ايام قرطاج المسرحية المسابقة الرسمية مسرحية "البيت220" للمخرج الايفواري سو سليمان التاريخ الاسود لفترة التسعينات ينقله الممثلين على الخشبة بكل جرأة

تعاني القارة السمراء منذ اكتشف موارده من الحروب والتقتيل والتشريد،

تستحضر ذاكرة الشباب وجع البلدان واصوات القتل والتشريد والهجرة غير الشرعية هروبا من شبح الموت المتجول بين الدول الافريقية منذ بدايات الاستعمار الفرنسي والانقليزي للقارة الغنية بالثروات، كانت ولا تزال افريقيا مساحة للصراعات بين القوى العظمى وشعوبها من يدفع ضريبة هذا الصراع.

ولان المسرح كتاب مفتوح للحقيقة ومساحة صادقة لنقد اخطاء الماضي اختار المخرج الايفواري سو سليمان فترة التسعينات مجال تاريخي وسياسي لعمله المسرحي "البيت 220" المشارك في فعاليات لمسابقة الرسمية لايام قرطاج المسرحية.

بالثقافة تنقد السياسة وتتم الدعوة للبناء والتغيير

تعشق الشعوب الافريقية الرقص، تعتبر لغة الجسد مساحتها الحقيقية للتعبير، الافريقي يرقص حين يولد ويرقص حين الموت ايضا، وفي المسرحية تحضر اللوحات الراقصة بقوة بين المشاهد واثناء الحوار ايضا، فللجسد حريته ولغته الجد خاصة ليعبّر عما عاشه الايفواريين من 1990 الى 1999، تسعة اعوام كاملة من الحرب والشتات والصراعات الانتخابية والحزبية تستحضرها اجساد الممثلين وحركاتهم وكلمات مؤثرة لكاتبة النص شانتال ديديي التي لخّصت انفعالات المدينة وحروبها وقصص الحب فيها في مسرحية "البيت220" وهي كوميديا موسيقية وصفت الحياة اليومية لمجموعة من السكان المرابطين في مدينة ادجامي وتنقلت الكاتبة بنصها من قصص الحب الى حكايات الخوف فالحرب الاهلية والخراب الكبير الذي عاشته المدينة في فترة التسعينات.

ينطلق العرض بالرقص والغناء، الغناء لوحدة افريقيا ولقدرة شعوبها على تجاوز كل المحن، الديكور عبارة عن اربعة منازل كل منزل يتكون من طابقين، شخصيات مختلفة طبقيا وعمريا تعيش في المكان ذاته، طالبة الحقوق ولاعب كرة القدم والعاملة في فضاء للحلاقة وصاحب الحانة والطالب الجامعي والمترشح للانتخابات، عينة صغيرة من مجتمع كبير جسّدها ممثلين مهرة استطاعوا ايصال وجع البلاد من خلال ادائهم الغنائي والراقص.
تصنع الموسيقى ولرقص جملية العرض، يقدم الممثلين مجموعة من اللوحات الراقصة المعبرة عن غضب جيل اليوم من اخطاء السابقين خاصة من ممارسي السياسة الذي ادوا لى البلاد لحرب اهلية ومشاكل اقتصادية واجتماعية لازالت آثارها الى اليوم " نحن نعرف كيف بدأ الامر وكيف انتهى، دعونا نتجنب السير في هذا الطريق الذي اوصلنا الى هذا الوضع المضطرب، فلنختر طريقا اخر وافضل" كما يقول نص المسرحية لموغل في النقد لاحداث سياسية واجتماعية كثيرة.
تصنع اجساد الممثلين الياذة لمعرفة حقبة تاريخية وماعاشه المواطن الايفوري في تلك الفترة، على الركح تندفع الحكايات والاحداث بين رقصات الممثلين وخطاباتهم، ليعرف جمهور قرطاج اشهر الاحداث السياسية التي عرفت في تلك الفترة انطلاقا من انشاء التعددية الحزبية في ماي 1990 وتعيين حسن واتارا رئيسا للبلاد، فاعتقال زعماء المعارضة والاحتجاجات الطلابية الكثيرة في الشوارع للمطالبة بتحسين المنظومة التعليمية وكذلك موت الرئيس هوفييه بوانييه الذي كان رمزا للحرية في الكوت ديفوار ثم ميلاد مفهوم "الايفوارييت" اي المواطن الايفوري يجب ان يكون ايفواريا في كل شجرة العائلة ولا يعتبر الحاصل على جنسية ايفوارية او المولود في ابيدجان ايفواريا وهذا الاختلاف نتج عنه الكثير من الصراعات حد الوصول الى حرب اهلية دفع ثمنها المواطنين.
"البيت220" مسرحية تنقد لماضي وتفتح دفاتر التاريخ، عمل يقول عنه مخرجه "هو سلسلة من مجموعة من الاعمال تناول فيها تاريخ البلد ليعرف لايفواريين تاريخهم واخطائهم ويتجنبوا الوقوع فيها مرة اخرى" فالمسرح سلاح للتغيير وللثقافة دور حقيقي في البناء.

النساء نبراس مقاومة وبوصلة حقيقية للحرية

تصنع النساء مجد الاوطان، تحاول النساء الافريقيات كتابة التاريخ وتخليد كل تفاصيل الجمال اولا من خلال الحفاظ على الهوية الافريقية في اللباس وعلى الركح ارتدت الممثلات لباس افريقي يعبّر عن الهوية والخصوصية، فالالوان الافريقية جميعها تحيل الى معاني الصمود ونضالات النساء، على الركح ثلاث شخصيات نسائية، لكل افكارها وطريقتها في تقمص الدور وكل منهنّ تحمل في ذاتها الكثير من اوجاع النساء اللواتي عانين من تبعات الحروب.

فالمرأة في الكوت دي فوار وغيرها من الدول الافريقية تعاني من الابتزاز العاطفي واختلافها "الجسدي والمهني" يضعها كفريسة سهلة للاغتصاب وعدم الاحترام، المراة التي تعيش بمفردها او تعمل في مجال لحلاقة تصبح كما الفريسة يريد الصياد الانقضاض عليها دون الاحساس بالخوف او الخجل تماما كما حدث في المسرحية، تعاني النساء والطالبات خاصة من جبروت رب العمل ورغبته في الاستغلال الجنسي والمادي للنساء الحالمات بالنجاح لكن المجتمع عادة يرفض فكرة استقلالية المراة اقتصاديا ومهنيا، كل الاوجاع النفسية ستعيشها الشخصيات ويوصلنها الى الجمهور عبر الغناء والرقص، فجسد المراة ثورة حين يتكلم.
معاناة النساء في افريقيا تحديدا لكوت ديفوار مكان احداث المسرحية نتج عنها انبعاث العديد من لمنظمات والجمعيات الراعية للنساء والمدافعة عن حقوقهنّ ومن بينها منظمة "تجربة النساء في كوت ديفوار التي تأسست علم 1998، وهي منظمة نسوية غير حكومية تعمل من أجل تعزيز حقوق المرأة، مع إيلاء حقوق النساء اللواتي في الحضيض أهمية خاصة. يقتصر عمل المنظمة على المناطق الريفية، وتركز على تعليم النساء لتمكينهنّ من التمتع الكامل بحقوقهن، وتهيئة البيئة التي تسمح لهن بتحقيق الرخاء والرفاه" وتهدف المنظمة حسب احداث العمل لى مشاركة النساء الكاملة في بناء وطنهنّ عبر الانتخابات.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115