ندوة فكرية في مكتبة النورس بمشاركة باحثين من تونس وفلسطين وموريتانيا ومالي . وتركزت مداخلات المشاركين على ابراز التطبيع كجريمة تواطؤ في حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني . ما يستدعي التوقف امام أربعة قضايا ومصطلحات أساسية، أولها معنى مصطلح التواطؤ في القانون الدولي. وثانيها معنى مصطلح جريمة الإبادة، وثالثها تكييف مصطلح التطبيع ارتباطا بالتعريفين المشار اليهما ورابعها تحديد المترتبات والخطوات الناجمة عن عملية التكييف سلبا كانت او إيجابا.
وتطرق د عابد الزريعي فرئيس مركز دراسات ارض فلسطين في مداخلته الى مصطلح التواطؤ وقال أنه وفق القانون الدولي يعني تقديم المساعدة العملية في ارتكاب جريمة أو التشجيع المؤثر تأثيرا كبيرا على ارتكابها عن سابق علم"ويشار اليه في القانون الدولي العرفي بوصفه الأفعال غير المشروعة دوليًا التي اعتمدتها لجنة القانون الدولي لعام 2001، وتكون الدولة التي تساعد أو تُعين دولة أخرى في ارتكاب فعل غير مشروع دولياً هي مسؤولة دولياً عن ذلك وينطبق ذلك على كل اشكال الدعم المادية والمعنوية التي تساهم بشكل كبير في الأعمال غير القانونية. وبالنسبة لمصطلح الإبادة فقد عرفته اتفاقية منع الابادة الجماعية، انها تعني أيا من الأفعال الآتية المرتكبة عن قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه. وقد عرضت الاتفاقية لهذه الأفعال في بنود من بينها: (أ ـ قتل أعضاء من الجماعة ب ـ إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة. ج ـ إخضاع الجماعة عمدا، لظروف معيشة يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا. ) وفي هذا السياق تتحدد جريمة الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، في عملية القتل وإلحاق الأذى الجسدي والروحي بالشعب الفلسطيني، وتدمير حياته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وقال الزريعي انه يمكن يمكن تحديد مخرجات عملية تكييف التطبيع كجريمة تواطؤ في ستة قضايا أساسية تترتب على كل فعل تطبيع مع الكيان الصهيوني سواء كان هذا الفعل فرديا او جماعيا، رسميا او من قبل جهات غير رسمية. وتتمثل القضايا الستة التي توفير البيئة الإقليمية المساعدة لجريمة الإبادة فيما يلي: اضفاء الشرعية على ما لاشرعية له، وانكار حق الشعب الفلسطيني في المقاومة و مخالفة أسس القانون الدولي: يخالف القانون الدولي، في نصه على حق تقرير المصير ودعم “اسرائيل” وتغطية جرائمه،
وتعطيل وارباك قوى محور المقاوم يمكنها من اقامة الأحلاف التي تعمل لمصلحتها، وتسقط القضية الفلسطينية من اجندتها، واجبار محور المقاومة على التحوّل من القتال، إلى واقع الدفاع. إضافة الى مصادرة حق الاجيال القادمة في التحرر. بكسره لحاجز العداء النفسي.
وشدد الزريعي على ان مواجهة التطبيع كجريمة إبادة يندرج في سياق المواجهة الشاملة لكل جرائم الإبادة.
حماية الحقوق في القانون الدولي
د. الحسين محمد الأمين القاسم باحث في وحدة الدراسات الدولية بجامعة نواكشوط العصرية أشار في مداخلته الى ان المنظومة الدولية سعت الى إرساء قواعد لتنظيم العلاقات الدولية على مبادي إنسانية ، كرستها قواعد القانون الدولي ، تهدف الى حماية الحقوق و إرساء مزيد من ضوابط السلم و العدل الدوليين ، كما أنشأت لذلك العديد من المنظمات و الهيئات الدولية للمحافظة على تلك القواعد وتطويرها .
و تابع في مداخلته :"بالنظر الى الماضي الإجرامي للكيان الصهيوني المتمثل انتهاكه المستمر و المتعمد لكافة النظم و القواعد التي تواضع عليه المجتمع الدولي ، و اقترافه لكل الجرائم التي اعتبرتها المنظومة الدولية جرائم ضد الإنسانية من خلال اتفاقية منع الإبادة الجماعية و المعاقبة عليها الصادرة 1948 التي تقضي بتجريم أعمال الإبادة الجماعية و ملاحقة مرتكبيها و تضمين التشريعات المحلية و خاصة الدساتير الوطنية تلك المقتضيات فإن التعامل من أي مستوي مع الإسرائيلي يشكل خرقا متعمدا و تشجيعا للمجرمين على التمادي في اجرامهم و توفير الغطاء لهم للإفلات لاحقا من الملاحقة و العقاب ".
و قال ان ديباجة اتفاقية روما 1998 تشكل دليلا صريحا على رغبة المجتمع الدولي في حماية الروابط المشتركة و التشديد على حتمية قمع التصرفات التي تهدد كيان البشرية و الحيلولة دون تكرار الفظائع التي عرفتها البشرية خلال الحربين العالميتين و قد سعي نظام روما الذي يؤسس لقيام محكمة الجنايات الدولية الى تصنيف الجرائم الأكثر خطورة و ضررا على أمن البشرية من خلال المادة الخامسة : جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان .
و قال انها كلها جرائم اقترفها الاحتلال و لا يزال متلبسا بها الي يوم الناس هذا ، بل يجاهر بممارستها ، و قد صنفت الأعمال العسكرية الإسرائيلية و تلك التي يقوم بها المستوطنون اليهود ضمن و الخرق السافر المستمر و المتعمد لقواعد القانون الدولي الإنساني و القانون الدولي لحقوق الإنسان ، و البروتوكولات الملحقة لذا فإن التعامل أو التطبيع أو الاعتراف أو التفاهم مع الاحتلال الإسرائيلي يشكل في نظر القانون الدولي تشجيعا و مباركة لكل ما يقترفه من جرائم ضد الإنسانية ، بل مساندة و عون له و اشتراكا معه في الجرم الدولي.
وقد وزعت على المشاركين الوثيقة القانونية الصادرة عن المركز في ندوة سابقة لتشكل دليل عمل للنضال القانوني. وتتضمن خطة عمل للتحرك والنضال القانوني.
حيث دعت الوثيقة الى بناء اداة قانونية وحقوقية عربية موحدة " اتحاد المنظمات والجمعيات القانونية والحقوقية العربية". تقود النضال القانوني لإنجاز هدفي، الحماية والمحاصرة، والتنسيق مع مختلف المنظمات الاقليمية والدولية. وانشاء مركز عربي موحد لرصد وتوثيق جرائم الابادة الجماعية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني. بطريقة علمية تجعل منه مرجعا موثوقا للقانونيين والباحثين والسياسيين من مختلف بلدان العالم. وتشكيل فرق قانونية (اقليمية ودولية) مختصة برفع القضايا امام المحاكم الدولية والوطنية ضد الاحتلال وقياداته، والمتواطئين معه بوصفهم شركاء في جريمة الابادة بحق الشعب الفلسطيني.
ودعت الوثيقة الى عقد المؤتمرات الإقليمية والدولية، واعداد البحوث والدراسات على قاعدة تحقيق هدفي الحماية والحصار حسب القانون الدولي. للتعريف بجرائم الكيان الصهيوني، وتفعيل القوانين والقرارات الدولية التي تشرع حركة التحرر الفلسطيني كحركة وطنية ضد الاستعمار.