فما عجزت عن تحقيقه حكومة الاحتلال بالحرب والجرائم والترهيب تسعى إلى تحقيقه عبر إنشاء وكالة خاصة لتهجير الفلسطينيين . فإسرائيل ترفض ادخال المساعدات الإنسانية لغزة وتسعى إلى تدمير أي سبل للمقاومة والحياة على هذه الأرض من اجل تنفيذ مخططاتها بدعم أمريكي لجعلها منطقة منزوعة من السلاح ومن الفلسطينيين أنفسهم .وعملت حكومة الاحتلال على مخطط التهجير لسنوات عديدة فعودة الاستيطان ظل هاجسا يراود المتطرفين الصهاينة . ولذلك يرى البعض ان العملية العسكرية الجديدة في غزة واستئناف العدوان يدخل في سياق هذه المخططات الصهيونية .وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) قد صادق على إنشاء إدارة عسكرية تهدف لتنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن قطاع غزة. وقال وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس -في بيان- إن الإدارة الجديدة ستكون تابعة له، وستعمل بالتنسيق مع المنظمات الدولية والجهات الأخرى وفقا لتوجيهات المستوى السياسي.
ولاقت المصادقة الإسرائيلية على إنشاء إدارة لدعم "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من قطاع غزة إدانات عربية واسعة، وسط تحذيرات من أن هذه الخطوة تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وتندرج ضمن سياسات التهجير القسري. وبينما تزعم إسرائيل على أن هذا الإجراء يأتي استجابة لرغبة بعض سكان غزة، يرى الفلسطينيون أنه محاولة لإفراغ القطاع من سكانه وخطة تطهير عرقي ممنهجة، في تكرار لسيناريوهات التهجير التاريخي للفلسطينيين.
وفي خطوة أثارت انتقادات واسعة، وافق المجلس الوزاري الأمني التابع لحكومة الإحتلال الإسرائيلي على إنشاء وكالة خاصة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول ثالثة. هذا القرار، الذي وصفته إسرائيل بأنه "هجرة طوعية"، يفتح باب التساؤلات حول نوايا تل أبيب الحقيقية، ومدى توافقه مع القانون الدولي، وانعكاساته المحتملة على مستقبل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
يصر المسؤولون الإسرائيليون، ومن بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الحرب يسرائيل كاتس، على أن الخطة تستند إلى مبدأ "النقل الطوعي"، وهو ما يثير الشكوك في ظل الوضع الراهن في غزة، حيث الحرب المدمرة وانهيار البنية التحتية والأزمة الإنسانية غير المسبوقة.
ويرى مراقبون أن الحديث عن "الطوعية" في ظل ظروف القصف والتجويع وحرب الإبادة يبدو أقرب إلى إجبار غير مباشر وتهجير قسري للفلسطينيين من أرضهم . إذ يؤكد محللون أن أي تهجير جماعي لسكان غزة، حتى لو زعم الإحتلال أنه طوعي، يشكل تطهيرا عرقيا مقنعا. فبموجب القانون الدولي، يُعتبر النقل القسري للسكان من مناطق النزاع جريمة حرب، سواء تم بالإكراه المباشر أو عبر خلق ظروف تجعل البقاء مستحيلا ، تطهيرا عرقيا كامل الأركان .
وتبدو ''إسرائيل''، اليوم وكأنها تنفذ خطة كانت تُعتبر سابقا ضمن أفكار التيار اليميني المتطرف، مدفوعة برؤية إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي طرح تصوّرا لتحويل غزة إلى "ريفييرا" شرق أوسطية بعد إفراغها من سكانها الأصليين الفلسطينيين.
تغيير ديموغرافي
مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تتكشف معالم إستراتيجية تهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي طويل الأمد، عبر دفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية وتقليص أعدادهم في القطاع. وفي حين تحاول إسرائيل الترويج لمفهوم "الهجرة الطوعية"، فإن الوقائع على الأرض تعكس صورة مختلفة، حيث يُستخدم الدمار الشامل والأوضاع الإنسانية الكارثية كأدوات ضغط لدفع السكان نحو الرحيل، في انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وتحاول إسرائيل تنفيذ مخطط قديم بإفراغ غزة من سكانها، مستغلة الحرب كذريعة لخلق واقع جديد. إذ تتعمد إسرائيل تدمير مقومات الحياة الأساسية، من مستشفيات ومدارس ومنازل، إلى شبكات المياه والصرف الصحي، ما يجعل الحياة اليومية في القطاع شبه مستحيلة.
وقد جاء تصديق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" على إنشاء إدارة خاصة بهذه العملية كجزء من مخطط واسع رسمه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي اقترح تحويل غزة إلى "ريفييرا شرق أوسطية"، ولكن بعد تفريغها من سكانها الفلسطينيين.ومنذ بداية الحرب، استخدمت إسرائيل سياسة "الأرض المحروقة"، حيث تم استهداف المستشفيات بشكل مباشر، مما أدى إلى انهيار القطاع الصحي، وانتشار الأمراض بسبب تلوث المياه ونقص الرعاية الطبية.كذلك، أدت الهجمات إلى تدمير واسع للبنية التحتية، مما تسبب في تفاقم الأوضاع البيئية والصحية. ومع انهيار شبكات المياه والصرف الصحي، وتحول أجزاء واسعة من غزة إلى مناطق غير صالحة للعيش، يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام وضع كارثي. ويرى البعض أن ما يجري في غزة ليس مجرد نزوح مؤقت بسبب الحرب، بل هو جزء من مخطط ''إسرائيلي'' طويل الأمد يهدف إلى إعادة تشكيل التركيبة السكانية للقطاع، بما يخدم الأجندة الإسرائيلية. ومع تصاعد الضغوط الدولية والعربية لوقف هذا المخطط، يبقى السؤال: هل يستطيع الفلسطينيون والمجتمع الدولي التصدي لهذه المحاولة الجديدة لاقتلاع سكان غزة، أم أن الحرب ستنتهي بواقع ديموغرافي جديد يخدم المصالح الإسرائيلية؟
مواقف عربية موحدة ضد التهجير القسري
ووفق متابعين فإن أي محاولة تهجير جماعي قد تثير ردود فعل دولية غاضبة، خاصة أن القضية الفلسطينية ما زالت تحظى بدعم في الأمم المتحدة وأوساط حقوق الإنسان الدولية . كما أنه لم تعلن أي دولة حتى الآن استعدادها لاستقبال الفلسطينيين المهجرين، مما يجعل تنفيذ الخطة معقدًا ، كما أن الدول التي تم التواصل معها لاستقبال الفلسطينيين رفضت بشكل قاطع وهي الأردن مصر الصومال السودان وإقليم أرض الصومال غير المعترف به دوليا. كما لاقت الخطة رفضا شديدا من الفصائل الفلسطينية لأي مخطط يؤدي إلى تهجير السكان، خاصة وأن غزة جزءا لا يتجزأ من المشروع الوطني الفلسطيني.
وتمثل هذه الخطوة تطورا خطيرا في مسار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تعيد إلى الأذهان مشاهد التهجير القسري للفلسطينيين عام 1948. ويبقى السؤال الأهم: هل ستسمح القوى الدولية والعربية بتمرير مخطط تهجير سكان غزة، أم أن هذه الخطوة ستواجه رفضا حاسما يضع حدا لأحلام إسرائيل في تغيير ديموغرافيا المنطقة؟
وفي سياق ردو الأفعال رفضت مصر، التي لعبت دور الوسيط في القضية الفلسطينية، مبررات ''إسرائيل'' حول "الهجرة الطوعية"، مؤكدة أن "أي نزوح يتم تحت نيران القصف والحصار هو تهجير قسري يتعارض مع القانون الدولي". وأشارت الخارجية المصرية إلى أن "إسرائيل تستخدم أدوات مثل منع المساعدات الإنسانية والتجويع كوسيلة ضغط على السكان لدفعهم إلى المغادرة، وهو ما يشكل جريمة حرب وفقًا للمعاهدات الدولية".
كما انضمت المملكة العربية السعودية والأردن إلى موقف الإدانة، حيث أكدت الخارجية السعودية رفضها القاطع للقرار الإسرائيلي، معتبرة أنه انتهاك متواصل للقانون الدولي. كما شددت على أن أي حل دائم للصراع لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفق حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
أما الأردن، الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، فقد حذر من أن أي محاولات لفرض تغيير ديموغرافي في غزة ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي وتفاقم الأزمة الإنسانية.
من جهتها، وصفت الخارجية القطرية القرار الإسرائيلي بأنه "انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي"، وأكدت أن أي تهجير للفلسطينيين يمثل جريمة دولية. كما أدان مجلس التعاون الخليجي، على لسان أمينه العام جاسم البديوي، الخطوة الإسرائيلية، واعتبرها "انتهاكًا سافرًا للمواثيق الدولية، وتهديدًا خطيرًا للأمن والاستقرار في المنطقة".
رؤية ترامب
وتستند "إسرائيل" في خطتها إلى ما يُعرف بـ"رؤية ترامب"، التي اقترحت تحويل غزة إلى "ريفييرا شرق أوسطية" بعد تهجير سكانها، وهو مشروع رفضته الدول العربية.
ورغم المعارضة الواسعة، لا تزال "إسرائيل" متمسكة بخطتها، وزعمت أن الإدارة التي ستنشئها داخل وزارة الحرب ستكون مسؤولة عن تسهيل مغادرة سكان غزة الراغبين في الرحيل، بالتنسيق مع منظمات دولية.
في محاولة لمواجهة المخطط الإسرائيلي، قدمت مصر، بدعم عربي، مقترحا بديلاً يركز على إعادة إعمار غزة دون الحاجة إلى نقل سكانها. إلا أن الولايات المتحدة وإسرائيل رفضتا هذا المقترح، ما يعكس إصرار تل أبيب على تنفيذ خطتها الديموغرافية.
وتُظهر المواقف العربية إجماعا على رفض أي تغيير ديموغرافي قسري في غزة، لكن فعالية هذا الرفض تبقى مرهونة بمدى قدرة الدول العربية على ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل والولايات المتحدة.وعلى المستوى الدبلوماسي، يمكن أن تلعب الدول العربية دورا في حشد المجتمع الدولي ضد المشروع، خاصة عبر الأمم المتحدة والمحاكم الدولية.
وتطرح الخطة الإسرائيلية تساؤلات جوهرية حول مصير غزة ومستقبل القضية الفلسطينية ككل. وبينما تبرر تل أبيب تحركاتها بذرائع "الطوعية"، يؤكد الموقف الفلسطيني العربي أن ما يحدث هو تهجير قسري يتعارض مع القوانين الدولية. ومع تزايد الضغط العربي والدولي، تبقى قدرة "إسرائيل" على تنفيذ مخططها مرهونة بمدى استعداد المجتمع الدولي للتدخل.
حماس تدعو إلى النفير العام
من جهتها دعت حركة حماس أمس الثلاثاء إلى النفير العام أيام الجمعة والسبت والأحد القادمة، دفاعا عن غزة والقدس والأقصى، ونصرة لصمود الشعب الفلسطيني ، ورفضا لـ "جرائم الاحتلال وداعميه".
وقالت الحركة ، في تصريح صحفي أورده المركز الفلسطيني للاعلام ، إن دعوتها للنفير العام تأتي "في ظل تصعيد الاحتلال الصهيوني عدوانه الهمجي وارتكابه المجازر بحق شعبنا في قطاع غزة، واستمراره في جرائمه بالضفة والقدس والمسجد الأقصى المبارك، وبدعم أمريكي كامل، وصمت دولي مطبق".ودعت الحركة إلى "تصعيد المسيرات والفعاليات التضامنية في كل المدن والعواصم، وجعل هذه الأيام المباركة من رمضان أياما للنفير الشامل، واستخدام كل الوسائل للضغط لوقف القتل والحصار والتجويع، ودعم غزة وتضميد جراحها، والقدس والأقصى وتعزيز صمودهما، وفضح جرائم الاحتلال والدعم الأمريكي لها".وطالبت "جماهير شعبنا في الضفة والقدس والداخل المحتل إلى شد الرحال والرباط والاعتكاف في المسجد الأقصى، والاشتباك مع الاحتلال وقطعان مستوطنيه في كل الساحات، نصرة لغزة والقدس والأقصى".
كما حثت "أبناء شعبنا في الداخل والشتات بمناسبة يوم الأرض (30 مارس الجاري ) إلى الخروج في مسيرات شعبية حاشدة، رفضا لسياسات التهجير والضم، وتمسكا بحقنا في العودة والتحرير".ودعت حماس "جماهير الأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى جعل أيام الجمعة والسبت والأحد القادمة محطات غضب واحتجاج في كل الساحات، ومواصلة الضغط على الاحتلال وداعميه، عبر المظاهرات والمسيرات الحاشدة ومحاصرة السفارات الصهيونية والأمريكية، وفضح جرائم الإبادة ضد شعبنا".وطالبت حماس "قادة وحكومات الأمة العربية والإسلامية إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية، واتخاذ موقف حاسم لوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، ودعم صمود شعبنا".
الحوثيون يستهدفون مطار بن "غوريون"
أعلنت جماعة الحوثي اليمنية، فجر أمس الثلاثاء، استهدافها مجددا مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخين باليستيين أحدهما "ذو الفقار" والآخر "فلسطين 2" الفرط صوتي، وذلك للمرة الخامسة خلال أيام.جاء ذلك في بيان للقوات المسلحة التابعة للجماعة اليمنية، للإعلان عن عمليتين عسكريتين استهدفتا مطار بن غوريون، وقطعا بحرية حربية أمريكية في البحر الأحمر، وصفتها بأنها "معادية".ويعد استهداف "بن غوريون" العملية الخامسة التي تنفذها جماعة الحوثي ضد المطار الإسرائيلي، خلال أيام.
وقال جيش الإحتلال الإسرائيلي إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن قبل دخوله الأجواء، فيما أفادت وسائل إعلام عبرية بينها هيئة البث الرسمية باعتراضه في الأجواء الإسرائيلية وسقوط شظايا للصاروخ الاعتراضي.والأحد، استهدفت جماعة الحوثي مطار بن غوريون للمرة الرابعة، خلال 72 ساعة، عقب إعلان الجماعة فجر السبت استهدافه، للمرة الثالثة خلال 48 ساعة.
وقالت الجماعة في بيانها إن "قوتها الصاروخية استهدفت مطار بن غوريون في منطقة يافا المحتلة، بصاروخين باليستيين أحدهما ذو الفقار والآخر فلسطين 2 الفرط صوتي".وأشارت إلى أنّ العملية "حققت هدفها بنجاح"، وتأتي "نصرة للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة".وفي سياق متصل، جددت جماعة "الحوثي" تأكيد استمرارها في "منع الملاحة الإسرائيلية واستهداف عمق إسرائيل" حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة.
و"تضامنا مع غزة" في مواجهة الإبادة الإسرائيلية، باشر الحوثيون منذ نوفمبر2023 استهداف سفن شحن مملوكة لإسرائيل أو مرتبطة بها في البحر الأحمر أو في أي مكان تطاله بصواريخ وطائرات مسيرة.
وأوقفت الجماعة استهدافاتها عقب سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس في جانفي الماضي، لتعاود الهجمات مع استئناف تل أبيب الإبادة الجماعية في القطاع.وفي سياق العدوان الأمريكي على اليمن، أفادت الجماعة بأن قوتها البحرية والصاروخية وسلاح الجو المسير استهدف الاثنين "عددا من القطع الحربية المعادية في البحر الأحمر بالإضافة إلى حاملة الطائرات الأمريكية ترومان بعدد من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة".
وقالت إن العملية في البحر الأحمر جاءت "ردا على العدوان الأمريكي على اليمن، وارتكابه المجازر بحق المدنيين في صنعاء (وسط) وصعدة (شمال)".ووفقا للبيان، اشتبك الحوثيون لساعات مع القطع الحربية في البحر الأحمر، وهو "الاشتباك الثاني خلال 24 ساعة".وتحدثت الجماعة عن أن الاشتباك أسفر عن "إفشال هجوم جوي كان العدو يحضر لتنفيذه ضد اليمن"، بحسب المصدر ذاته، دون تعليق أمريكي فوري بالخصوص.
والأسبوع الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أمر جيش بلاده بشن "هجوم كبير" ضد جماعة الحوثي في اليمن، قبل أن يهدد بـ"القضاء على الحوثيين تماما".بينما ردت الجماعة الخميس، بأن تهديد ترامب "لن يثنيها عن مواصلة مناصرة غزة" حيث استأنفت منذ أيام قصف مواقع داخل إسرائيل وسفن في البحر الأحمر متوجهة إليها بالتزامن مع استئناف تل أبيب منذ فجر الثلاثاء الماضي، حرب الإبادة على القطاع.