الإحتلال يستهدف قيادة حركة حماس في الدوحة إدانات دولية وأممية والكيان ينقل الحرب إلى مستوى إقليمي غير مسبوق

اهتزت العاصمة القطرية الدوحة على وقع العملية الإجرامية

الصهيونية التي استهدف خلالها الاحتلال قيادات في حركة حماس . مرة جديدة وفي جريمة فاقت كل التوقعات وأمام أنظار العالم نفذت يد الغدر الصهيونية محاولة اغتيال استهدفت قيادات حمساوية في سيناريو شبيه بما حصل في العاصمة الإيرانية طهران عند اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية . ففي الوقت الذي يجتمع فيه وفد حماس لتباحث المقترح الأمريكي الجديد بوساطة قطرية مصرية جاءت هذه الجريمة لتؤكد مرة جديدة بأن حكومة الاحتلال لا تسعى لوقف الحرب ، وحتى الوفد المفاوض تم استهداف قياداته في عملية تغتال أي مسار سياسي وأي وساطة أخرى وتجعلها خارجة عن أي معنى .

وأثار العدوان الصهيوني صدمة دولية وردود فعل واسعة وسط تحذيرات من أهداف ودلالات محاولة الاغتيال الجديد الذي جاء بعد سلسلة الاستهدافات التي قام بها الاحتلال وطالت كبار القيادات في المقاومة الفلسطينية واللبنانية واليمنية.
الرسالة الأولى لهذه المحاولة الإجرامية هو أن العدو لا يعترف لا بمفاوضات ولا باي مسار سياسي ولا يعترف باي وساطة . فالدوحة التي دخلت في مسار الوساطة منذ بدء الحرب لم تكن بمنأى عن اختراق سيادتها من قبل عدو مجرم لا يعترف بالقوانين الدولية أو الإنسانية ولا يحترم حدود الدول بما انه قام بالأساس على سلب أراضي الغير. أما الرسالة الثانية فتؤكد بأن طموحات نتنياهو من أجل تحقيق حلم "إسرائيل الكبرى" لا يعرف حدودا ويده تطال أي دولة في المنطقة دون استثناء.
وأفادت أنباء عن استشهاد أحد أبناء رئيس حركة حماس في قطاع غزة خليل الحية، ومدير مكتبه بعد استهداف مقر الحركة في العاصمة القطرية الدوحة.وتحدثت مصادر فلسطينية وفق "إرم نيوز" عن مقتل همام خليل الحية نجل خليل الحية، وجهاد لبد مدير مكتب خليل الحية بعد استهداف مقر حماس في الدوحة.وأشارت المصادر إلى وجود عدد من الضحايا بين قتيل وجريح جراء الهجوم.

الدوحة على خط النار
شهدت العاصمة القطرية الدوحة، في تطور غير مسبوق أمس، تصعيدا عسكريا إقليميا خطيرا، بعد أن استهدف سلاح الجو التابع لحكومة الإحتلال الإسرائيلي وفدا من قيادة حركة حماس أثناء اجتماع تفاوضي، ما يضع المنطقة على حافة مواجهة مفتوحة تتجاوز حدود قطاع غزة.
ووفق ما أكدته الخارجية القطرية، وقعت سلسلة انفجارات عنيفة في حي "كتارا" بالدوحة أمس، حيث استهدف طيران الإحتلال مقرا أقام فيه وفد حماس المفاوض أثناء مناقشة مقترح للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن.
وأعلن جيش الإحتلال أن العملية استهدفت خليل الحية، رئيس المكتب السياسي لحماس ، إلى جانب القيادي زاهر جبارين، وأيضا القيادي خالد مشعل. في المقابل، أدانت قطر العملية بشدة، ووصفتها بالهجوم الجبان الذي استهدف مقرات سكنية في العاصمة، معتبرة إياه انتهاكا صارخا للقوانين والأعراف الدولية وتهديدا مباشرا لأمن مواطنيها والمقيمين على أراضيها. فيما ذكرت أنباء إعلامية بان 5 شهداء سقطوا في الاستهداف الإسرائيلي بالدوحة منهم نجل رئيس حركة حماس في غزة خليل الحية ومدير مكتبه.
وأعلنت الخارجية القطرية أن الجهات الأمنية والدفاع المدني باشرت فورا التعامل مع الهجوم، واتخاذ إجراءات عاجلة لاحتواء تبعاته وحماية السكان. وأكدت أن الاعتداء لن يمر دون محاسبة سياسية ودبلوماسية.
يشار إلى أنّ هذا الهجوم جاء بعد تهديدات متكررة من قادة جيش الإحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسهم رئيس أركان جيش الحرب إيال زامير، الذي أعلن في أواخر أوت الماضي أن تل أبيب ستلاحق قيادات حماس في الخارج، مهددا بالوصول إليهم في "كل الساحات" بما فيها قطر وتركيا ولبنان.
تصعيد متعدد الجبهات
وبهذا التصعيد ،حذر مراقبون من تحول قطر إلى ساحة مواجهة إقليمية معقّدة، فالإحتلال يسعى إلى تصفية قيادة حماس في الخارج، بعدما زعم اغتيال المتحدث باسم كتائب المقاومة القسام أبو عبيدة في غزة.ويفتح هذا التطور الباب أمام سيناريوهات خطيرة أولها احتمال توسع العدوان الصهيوني والاستهدافات إلى ساحات أخرى مثل لبنان وسوريا والعراق.مما قد يعمق عزلة "إسرائيل" في المنطقة، بعد استهدافها المباشر للعاصمة القطرية، وهو ما سيزيد الضغط الدولي عليها.
ووفق متابعين تجد الدوحة، التي لطالما لعبت دور الوسيط في النزاعات الإقليمية، تجد نفسها اليوم هدفا مباشرا في صراع معقد. ومع استهداف قيادات بارزة من حماس في قلب قطر، ورد إيران بقصف قاعدة أمريكية في جوان المنقضي على غارات نفذتها واشنطن ضد منشآتها النووية، يبدو أنّ المنطقة تدخل مرحلة جديدة من المواجهة.

مواقف دولية منددة
أدانت العديد من الدول العربية والغربية الغارات الإسرائيلية التي استهدفت، امس الثلاثاء، وفدًا من قادة حركة حماس بالعاصمة القطرية، الدوحة، في محاولة لاغتيالهم.
ومن جهتها أدانت السعودية محاولة "إسرائيل" اغتيال قادة لحماس بقطر مؤكدة "تضامنها الكامل معها ووضع إمكاناتها لمساندتها في كل ما تتخذه من إجراءات" . وهاتف ولي العهد السعودي يهاتف أمير قطر مؤكدا وقوف المملكة مع الدوحة و"إدانتها للهجوم الإسرائيلي السافر الذي يعد عملا إجراميا وانتهاكا صارخا للقوانين الدولية".
في الأثناء أدانت إيران أمس الثلاثاء استهداف "إسرائيل" لمسؤولي الحركة الفلسطينية في الدوحة، ووصفته بأنه "انتهاك فاضح".وصرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي للتلفزيون الرسمي "هذا العمل الإجرامي الخطير للغاية يُعد انتهاكا فاضحا لجميع القواعد واللوائح الدولية، وانتهاكا لسيادة قطر الوطنية وسلامة أراضيها".
وأدانت حركة الجهاد الإسلامي أمس الثلاثاء استهداف "إسرائيل" قادة حركة حماس في الدوحة، ووصفته بأنه "عملا إجراميا".وقالت الحركة "إن إقدام كيان الإجرام الصهيوني على استهداف اجتماع لقياديين في حركة المقاومة الإسلامية حماس في العاصمة القطرية الدوحة، هو عمل إجرامي بامتياز ينتهك كل المعايير والقيم الإنسانية وأدنى القوانين والأعراف الدولية".
من جهته طالب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي،أمس الثلاثاء، المجتمع الدولي بـ"ردع إسرائيل ولجم عدوانيتها" عقب استهدافها قطر، محذرا من أن استمرار هذه الاعتداءات يهدد أمن المنطقة بأسرها.
وأدانت وزارة الخارجية العراقية، استهداف الكيان الصهيوني لقادة حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة.وقالت الخارجية العراقية، في بيان، إنها تعرب عن إدانة واستنكار جمهورية العراق الشديدين لاعتداء الكيان الإسرائيلي باستهداف قادة حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، وتعده عملًا جبانًا يمثِّل انتهاكًا صارخًا لسيادة وأراضي دولة قطر الشقيقة، ويُشكِّل تهديدًا لأمنها واستقرارها.
وأعرب وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية، الشيخ عبد الله بن زايد، عن تضامن بلاده بشكل كامل مع قطر.وكتب الشيخ عبد الله بن زايد، عبر حسابه على موقع إكس: «تضامنا الكامل مع قطر الغالية».
أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بأشد العبارات، الهجوم الذي شنته وأعلنت عن مسؤوليته إسرائيل، على بنايات سكنية في الدوحة.
وقال المتحدث باسم الأمين العام، جمال رشدي، في بيان، إن «الاستهداف هو انتهاك صارخ ومرفوض كلية لسيادة دولة قطر التي سعت منذ بداية الحرب على غزة مع كل من مصر والولايات المتحدة، للتوسط من أجل وضع حد لحرب الإبادة التي تواصل إسرائيل شنها على غزة».وأدانت الخارجية السورية العدوان الإسرائيلي على الدوحة، كما أدانت الرئاسة المصرية العدوان، معتبرة أنه "تصعيد يقوض المساعي الدولية الرامية إلى التهدئة ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها".
من جانبه أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الهجمات الإسرائيلية على قطر. وجاء ذلك في مستهل احاطة صحافية كان من المقرر مسبقاً عقدها في مقر الأمم المتحدة الرئيسي في نيويورك، بمناسبة إصدار الأمم المتحدة تقريراً جديداً حول الإنفاق العسكري حول العالم.
وقال غوتيريس في مستهل الإحاطة الصحافية: "علمنا للتو بالهجمات الإسرائيلية على قطر، الدولة التي لعبت دوراً إيجابياً للغاية في التوصل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح جميع المختطفين. أدين هذا الانتهاك الصارخ لسيادة قطر وسلامة أراضيها. يجب على جميع الأطراف العمل على تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، لا تدميره".
وأدانت تركيا بشدة، الهجوم الإسرائيلي على وفد التفاوض التابع لحركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة. جاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية التركية، نشر على الموقع الرسمي وجاء فيه، "ندين بشدة الهجوم الإسرائيلي على فريق حركة حماس التفاوضي في العاصمة القطرية الدوحة".
إبادة مزدوجة في غزة
على صعيد متصل دخلت الحرب الصهيونية على غزة مرحلة جديدة أكثر فتكا وخطورة مع تحذير الاحتلال سكان غزة إلى إخلائها بالكامل قبيل عمليته العسكرية الموسعة المقررة في المدينة الواقعة شمالي قطاع غزة. وتباهى وزير الحرب الصهيوني بتدمير أكثر من 30 مبنى شاهق الارتفاع في غزة، متهما حماس باستخدامها كبنية تحتية عسكرية. سياسة تدمير الأبراج السكنية هي جريمة أخرى لتضاف لجرائم الإبادة والتدمير والتقتيل وتأتي في سياق عزم دولة الاحتلال على مسح غزة وتهجير سكانها لإقامة مستوطنات وإضافة أراض جديدة في خضم مساعيه لتحقيق " إسرائيل الكبرى".
وبالتزامن مع ما يحصل في غزة ، فان معركة أخرى تدار في داخل السجون من أجل تجويع الأسرى الفلسطينيين كأحد أشكال العقاب الجماعي . وتشير آخر الإحصائيات إلى ان أعداد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال تخطت الـ9,400 أسير، بينهم 200 طفل ونحو 80 أسيرة.وتحولت غزة اليوم إلى ساحة فاصلة قد تحدد مستقبل القضية الفلسطينية بأسرها. فمشاهد الدمار الهائل الذي لحق بشوارع المدينة وأحيائها، وسياسات التهجير القسري التي تُمارس بحق سكانها، تشير إلى ما يتجاوز الحرب المباشرة، وصولا إلى محاولة شطب فكرة "اليوم التالي" لغزة، والتي تتمثل في إعادة إعمارها واستعادتها كجزء من دولة فلسطينية متكاملة وقابلة للحياة .
المتابع لما يجري يلاحظ أن الهدف لا يقتصر على القتل الجماعي والتدمير المادي، بل يمتد ليشمل ما يمكن تسميته بالإبادة السياسية. فبإخراج غزة من المعادلة الديموغرافية والسياسية، تُستهدف الضفة الغربية والقدس تباعا، في مسار واضح لإغلاق ملف القضية الفلسطينية برمته. وهو ما يجعل هذه المرحلة الأخطر منذ وعد بلفور ، بل ربما أشد قسوة من نكبة عام 1948 .
هذا التحول الخطير الذي تنتهجه سلطات الإحتلال الإسرائيلي عبر تكثيفها لعملية تدمير المباني ودعوتها للغزيين للمغادرة ، يضع المنطقة أمام لحظة اختبار غير مسبوقة. فإذا كان العالم قد اعتاد التعامل مع الحروب في غزة كأحداث متكررة يمكن احتواؤها سياسيا، فإن ما يجري الآن يهدد بتغيير المعادلة بالكامل، من خلال محاولة فرض واقع إقليمي جديد يتجاوز حدود فلسطين، ويعيد تشكيل المنطقة وفقا لمصالح "إسرائيل" وحلفائها.
إن ما يجري في غزة اليوم ليس مجرد جولة حرب جديدة، بل هو محاولة لإنهاء فكرة فلسطين كوطن وحقوق وذاكرة. وبقدر ما يمثل ذلك تهديدا وجوديا للشعب الفلسطيني، فإنه أيضا تحد تاريخي للشعوب العربية والمجتمع الدولي بأسره.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115