وقد تعددت أمس تحركاتهم بين المسيرة والوقفات الاحتجاجية والتضامنية وإطلاق عريضة وطنية،
تحركات تأتي بالتزامن مع انعقاد المؤتمر الثاني للعاملات في القطاع الفلاحي، فظروف العمل المزرية وتواصل وقوع الحوادث القاتلة بسبب غياب وسائل نقل آمنة وعدم تفعيل القانون 51 ، عوامل أفاضت كأس صبر العاملات الفلاحيات ليطلقن صرخة فزع للمطالبة بحقوقهم مع تحميل السلطات المعنية المسؤولية، حيث أن تشريعات الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات موجودة إلا أنها بقيت حبرا على ورق ولم تطبق على أرض الواقع إلى جانب عدم تمتعهم بالتغطية الاجتماعية وسط ارتفاع عدد ضحايا شاحنات الموت.
نظمت العاملات في قطاع الفلاحة أمس مسيرة احتجاجية جابت شارع محمد الخامس وانطلقت من شارع الحبيب بورقيبة وصولاً إلى ساحة حقوق الإنسان، مسيرة رفعت فيها العاملات في القطاع شعارات تعبر عن ظروف العمل المزرية لهم وتطالب فيها بأجر عادل ولائق وضمان التغطية الاجتماعية والصحية الشاملتين على غرار "ضمان اجتماعي واجب" و "المسؤولين في القصور والعاملات في القبور" و"اعترفوا بينا "مهنة عاملة فلاحية"" و"فقرتونا جوعتونا للجبانة هزيتونا" و"حقي في الصحة واجب" وعدالة اجتماعية للعاملة الفلاحية" و"أصوات عاملات الفلاحة لا تكتم" و"عذرا إن رقم وزارة المرأة غير مبرمج في الشبكة" و"لأرواح شهيدات الكميونة نضالنا مستمر للاعتراف بمهنة عاملة الفلاحة" و"مناش مسلمين في حقوقنا شادين" و"فلاحة الألم التراب مخلط بالدم" و"أجر لا عادل ولا منصف" وغيرها من الشعارات.
وقفة للترحم على أرواح "شهيدات الكميونة"
بالتزامن مع المسيرة، نظمت عاملات الفلاحة وقفة تضامنية وذلك ترحما على أرواح "شهيدات الكميونة" أي ضحايا شاحنات الموت التي تسببت في وفاة عديد العاملات في القطاع الفلاحي أثناء تنقلهن إلى مكان عملهم، ووفق تقرير صادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فقد تمّ تسجيل 88 حادثا منذ سنة 2015 ، خلفت هذه الحوادث وفاة 65 ضحية وإصابة 955 عاملة بجروح متفاوتة، 50% من هذه الحوادث تم تسجيلها في ولايتي سيدي بوزيد والقيروان و59% منها جدّت بعد إصدار القانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل خاص بالعملة الفلاحيين. هذا وقد تمّ تسجيل منذ بداية شهر جانفي 2025 حادثين في ولاية سيدي بوزيد (المنصورة من معتمدية سيدي علي بن عون وهدّاج من معتمدية منزل بوزيان). وبحسب المكلفة بملف العاملات الفلاحيات في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حياة العطار فإن 92 % من النساء العاملات في القطاع الفلاحي لا يتمتعن بالتغطية الاجتماعية وان 78 % منهن يتعرضن لشتى أنواع العنف سواء المادي أو اللفظي أو الجنسي.
2000 إمضاء على العريضة
خلال فعاليات المؤتمر الثاني لحراك "أصوات عاملات الفلاحة" الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالعاصمة أمس تحت شعار "الاعتراف بمهنة عاملة في القطاع الفلاحي"، تصاعدت أصوات العاملات من أجل "عاملة في القطاع الفلاحي بأجر لائق وعادل ونقل آمن وتغطية اجتماعية وصحية تحفظ كرامتها"، وحسب الحراك فإن هذا المؤتمر الثاني شكل مناسبة لإسماع صوت عاملات الفلاحة ووضع معاناتهن في صلب النقاش العمومي بعد أن ظللن لعقود في الهامش، ليعلن عن إطلاق العريضة الوطنية للاعتراف بمهنة عاملة في القطاع الفلاحي، والتي جمعت 2000 إمضاء من العاملات من مختلف مناطق البلاد مع الإعلان عن أن العاملات الفلاحيات سيواصلن التحرك والتعبئة القاعدية في الجهات، وخوض كافة أشكال النضال من اجل الحصول على مطالبهن بما فيها تنظيم إضراب عام وطني لعاملات الفلاحة إذا لم يتم التجاوب مع هذه المطالب.
كل الإجراءات بقيت حبرا على ورق
وأضاف حراك "أصوات عاملات الفلاحة" في بيان له انه في ظل تواصل وقوع الحوادث القاتلة وتعاظم ظروف العمل المزرية واستمرار تدهور ظروف العمل التي لا يتوفر فيها النقل الآمن ولا المعدات الوقائية اللازمة وتغيب عنها التغطية الاجتماعية وتزايد الانتهاكات التي تطال العاملات في القطاع الفلاحي، فإن كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة بقيت حبرا على ورق في قطاع تشكل النساء فيه أكثر من 80% من مجموع المشتغلين به حيث تجاوز عددهن الــ500 ألف عاملة، ويطالب بالاعتراف القانوني بصفة عاملة الفلاحة وضمان وسائل نقل آمنة وبعيدة عن الاستغلال وحوادث الطرقات وضمان أجر عادل ولائق وضمان التغطية الاجتماعية والصحية الشاملتين مع الاعتراف بحق العاملات في التنظيم الذاتي والمشاركة في الحوار الاجتماعي وصنع القرار.
ضمان التغطية الاجتماعية والرفع من الأجر
بحسب المديرة التنفيذية لجمعية "أصوات نساء" سارة بن سعيد إن أهم مطلب لحراك أصوات عاملات الفلاحة هو الاعتراف بمهنة عاملة في القطاع الفلاحي. وقالت بن سعيد للإذاعة الوطنية، إن حراك أصوات عاملات الفلاحة يضم الفلاحات من أجل الدفاع عن حقوقهن". و أفادت بأن القطاع الفلاحي يضم 600 ألف عاملة بنسبة 80 بالمائة من القوة العاملة في القطاع، مضيفة " لكن هذه الفئة لا تملك إلا 0.4 من الأراضي الفلاحية". و أضافت بن سعيد أن أهم المطالب التي رفعت في حراك الفلاحات هي ضمان التغطية الاجتماعية والرفع من الأجر و أيضا ضمان نقل آمن للفلاحات من أجل الحدّ من حوادث الموت التي راحت ضحيتها عديد الفلاحات. ورأت بن سعيد أن الجانب التشريعي متوفر من خلال وجود قوانين للحفاظ على كرامة العاملات في هذا القطاع لكن بقيت هذه القوانين حبرا على ورق.