كتاب "افنان" لفريق ورشة الكتابة "متطوعون" ببوعرادة أطفال الريف التونسي ينتفضون بالكتابة ويصرخون بالنص

الكتابة سلاح الحالمين والمتمردين، الكتابة لغة للتغيير

ووسيلة حقيقية لبناء طفل واع ومواطن فاعل في مجتمعه، الكتابة بوح بما يسكن القلب وإفراغ لما يخنق الروح ويقلق العقل، على الورق وكلما تناثرت الأحرف على الورق الأبيض تشكلت عوالم يبدع الطفل في نحت ملامحها حتى تصبح نصوص مبهرة يكتبها الطفل بحب ليتقبلها القارئ بكل الشغف من هنا ولد "افنان" مؤلف جماعي أنتجته ورشة الكتابة لجمعية "متطوعون" بوعرادة.

"افنان" مؤلف جماعي صدر عن دار الكتاب لصاحبها الحبيب الزغبي والكتاب تضامني ستخصص عائداته لاقتناء مستلزمات العودة المدرسية، يتنزل ضمن حملة اجتماعية حقوقية عنوانها "جيل غدوة نعاونوه اليوم" التي تنظمها جمعية متطوعون بوعرادة، كتبه كل من سمر المناعي ومحمد قويدر ومحمد امين عون الله وسجود الرياحي واياد الوسلاتي ومحمد يعقوب عبيد وملكة الهمامي وانوار النوري وفادية الجباري وايمان القيطوني وغاية الوسلاتي ومحمد ياسين مازني وايات القيطوني واسماء الهمامي وشهد الماجري ونور الرياحي وختم برسالة كتبها عمر الوسلاتي.

كتاب "افنان" صرخة ابناء الهامش ضدّ قسوة الجغرافيا

هيا نكتب، فلنحاول تغيير واقعنا بالإبداع، جميعنا مسئول عن فعل التغيير وقادر على الانجاز، لنكن صوت أترابنا في أرياف سليانة والهامش التونسي، لنصغى لاحلامهم وحكاياتهم ولتكن أحرفنا سلاحنا لنقول للسلطة ان نحن الأطفال نعي جيدا بحقوقنا، نعرف دورنا ونفهم في القوانين، فلنكتب ليسمع المسؤولين صرخاتنا وليكن ما نخطه في ورشات الكتابة صورة عن اطفال حالمين، واعين يكتبون ليساعدوا غيرهم في التمتع بسنة دراسية جديدة، فعائدات كتاب "افنان" ستكون لفائدة التلاميذ المعوزين، وستخصص العائدات لمساعدة بين 50و100تلميذ ليعودوا الى مقاعد الدراسة، فلنكتب بحب، ولكم ان تقتنوا الكتاب التضامني علّكم تنقذون الاطفال في عمق الريف.
"افنان" ليس مجموعة من النصوص كتبها اطفال، افنان تجربة انسانية وسردية للمقاومة، النصوص عصارة حب الاطفال للحرف ورغبتهم في تغيير واقعهم عبر اللغة، الكتاب نصوص ثائرة ضد الصمت المجتمعي والعالمي، احرف كما الرصاص توجه ضد كل تلوينات الغدر والانهزامية، محاولة لصناعة واقع جديد كما يراه اطفال ورشة الكتابة لجمعية متطوعون ببوعرادة، في تلك المدينة المرابطة على الارياف وحارسة الحقول المتناثرة يحلم الاطفال ويكتبون، يعبرون باللغة عن احلام ابناء الريف وصرخات اطفال الهامش، ينصتون لوجع التلميذ الراغب في الدراسة رغم بعد المدرسة وقسوة الجغرافيا، اصوات صغيرة تحاول ان تكون قوية ويتردد صداها في مجازات الفضاء وتعاند الجبال الشاهقة المحيطة بالقرى، بالحرف كتبوا وقرروا ان يكونوا صوتا لهامشهم وروحا متمردة فولد "افنان" كتاب في ادب الرسائل حبّره أطفال ويافعين تحت اشراف المؤطرتين جميلة الشريف وعيشة السلامي.
"افنان" تجربة انسانية وحقوقية تخوض غمارها جمعية متطوعون منذ اعوام، جمعية تدافع عن حق ابناء الريف في الثقافة والفنون، تقدم للاطفال ورشات في الكتابة والرسم والسينما وتبعث فيهم الامل في وطن افضل عبر نثر "مكتبات الخيال" في فضاءات الريف، الكتاب قدمه الاطفال في نقابة الصحفيين بالعاصمة في اشارة الى ان لابناء الهامش القدرة على اكتساح المركز والتحوّل من مستهلك للادب الى منتج له، ابناء بوعرادة كانوا كبارا باحلامهم ولغتهم وقدرتهم على صناعة منجز ثقافي يحترمه الكبار قبل الاطفال.
رسائل حرة تكشف وعي الطفل بحقوقه ورغبته في التغيير
الكلمة هي جسر للتغيير والأداة الأكثر قدرة على صنع المستقبل، وأطفال اليوم هم صناع الغد وعلامات النور فيه، كتاباتهم كما قبس الحياة، وورشة الكتابة التي تقدمها جمعية متطوعون ببوعرادة تشبه المساحة المقدسة ليمارس الأطفال شعائر الحلم والنقد، في "افنان" ثالث انتاجات الورشة كان الاختيار على ادب الرسائل، الأطفال اختاروا كتابة رسائلهم كل بأسلوبه ولكل طفل مرسل خاص به، ورغم اختلاف المواضيع فقد اشتركت في إبداع الأطفال وقدرتهم على تطويع اللغة والرحيل بها الى أعماق الروح الانسانية.
كتب الأطفال عن الحنين، وافتتح الكتاب برسالة سمر المناعي إلى والدتها، سمر كتبت عن الم الشوق إلى الام "مساء الخير يا امي، كيف حالك في غيابي يا انيسة روحي، انا بخير، عفوا لست بخير يا امّي، يكاد الشوق يفنيني"، اما محمد امين عون الله فكتب بأسلوب مشوق عتابه الى والده الغائب، طفل يتحدث بلوعة الكبار عن وجيعة البعد فيقول "سأبوح اليوم بكل ما اختلج به صدري وكل ما اعتمل فيه لسنوات عديدة، كنت اتمنى ان يكون لديك دور اكبر في حياتي وان نخفف معا رتابة الحياة"، وباسم الصداقة تحدث اياد الوسلاتي وحبّر رسالة مفعمة بالمشاعر الانسانية الرقيقة كتب لصديقه يناشده الصفح "انت فقط يا صديقي العزيز من يفهمني من دون كلمات ويعي قصدي بالايماءات، أنت فقط من يحبني بلا قيود ولا حسابات"، فاياد كتب رسالته بأنامل الصدق والبراءة حسب توصيف المؤطرة عيشة السلامي.

هاهو محمد قويدر يصرخ في وجه الفلاح ويناديه "أيها الفلاح يا رمز العطاء والتفاني والثبات، أين انت؟ أنسيت انك سبب نماء قوتنا بما زرعت وبذرت وغرست واعتنيت؟ نعلم وقع الخيبات على نفسك العظيمة...وكيف يخطر لك ان تنزح وتتخلى عن خدمة الأرض"
أما سجود الرياحي الطفلة المندفعة والمؤمنة بالحقوق الكونية فوجهت صرخاتها إلى منظمة الأمم المتحدة وتساءلت عن صمتهم أمام حرب الإبادة في غزة "الم تر عين الأمم المتحدة العالمية أطفالا صغارا يرفعون اكفّهم تضرّعا للسماء أن تكفّ عنهم البلاء وتمنع عنهم الدمار والقصف"، في سياق الوعي المنتشر بين الأطفال بدورهم كتب يعقوب عبيد نداءه الى المسؤولين، رسالة غاضبة على تقاعس المسؤولين لأداء واجباتهم تجاه المواطنين والبلد، فكتب بغضب طفل واع وعارف بالحقوق "اين أنت يا وزير التربية وأطفال المدارس الريفية بعد يصلون إلى مدارسهم مشيا على الأقدام بعد صراع مع البرد والمطر والطين والضباب والشمس؟" سؤال يعقوب عبيد انطلق من واقع معيش، من حكايات حقيقية يعاشها أترابه من أبناء الريف والهامش.
المسؤول والمواطن كليهما يتحمل مسؤوليته هكذا كتبت انوار النووري التي توجهت بلومها للمواطنين المتخاذلين الذين يدمرون الوطن، في رسالتها ناشدت العقل والمعرفة "ايها المواطن ان كنت تقرأ رسالتي وتحلم معي ببلد نظيف ورا، تعال نحلم معا بوطن حر منيع، يسطع نجمه عاليا في سماء البلدان المتطوّرة" وحسب انوار المواطن هو المسؤول الاول عن بناء الوطن.
"افنان" رسائل كتبها الاطفال وكانت تعبيرة صادقة وحقيقية عما يسكنهم، من خلال الرسائل نكتس فان ليس لاحلام الاطفال حدود " من قال ان للأحلام سقفا، الى احلامي التي تحلق بعيدا في رحاب سمائي، إلى تلك النبضات التي تخالجني وتنبت في عقلي وردا وياسمين، الى الامل الذي لا يضمحلّ، الى الاصرار الذي يزداد كلما قوي الحلم" وبلسان ملكة الهمامي يتشارك القراء والاطفال الحلم بغد اجمل وواقع اكثر عدلا لابناء الهامش والعمق التونسي وصناع الحياة فيه.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115