في غزة .

ووفق ما نقلته وكالة "رويترز" عن مصادر مطلعة ، فإن الفكرة التي طرحت في الاجتماعات المغلقة تدور حول تشكيل "حكومة انتقالية" تشرف على إدارة غزة في المرحلة التي تلي انتهاء الحرب، وذلك ضمن خطة أكبر لنزع سلاح المقاومة وتهيئة الأوضاع الأمنية والسياسية لتشكيل حكومة فلسطينية لاحقا.
وبحسب ما أوردته القناة 13 الإسرائيلية، فإن المشاورات لم تفض إلى نتائج ملموسة، ولم يتم الاتفاق على جدول زمني محدد أو هيكل تنظيمي واضح. وتشير التسريبات إلى أن الحديث لا يزال في مراحله الأولية، حيث أن "الأفكار بعيدة كل البعد عن النضج إلى خطوة عملية"، حسب وصف أحد المصادر.
من جهته قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه سيتم الإعلان عن تفاصيل المحادثات المتعلقة بقطاع غزة خلال الساعات الـ24 المقبلة، دون أن يقدم مزيداً من المعلومات.وبحسب وكالة رويترز، فإن واشنطن وإسرائيل ناقشتا فعلياً السيناريو الذي يُعرف بـ"اليوم التالي" للحرب، وتضمّن تشكيل حكومة انتقالية يقودها مسؤول أمريكي تشرف على إدارة غزة حتى استقرار الأوضاع ونزع السلاح، على أن تتكوّن لاحقاً سلطة فلسطينية دائمة.وتشير المصادر إلى أن هذه الإدارة لن تشمل حماس ولا السلطة الفلسطينية، بل ستعتمد على تكنوقراط فلسطينيين، ولن يكون لها جدول زمني واضح، إذ ستُحدد مدتها وفقاً للواقع الميداني. وتقارن التقارير الخطة المقترحة بما جرى في العراق عام 2003 بعد الغزو الأمريكي، حين شكلت واشنطن سلطة مؤقتة لإدارة البلاد، وبحسب''رويترز'' فإن دولاً أخرى ستُدعى للمشاركة في هذه الإدارة، دون تحديد من هي أو ما طبيعة مشاركتها.

نموذج العراق 2003
المقارنة التي أوردها التقرير بين المقترح الخاص بغزة وتجربة "سلطة الائتلاف المؤقتة" في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003، تفتح الباب لمخاوف جدية. فاتخاذ واشنطن حينها قرار غزو العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، عرضها لانتقادات واسعة بسبب قراراتها، خصوصا حل الجيش العراقي، وهو ما ساهم في زعزعة استقرار البلاد أمنيا وسياسيا واقتصاديا لسنوات طويلة.ويخشى العديد من المراقبين أن يتم الالتفاف على المطالب الفلسطينية بإقامة دولة ذات سيادة، من خلال فرض حلول أمنية تخدم مصالح إسرائيل أولا، تحت غطاء دولي أو إنساني.
ووفق متابعين يبدو أن الإدارة الأمريكية تحاول التوفيق بين التزامها التقليدي بأمن إسرائيل، وضغوط المجتمع الدولي بخصوص الكارثة الإنسانية في غزة.إذ لم يؤكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بشكل مباشر وجود مثل هذا البرنامج مكتفيًا بالقول إن الولايات المتحدة "تسعى للسلام والإفراج عن الرهائن"، مع التأكيد على "دعم إسرائيل".
هذا الرد يعكس حالة الحذر داخل الإدارة الأمريكية، التي تدرك أن أي دور مباشر في حكم غزة قد يعرضها لانتقادات واسعة، خاصة من الدول العربية والإسلامية، كما قد يغذي الرواية القائلة بأن واشنطن تسعى لتقويض أي فرصة حقيقية لتحقيق تطلعات الفلسطينيين.
خيارات محدودة
حتى الآن، لم يصدر تعليق رسمي من الدول العربية أو الأطراف الأوروبية حول هذه التسريبات. وقد يعود ذلك إلى غياب التفاصيل أو انتظار ما ستسفر عنه تطورات الحرب. ومع ذلك، فإن أي محاولة لفرض وصاية خارجية على غزة ، قد تثير ردود فعل قوية من المقاومة وفي العواصم العربية، خاصة تلك التي تطمح إلى لعب دور في إعادة إعمار القطاع وتهدئة الأوضاع.
ويرى محللون أنه سواء كانت الفكرة الأمريكية مجرد طرح نظري، أو خطة قيد الدراسة، فإنها تعكس صعوبة المرحلة القادمة في غزة. فإعادة الإعمار لن تكون ممكنة دون استقرار أمني، والاستقرار لن يتحقق دون تسوية سياسية شاملة، تشمل كافة القوى الفلسطينية وتضمن حق الفلسطينيين في أرضهم، وتحظى بدعم شعبي وإقليمي ودولي علاوة على ضرورة محاسبة الإحتلال على جرائم الإبادة التي يشنها ضدّ شعب كامل دون موقف دولي صارم .
تفاصيل جديدة
في موازاة ذلك، أثارت تصريحات للرئيس ترامب حول عدد الرهائن الإسرائيليين الأحياء في غزة موجة استياء لدى عائلاتهم، إذ قال إن 21 من أصل 59 ما زالوا على قيد الحياة، بينما تؤكد العائلات، نقلاً عن مصادر رسمية، أن العدد هو 24.
وطالبت العائلات الحكومة الإسرائيلية بتوضيح رسمي، متهمة إياها بإخفاء معلومات، وجددت الدعوة إلى وقف الحرب حتى الإفراج عن جميع الرهائن.
وفي هذا السياق، شكّك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء بمصير ثلاثة من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، عقب تقارير متضاربة بشأنهم.وقال نتنياهو في مقطع فيديو نشره مكتبه على تلغرام: "نعلم بشكل مؤكد أن 21 رهينة على قيد الحياة، ولا جدال في ذلك، وهناك ثلاثةٌ آخرون لا نعرف للأسف ما إذا كانوا على قيد الحياة".وأضاف "لذا المؤكد هو أن 21 (أحياء) ولكننا لن نتخلى عن أي أحد، لا الثلاثة المتبقين ولا كل الآخرين".
وفي وقت سابق، أكدت القناة 12 الإسرائيلية أن منسق شؤون الأسرى والمفقودين غال هيرش، أوضح أن 59 رهينة ما زالوا محتجزين، بينهم 24 أحياء و35 قُتلوا وتم التعرف على هوياتهم، مشيراً إلى أن 54 منهم إسرائيليون، و5 من جنسيات أجنبية.في غضون ذلك، عبّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن قلقه من خطط إسرائيل لتوسيع هجومها على غزة، محذراً من أن هذه الخطط قد تؤدي إلى خلق ظروف تهدد "استمرارية وجود الفلسطينيين كمجموعة" داخل القطاع.وأشار تورك إلى أن نقل السكان قسراً إلى مناطق جنوب القطاع، إلى جانب تهديدات بترحيلهم خارج غزة، يثير مخاوف من نوايا مبيتة تتعارض مع القانون الدولي.
وكان الجيش الإسرائيلي قد استدعى عشرات الآلاف من جنود الاحتياط استعداداً لعملية برية موسعة تشمل "السيطرة الكاملة" على غزة، وفق ما نقلته مصادر إسرائيلية.من جانبه، أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن غزة "ستُدمر بالكامل"، وأن سكانها سيُجبرون على المغادرة نحو دولة ثالثة، بعد نقلهم إلى الجنوب.
وردّاً على ذلك، شدد تورك على أن توسيع الهجوم لن يحقق الأهداف المعلنة، بل سيؤدي إلى مزيد من القتل والدمار والتهجير الجماعي.كما أعرب عن قلقه من أن السكان حُرموا من مقومات الحياة الأساسية، مؤكداً أن أي استخدام للتجويع كوسيلة حرب يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي.
من جهتها، أعربت ست دول أوروبية، من بينها إسبانيا وأيرلندا والنرويج، عن رفضها القاطع لأي تغييرات ديموغرافية أو جغرافية في قطاع غزة، مؤكدة أن هذه التوجهات تُعد خرقاً للقانون الدولي وتمثل تصعيداً عسكرياً يُقوّض فرص الحل السياسي.
كما أعلنت إسبانيا أنها ستطرح مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة لوقف ما وصفته بـ"المجزرة" في غزة، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. في حين ندد الاتحاد الأوروبي بتسييس المساعدات، ودعا إلى توزيعها عبر هيئات مستقلة.
ويعاني سكان غزة من أوضاع كارثية، بعد أن تسبب الحصار الكامل المستمر منذ أكثر من شهرين في حرمانهم من الغذاء والماء والدواء، وسط تحذيرات أممية من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انهيار إنساني كامل.وبينما تتحدث إسرائيل عن استخدام الحصار للضغط على حماس بهدف الإفراج عن الرهائن، ترى منظمات حقوقية وأطراف دولية أن ما يجري يُعد عقاباً جماعياً وجريمة ضد الإنسانية.
غلق المدارس

ميدانيا أعلنت الأونروا أمس الخميس أن إسرائيل أغلقت ثلاث مدارس تابعة لها في القدس الشرقية المحتلة، بعد ثلاثة أشهر على حظر الدولة العبرية لعمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على أراضيها.وقامت القوات الإسرائيلية بطرد الطلاب في ثلاث مدارس، اثنتين للإناث وثالثة للذكور، بحسب ما أفاد مصور في وكالة فرانس برس. وخرج بعض الطلاب باكيا بعدما عُلّق على جدار مدرسة على الأقل، قرار إغلاق ورد فيه أنها تعمل في القدس بشكل غير قانوني ودون ترخيص.وفي الشارع المؤدي إلى المدرسة، بدت الطالبات متأثرات وتحت وقع الصدمة، بينما قامت بعضهن بتبادل العناق قبل العودة إلى منازلهن.وبحسب الأونروا، تقع المدارس الثلاث في مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة.

ونص أمر الإغلاق على أنه "اعتبارًا من 8 ماي 2025، يحظر على كل مدير، عضو هيئة تدريسية أو ولي أمر، التواجد أو العمل في المدرسة أو المشاركة في فعاليات تعليمية في المدرسة".
وقال مدير شؤون الأونروا في الضفة رونالد فريدريك لوكالة فرانس برس "قامت قوات الأمن الإسرائيلية المدججة بالسلاح بالتعاون مع مسؤولي وزارة التربية والتعليم وبلدية القدس، بمحاصرة المدارس الثلاث لوكالة الأونروا في شعفاط واقتحامها بالقوة بنية تنفيذ أمر الإغلاق".وأوضح فريدريك إن ذلك تم في وقت كان فيه "أكثر من 550 تلميذا تراوح اعمارهم بين 6 و15 عاما ومعلموهم متواجدين" في المدارس.
واعتبر الخطوة "انتهاكا خطرا لامتيازات وحصانات الأمم المتحدة، هذه تجربة صادمة للأطفال الصغار الذين يواجهون خطر فقدان حقهم في التعليم بشكل فوري".وادانت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية الإجراء الاسرائيلي، معتبرة أنه "انتهاك لحق الأطفال في التعليم".
وطالبت الوزارة "المؤسسات الدولية الحقوقية والتعليم ممارسة الضغط على اسرائيل للتراجع عن هذا القرار".

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115