ايام قرطاج الموسيقية: مجموعة "اوتوسراد" الاردنية موسيقاهم جنون وأغانيهم صوت الانسان

حاصر حصارك بالجنون !وبالجنون وبالجنون، ذهب الذين تحبّهم، ذهبوا، فإما ان تكون،

أو لا تكون هكذا صرخ درويش في رائعته "سقط القناع"، نفس الجنون شاركه فيه مجموعة "اوتوستراد" بإيقاعاتها واغانيها، موسيقاها جنون وكلماتها رمز للتحرر من كل القيود المادية والرمزية، موسيقاهم يرجّ المستمع ويدفع المتلقي لاعادة قراءة ذاته واكتشاف نور الثورة وشرارة الحرية داخله.

"اوتوسراد" مجموعة اردنية قدمت عرضها ضمن ايام قرطاج الموسيقية ولعبت الفرقة في مسرح الجهات وتتكون المجموعة من ستة عازفين وهم أفو ديمرجيان الغناء وغيتار وبشار حمدان ساكسوفون وبيانو ويزن الروسان غيتار وهو المغني الرئيسي في العرض وبرهان العلي طبول وعبد الرحمان عطاري غيتار ومهند شويات بيانو، وتاسست الفرقة عام 2007 على يد اربعة اصدقاء هم بشار حمدان وافو دامرجيان ويزن الروسان وبرهان العلي الذين تحوّلت صداقتهم الى الياذة فنية تدافع عن الانسان بالموسيقى.

اوتوستراد توزّع صكوك التمرد على الخشبة

الموسيقى صوت ازلي للحرية والايقاعات الصاخبة بمختلف مدارسها الكلاسيكية والحديثة انعكاس للذات الخلاقة والمتميزة وعلى الركح تميزت مجموعة "اوتوستراد" وكتبت في تاريخها الموسيقي اسطرا للنجاح امام اصعب الجماهير الجمهور التونسي وضمن فعاليات ايام قرطاج الموسيقية، الفرقة كسبت الرهان وأعلت صوت الحرية عاليا وهتفت الحناجر باسم فلسطين والحرية لكل الشعوب، فاتحدت الايقاعات وانسجمت الانماط الموسيقية من الجاز الى الراي والإيقاعات المشرقية التقليدية ليؤكدوا ان الموسيقى صوت الانسان.
يكتب الطبل اولى اسطر الحرية، ضرباته العنيفة وكانها صوت الالهة تحيي الجميع، تلك الضربات العنيفة هي امتداد لتاريخ الانسان وارثه الثقافي والحضاري، صوت الطبول القوية كانها صرخة الاله "لكشمون" ملك المؤابين الذين حكموا الاردن في العصور القديمة وعاصمتهم كانت "ديبون"، لكشمون القوي والعظيم تلبّست الطبلة روحه لتنفث على الركح نارا هي شرارة للتحرر والتزام الفنانين بتاريخ بلدهم، فالموسيقى لدى اوتوستراد هي صوت "العموريين" منذ ما قبل التاريخ وصولا الى اللحظة، بموسيقاهم يعرّفون بتاريخهم وارثهم ويدافعون عن وطنه لذلك قدموا البوم "تراثي".
"اوتوستراد" فرقة موسيقية ملتزمة بالوطن ونبض الشارع، اغانيها عبارة عن وثائق احتجاجية تتغنى بواقع المواطن في الاردن والعالم العربي، اغانيهم وإيقاعاتهم تتماهى مع اسم الفرقة التي تعني الطريق السريعة كذلك ايقاعاتهم صاخبة ومتسارعة كما الادريلانين في الجسم، ايقاعاتهم نبض للوطن وحكاياته، بأغانيهم اعادوا التراث الاردني والفلسطيني ومزجوه بإيقاعات عصرية لتصل الى اعدد اكبر من الجمهور، انتصروا للقضايا العادلة في كلماتهم فكانت اغانيهم نبراسا للحرية وصوت للحالمين والباحثين عن الحرية من وسط الزنازين والدروب المعتمة.
الموسيقى سلاح للتجديد واحياء الذاكرة
تجمع موسيقى "أوتوستراد" بين موسيقى الروك والريغي والموسيقى اللاتينية والفانك والجاز وتستخدم من البيئة الأردنية لهجتها العامية، مثلما تستلهم منها القضايا السياسية والمجتمعية التي تشمل موضوعات قصص الحب والنضال والحروب والفقر والتشرد وتعاطي المخدرات والبحث عن الذات، يقول يزن الروسان، أحد أعضاء الفرقة إن "أوتوستراد" تقدم خليطا يمزج بين موسيقى الغرب والشرق، هذا الخليط يمثله أيضا أعضاء الفرقة الستة.
واغانيهم تعبّر عن مشاغل الشباب فأغنية "سافر" موضوعها الهجرة و"استنى شوي" تشير الى المشاكل التي يعاني منها الاصدقاء و"احنا انحبسنا" تحيل الى السجون الرمزية التي يعاني منها جيل اليوم واغانيهم و للحب يغنون في "قلبي" التي تقول كلماتها "انا في الدنيا شفتك صدفة، قلت انساك وانسى لطفك، تاري هواك، سكن فيّا عشق روحي، حلي لي" والاغنية الاكثر تفاعلا في قاعة الجهات بمدينة الثقافة.
فالحب والنضال والتحديات المالية والبحث عن الذات مسائل تخوض فيها المجموعة عبر اغانيها وتستثمر الفرقة تنوع اعضاء الفرقة واختلاف تجاربهم الشخصية لانتاج موسيقى تتجاوز اللغة والهوية والحواجز من خلال الحان اصلية وكلمات معبرة وبسيطة تخترق قلب الجمهور مباشرة.

موسيقاهم صوت للانسانية، ايقاعات الساكسوفون تشبه لحظات تذكّر التاريخ وفتح دفاتره المنسية، فالساكسوفون سيكون الالة الاكثر هدوء، نغماتها تشبه الجولة في التاريخ السحيق، فيكتشف المتلقي ارض "العموريين" اشقاء الكنعانيين، ويتعرف على ملامح الادوميون والمؤابيون والحشبونيين والعمونيون والباشانيون والانباط، ثم البيزنطيين والرومان وصولا الى العرب المسلمين كلّ هذا المزيج من الحضارات خلق مساحات للمثاقفة والأغنية التي التقطت المجموعة معالمها وبنت منها عالما موسيقيا مميزا، ينطلق من "الربابة" ليصل الى القيثار الالكتريك وينهما سير شعوب وحكايات ناس نحتوا ملامح الاوطان.
هي صوت الذاكرة والحكايات القديمة، الة الربابة بنوتاتها الساحرة تكون سيدة المكان، ايقاعاتها تنبعث في المكان كما العنقاء في انبعاثها من رمادها، الة تختصر التاريخ وتبحر في الجغرافيا هي صوت الكرنك ونهر اليرموك ووادي السرحان، الربابة جزء من الهوية الموسيقية للاردن ومنطقة الشام الكبرى وظفت ايقاعاتها في عروض اوتوستراد وحتى ان لم تحضر الالة على الركح فايقاعتها تعزف من خلال بقية الالات، لتكون الموسيقى امتداد الذاكرة الشعوب وتحضر بقوة في البوم "تراثي" اين تجولت المجموعة في العديد من المناطق داخل الاردن على غرار الرمثا والكرك ورم والعقبة للبحث عن الاغاني القديمة واعادة احيائها وتقديمها للجمهور لان الموسيقى تاريخ ومن يحافظ على موسيقاه يمكنه الحفاظ على حكايات اجداده وتاريخ بلده.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115