من محور نتساريم في غزة وفقاً لترتيبات المرحلة الأولى من الاتفاق . ويمثل هذا الانسحاب مفترقا هاما على طريق استكمال باقي مراحل الهدنة ويكرس نجاح حركة المقاومة في فرض شروطها على المحتل . يأتي ذلك فيما تشهد القضية الفلسطينية معتركا جديدا مع تهديدات ترامب وتلويحه بتنفيذ مخطط تهجير فلسطينيي قطاع غزة قسرا إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن والسعودية والمغرب، وسط رفض عربي واقليمي ودولي .
وأكدت فصائل المقاومة الفلسطينية أنّ انسحاب جيش الاحتلال الصهيوني من محور "نتساريم" يؤكّد انتصار المقاومة وفشل أهداف الاحتلال وأوهام قيادته الفاشية بالسيطرة العسكرية على قطاع غزة وتقسيمه. وشدَّدت حركة حماس على أنَّ "انسحاب جيش الاحتلال الصهيوني من محور "نتساريم" هو انتصار لإرادة شعبنا، وتتويج لصمود وبطولات مقاومتنا الباسلة، وتأكيد على فشل أهداف العدوان الإرهابي".
مطالب صهيونية جديدة
ويبدو أن نتنياهو يحاول أن يعوض في المرحلة الثانية من اتفاق وقف اطلاق النار فشله في حرب غزة وفي تحقيق أهدافه باجتثاث حركة حماس. اذ ذكرت مصادر عبرية بان نتنياهو يرغب بتحقيق 3 مطالب في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وتوقعت أن ترفضها حركة "حماس".
وبدأ في 19 جانفي الماضي سريان هذا الاتفاق، وهو يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، ويتم في الأولى التفاوض لبدء المرحلة الثانية، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن نتنياهو سيعرض مطالبه للمرحلة الثانية من وقف النار على المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، خلال اجتماع يعقد اليوم الثلاثاء، وسط توقعات برفض "حماس".
وأوضحت أن من بين ما سيعرضه نتنياهو: طرد قيادة "حماس" من غزة، وتفكيك كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين في القطاع.
ويوجد في غزة 76 أسيرا إسرائيليا، بينما يقبع في سجون إسرائيل آلاف الفلسطينيين، ويعانون من أوضاع متردية تسببت بمقتل العديد منهم، وفق تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
الصحيفة زادت بأنه في حال قبول "حماس" بتلك المطالب ستنتهي الحرب في غزة.
وفي وقت لاحق، قالت القناة "13" العبرية (خاصة) إن الوفد الإسرائيلي المفاوض عاد من العاصمة القطرية الدوحة، بعد مناقشة باقي تفاصيل المرحلة الأولى من اتفاق غزة.
وأفادت بأن اجتماع "الكابينت" الثلاثاء سيتم عقده بناء على ما توصل إليه طاقم المفاوضات من نتائج.
ووفق الصحيفة، تواصل نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بشأن مبادئ المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأردفت أنه في حال رفض "حماس" المتوقع، سيعمل نتنياهو على تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، في إشارة إلى تهربه من التزامات المرحلتين الثانية والثالثة، ولا سيما إنهاء الإبادة تماما وسحب الجيش من غزة بشكل كامل.
وبيَّنت أن نتنياهو يريد إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين من غزة، وبإمكان إسرائيل تأخير أو تعطيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وحوّلت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن بالعالم، إذ تحاصرها للعام الـ18، وأجبرت حرب الإبادة نحو مليونين من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء.
وفي 21 نوفمبر الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
قمة أردنية أمريكية
ويتزامن ذلك مع انعقاد القمة الأردنية الأمريكية في واشنطن في أول لقاء يجمع بين ملك الأردن ، بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ تنصيبه . ويخيم على اللقاء موضوع التهجير ويتزامن مع تواصل الرفض العربي لمخطط ترامب للاستيلاء على القطاع وتهجير الفلسطينيين منه.
ويدرك الأردن، حسب التحركات الرسمية والشعبيىة، خطورة مخطط التهجير، وخاصة على أمن المملكة، وإخلاله بتركيبتها الديموغرافية، وتداعياته على استقرارها واقتصادها.
وكان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي قد أكد وجود "توافق عربي كامل" على رفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم، في ظل مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وذكرت الخارجية المصرية، في بيان امس، أن عبد العاطي التقى، في واشنطن مساء الأحد، عضو لجنتي العلاقات الخارجية والاعتمادات بمجلس الشيوخ الأمريكي السناتور الديمقراطي كريس فان هولن.
وقال متحدث الوزارة السفير تميم خلاف إن "اللقاء تناول سبل دعم الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة". وأضاف أن "اللقاء شهد حوارا مطولا وتبادلا للرؤى بشأن مستجدات الأوضاع على صعيد القضية الفلسطينية". وشدد عبد العاطي على "التوافق العربي الكامل على مسألة رفض تهجير الفلسطينيين". وأكد "أهمية إيجاد أفق سياسي للقضية الفلسطينية، يسفر عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وتمتع الشعب الفلسطيني بحق تقرير المصير".
إقرار إسرائيلي بالفشل
وتصدر تصريحات من قادة الكيان تقر بانتصار المقاومة . وقال وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي، امس الاثنين، إن حركة "حماس" ما تزال تقف على قدميها، وإن تل أبيب لم تحقق أي من أهدافها من حرب الإبادة بقطاع غزة.
جاء ذلك في تغريدة نشرها شيكلي على منصة "إكس"، أعلن خلالها معارضته للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة بين حماس وتل أبيب.
وادعى شيكلي أن "الاتفاق مع حركة حماس خطير وغير واقعي، وأن الإدارة الأمريكية تدرك ذلك"، مضيفا أن إسرائيل "لم تنه مهمتها بعد في غزة، ولم تحقق أي من أهدافها من الحرب على القطاع".
وأقر بأن حركة "حماس" ما تزال تقف على قدميها، مضيفا: "لن نتمكن من العيش بجانبها وهي واقفة على قدميها".
وعلى مدار أكثر من 15 شهرا من الإبادة بغزة، حددت إسرائيل أهداف حربها بالقضاء على القدرات العسكرية وحكم "حماس" في القطاع ومنع تكرار هجوم 7 أكتوبر، وإعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة.
كما أعرب شيكلي عن معارضته للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار التي تعني وفق قوله "إفراغ السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين"، مؤكدا أنه لن يقبل حدوث ذلك بصفته وزير.
وفي معرض انتقاده للمرحلة الثانية، قال إن "المرحلة الثانية من الاتفاق تعني الانسحاب من محور فيلادلفيا بين غزة ومصر، وهو ما لا يمكن العيش معه"، على حد تعبيره.
والثلاثاء الماضي، انطلقت مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب على غزة
حماس: تصريحات ترامب بشأن شراء غزة عبثية
في الأثناء، أدانت حركة "حماس"، امس الاثنين، تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن "شراء وامتلاك غزة"، واصفة إياها بأنها "تصريحات عبثية". وقال عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق، في بيان: "نستنكر تصريحات ترامب بشأن شراء وامتلاك غزة، وهي تصريحات عبثية".
وأوضح أن تلك التصريحات "تعكس جهلا عميقا بفلسطين والمنطقة".
وتابع الرشق قائلا: "غزة ليست عقارا يُباع ويُشترى، وهي جزء لا يتجزأ من أرضنا الفلسطينية المحتلة". وأكد أن التعامل مع القضية الفلسطينية بـ"عقلية تاجر العقارات" سيكون مصيره الفشل، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني "سيفشل كل مخططات التهجير والترحيل". وختم قائلا: "غزة لأهلها، وهم لن يغادروها إلا إلى مدنهم وقراهم المحتلة عام 1948”.
والأحد، قال ترامب في تصريحات خلال حديثه للصحفيين، على متن الطائرة الرئاسية، إنه ملتزم بشراء قطاع غزة وامتلاكه.
وتابع: "أنا ملتزم بشراء غزة وامتلاكها" مدعيا أنه لم يبق شيء للعودة إليه في غزة، وأنها غير آمنة مطلقا، في إشارة إلى الدمار الذي لحق بها جراء الغارات الإسرائيلية.
وعن ذلك قال: "فكروا في الأمر على أنه مشروع عقاري ضخم، والولايات المتحدة سوف تمتلكه ببطء شديد".
وأكد ترامب أن غزة منطقة مدمرة كاملا، مضيفا: "سنسويها بالأرض ونصلحها، ولن يكون فيها أحد. لن تكون فيها حماس".
وأكمل: "سنبنيها من خلال دول غنية أخرى في الشرق الأوسط ستقوم ببناء أماكن جيدة للناس للفلسطينيين للعيش فيها. ربما سيعيشون في وئام وسلام لأول مرة منذ مئات السنين". وادعى ترامب أن السماح لفلسطينيي غزة بالعودة سيكون خطأ كبيرا.
تواصل العدوان شمال الضفة
أحرق جيش الاحتلال الإسرائيلي، امس الاثنين، منزلا فلسطينيا بمحافظة جنين، فيما تواصل قواته عمليتها العسكرية في محافظات شمالي الضفة الغربية منذ 21 جانفي الماضي.
وقال شهود عيان لوكالة الأناضول، إن قوة إسرائيلية اقتحمت بلدة السيلة الحارثية غربي جنين وحاصرت منزلا فيها. وبين الشهود أن القوات اعتقلت 3 مواطنين من المنزل قبل أن تقوم بإحراقه. بدورها، ذكرت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في بيان ، إن مقاتليها تمكنوا من تفجير عدة عبوات في قوات الاحتلال الإسرائيلية المقتحمة لبلدة السيلة الحارثية وأمطروها بزخات من الرصاص. وأشارت إلى أنها حققت إصابات مؤكدة في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر 2023 و19 جانفي 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت نحو 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.