شيحة قحة
نحن في شهر الصيام. في شهر الصيام، يتغيّر عيش الناس. كلامهم، سيرهم، قعودهم، قيامهم. في الشهر، تنقلب الأيّام. يصبح الليل نهارا والنهار ظلاما.
لا فرق عندي بين التونسيّ وغيره من الناس الآخرين. لا فرق عندي بين أهل الشمال وأهل الجنوب، بين الأبيض والأسود،
كلّ يوم، عند منتصف النهار، أمشي إلى حانوت يوسف العطّار أشتري خبزا. هذه سنّة، أتيها كلّ يوم. كلّ الناس يشترون خبزا وفي عائلتي،
ليس عنديّ شكّ: شعبنا متخلّف. الإنسان التونسيّ متخلّف، مثله مثل كلّ العرب. مثله مثل جلّ المسلمين، غربا وشرقا.
ضاقت تونس بأهلها. تحيا تونس في غلق، أراه، مع الأيّام، يزداد ويشتدّ. من العسر اليوم السفر. من الصعب الرحيل وقد
حين أنظر في ما فات من العمر، ألقى أنّي تغيّرت. تغيّرت كثيرا. فكري، نظري، سلوكي... كلّ شيء فيّ تغيّر. أنا اليوم عبد آخر.
آمنت في ما مضى بأفكار عدّة. في ما مضى، اعتقدت في أشياء كثيرة، مختلفة. كانت لي قناعات راسخة وأفكار بيّنة، محدّدة.
خلق الإنسان ليحيا. بعث في الأرض ليعمّر فيها. ليلد ويبني ويزرع ويتعلّم ويمرح ويفسد ويمشي في الأرض طولا وعرضا ويحلّق
لا أدري لماذا أصبحت عاشقا لأغاني أم كلثوم. أعشق أيضا ما تغنّيه صليحة وأحبّ ما جاء في أغانيها من كلمات كلّها ضياء ورقّة.
ها أنا وصحبي في صباح يوم أحد، في مقهى البلاستيك، نشرب قهوة. وكنت أمشي وبعض من صحبي إلى المقهى. كلّ يوم أحد، صباحا،