فرضت القوات الإسرائيلية حصارا شديدا على شمال قطاع غزة ليزيد من قتامة المشهد الذي يعيشه الفلسطينيون منذ 9 أشهر، إذ تم إيقاف تدفق المساعدات الإنسانية بشكل شبه كلي مما أدى إلى معاناة كبيرة بين مئات الآلاف من السكان الفلسطينيين. حيث باتت الأوضاع تتدهور بشكل متسارع، في مشهد دراماتيكي مؤلم يخيم فيه شبح المجاعة وتتفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية في ظل الحصار القاسي ونقص الإمدادات الضرورية للحياة اليومية.
منذ 7 أكتوبر المنقضي تبرز في غزة صورة مأساوية تشير إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير. فالمجاعة ليست مجرد نقص في الطعام، بل هي حالة يعاني فيها الأشخاص من نقص حاد في الغذاء والمياه والرعاية الصحية، مما يؤدي إلى تدهور صحتهم وحياتهم بشكل كبير. في غزة، تزداد التحديات بفعل الحصار الطويل والتوترات السياسية، ما يجعل الوصول إلى الموارد الأساسية أمرا صعبا على السكان.
بعد الموت والتنكيل والقصف باتت معاناة الأطفال والعائلات تتجلى في الجوع والضعف، مما يضعهم في مواجهة مصير غير ٱمن. فالمجاعة ليست مجرد إحصائيات، بل هي حكايات إنسانية حقيقية تحتاج إلى تدخل عاجل وفعال لإنقاذ الأرواح وتخفيف معاناة الناس في غزة. ومن الصور المؤلمة للحرب يغادر الآلاف من الأهالي والأطفال في شمال قطاع غزة يوميا في رحلة صعبة للبحث عن طعام يمنحهم الشبع وينقذهم من مصير الجوع المميت. هذا الواقع لم يعد مجرد تحذير بل حقيقة مريرة تلتهم المزيد من الأرواح يوما بعد يوم، دون أن يلقى العالم جهدا جديا لوقف هذه المأساة.
في إطار الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، تعاني الأجهزة الإنسانية وخاصةً جهاز الدفاع المدني من تحديات كبيرة تهدد قدرتها على تقديم الخدمات الضرورية للمجتمع المحاصر. بحسب بيان صادر عن الجهاز، يواجهون نقصا حادا في الوقود وصعوبات في تأمين قطع الغيار بفعل استهداف إسرائيلي لورش الصيانة، مما أدى إلى تعطل نصف الأسطول المركبات في مدينة رفح.
التأثيرات على الحياة اليومية في غزة لا تقتصر على المواطنين بل تمتد أيضا إلى تدخلات الطوارئ والإنقاذ التي تعتمد بشكل كبير على هذه المركبات. ويشدد الجهاز على أن هذه الإجراءات تتعارض مع القوانين الدولية التي تحمي أجهزة التدخل الإنساني وتضع المسؤولية على المجتمع الدولي للتدخل لحماية الحياة والممتلكات.
منذ بداية الصراع الحالي، زادت حدة الأزمة الإنسانية في غزة بشكل كبير، ورغم قرارات متكررة من المجتمع الدولي بوقف العنف، إلا أن الوضع لا يزال يتدهور. تحت هذه الظروف، يوجه الدفاع المدني نداء عاجلا للأمم المتحدة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لتقديم الدعم اللازم لإعادة تأهيل أسطول المركبات وتوفير الوقود المطلوب.
في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل حملتها العسكرية، تبقى الدعوات للعمل الدولي المشترك حاسمة لوقف الأعمال القتالية وتحسين الأوضاع الإنسانية في غزة. إن الحلول الجذرية لا تأتي إلا بوضع حد للعنف والتدخل الدولي الفعّال لحماية حقوق الإنسان وإنقاذ الحياة في هذه الأزمة المستمرة.
إن ما يجري في غزة ليس مجرد تدهور إنساني بل هو انتهاك صريح للقوانين الدولية وحقوق الإنسان، ويتطلب استجابة دولية جادة وفورية لإيقاف العنف وإعادة بناء البنية التحتية الإنسانية المتضررة بشكل كبير.
كارثة انسانية
من جهته مدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، الجمعة، من كارثة إنسانية "خطيرة" في محافظتي غزة والشمال، جراء التدهور الحاد في الأوضاع الصحية بسبب انتشار الأوبئة والمجاعة.
وقال أبو صفية وفق الأناضول إن "الوضع في محافظتي غزة والشمال سيء جدا، ونعمل بالحد الأدنى في المنظومة الصحية في ظل عدم وجود مستلزمات ومستهلكات طبية وأدوية".
وأضاف: "شبح المجاعة يجتاح المنطقة مجددا، وهناك انعدام في توفر الأطعمة ذات القيم الغذائية المتنوعة وما يتوفر هو فقط الدقيق الذي لا يشكل إلا زاوية واحدة من الهرم الغذائي اللازم لجسم الإنسان".
وأوضح أبو صفية أن "نحو 214 طفلا وصلوا المستشفى خلال 14 يوما، حيث تظهر عليهم علامات سوء التغذية من بينهم أكثر من 50 حالة تعاني من سوء تغذية متقدم، و6 حالات وضعها حرج ويتم التعامل معها في قسم العناية المركزة".
واضاف قائلا: "هؤلاء الأطفال يعيشون فقط على محاليل الإنعاش، ولا يتوفر لهم الحليب أو الغذاء الخاص مما يشكل تهديدا على حياتهم"
وقال عن ذلك: "لم تدخل مواد أساسية لشمال قطاع غزة، ما يتوفر هو الدقيق فقط والذي لا يكفي لبنية أجساد كبار السن والنساء الحوامل، المطلوب أطعمة فيها دهون وبروتينات".
انتشار الأمراض والأوبئة
وفي السياق ذاته، حذر من انتشار الأمراض والأوبئة في محافظتي غزة والشمال نتيجة تراكم النفايات في الشوارع وطفح مياه الصرف الصحي.
وأردف: "ضعف مناعة السكان جراء المجاعة يسرع من انتشار هذه الأمراض والأوبئة وأبرزها التهاب الكبد الوبائي والنزلات المعوية".
وطالب دول العالم بضرورة "التدخل لإجبار إسرائيل على فتح المعابر وإدخال المواد الأساسية لمحافظتي غزة والشمال وباقي القطاع، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه".
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، في 7 جوان، إن 9 من بين كل 10 أطفال في غزة يعانون من نقص خطير في الغذاء، وأن سوء التغذية يزيد من الخطر على الحياة في القطاع.ل
اجيش الإسرائيلي يدمر مئات المنازل في رفح
ميدانيا استشهد عدد من الفلسطينيين وأصيب آخرون، امس الأحد، في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت منازل ومدنيين في مناطق متفرقة من قطاع غزة، فيما دمرت القوات الإسرائيلية المتوغلة في مدينة رفح جنوبي القطاع مئات المنازل غربي ووسط المدينة.
وأفادت مصادر طبية وفق الأناضول، بأن 8 فلسطينيين قتلوا وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي استهدف منزلا بحي الصبرة جنوبي مدينة غزة.
وقال الدفاع المدني الفلسطيني، في بيان، إن طواقمه انتشلت 3 قتلى وعدة إصابات جراء استهداف الطائرات الإسرائيلية لمنزل يعود لعائلة جعرور في محيط منطقة ضبيط وسط مدينة غزة.
وفجر الأحد، قتل فلسطيني وأصيب آخرون في غارة إسرائيلية استهدفت مجموعة من المدنيين شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وفق مصادر طبية.
كما قتل فلسطينيان جراء استهدافهما من طائرة مسيرة إسرائيلية بالقرب من محطة الكهرباء شمال مخيم النصيرات، حسب ما أفادت مصادر طبية في مستشفى "العودة" بالمخيم.
وفي مدينة رفح جنوبي القطاع، دمر الجيش الإسرائيلي المئات من المنازل الفلسطينية في الحي السعودي (غرب) ومناطق وسط المدينة بعد "نسفها" بالمتفجرات، وفق ما ذكر شهود عيان لمراسل الأناضول.
يأتي ذلك، فيما تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية استهداف القوات الإسرائيلية المتوغلة بالمدينة.
وقالت كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس، في بيان مقتضب، إنها قصفت بالاشتراك مع سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي جنود وآليات إسرائيلية متوغلة في مخيم يبنا وسط مدينة رفح بقذائف الهاون.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة بدعم أمريكي مطلق، خلفت أكثر من 123 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، ما أدخل تل أبيب في عزلة دولية وتسبب بملاحقتها قضائيا أمام محكمة العدل الدولية.
وتواصل إسرائيل حربها رغم قرارين من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة
كما تتحدى إسرائيل طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعها يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزة.
الأونروا: إسرائيل استهدفت 69 بالمائة من مدارس إيواء النازحين بغزة
هذا وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، الأحد، إن الجيش الإسرائيلي قصف 69 بالمئة من المدارس التي تؤوي نازحين داخل قطاع غزة، ما أدى إلى تعرضها لأضرار مباشرة.
وقالت الأونروا في بيان عبر منصة "إكس"، إن "69 بالمئة من المباني المدرسية التي كانت الأسر النازحة تبحث عن مأوى فيها، قد تعرضت للقصف (الإسرائيلي) أو الأضرار بشكل مباشر".
وأضافت: "يجب أن يتوقف هذا التجاهل الصارخ للقانون الإنساني، ونحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار (في غزة) الآن".
والجمعة، قالت الأونروا عبر منصة "إكس": "في غزة يحتاج أكثر من 76 بالمئة من المدارس إلى إعادة البناء أو تأهيل كبير، كي تتمكن من العمل مرة أخرى، وفقا لمجموعة التعليم العالمية".
و"مجموعة التعليم" هي آلية تنسيق مشتركة بين منظمات تعمل في مجال الاستجابة الإنسانية بقطاع التعليم في حالات النزوح الداخلي.
وأنشئت المجموعة عام 2007 عن طريق "اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات"، وتقودها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، و شبكة "حماية الطفولة" (محلية) على المستوى العالمي.
ودمرت الحرب الإسرائيلية حتى 17 جوان الجاري، 110 مدارس وجامعات بشكل كلي، و321 مدرسة وجامعات بشكل جزئي، فيما أودت بحياة أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
واضطر مئات آلاف النازحين داخل قطاع غزة، إلى اتخاذ مدارس مأوى لهم في ظل ضراوة القصف الإسرائيلي، معتقدين أن مراكز التعليم ستكون بمنأى عن الخطر، إلا أن الجيش الإسرائيلي استهدف تلك المدارس، متجاهلا تحذيرات دولية بشأن ذلك.
"حزب الله" يتوعد إسرائيل بحرب "بلا سقف"
ميدانيا توعد "حزب الله"، مساء السبت، إسرائيل بشن حرب ضدها "بلا ضوابط ولا قواعد ولا سقف"، في حال قررت الأخيرة خوضها مع لبنان.
جاء ذلك في مقطع فيديو ترويجي نشره "الإعلام الحربي" التابع للحزب تحت عنوان: "لمن يهمه الأمر".
وتضمن الفيديو مقتطات من كلمة متلفزة سابقة لأمين عام الحزب، حسن نصرالله، قال فيها: "إذا فرضت الحرب على لبنان فإن المقاومة ستقاتل بلا ضوابط وبلا قواعد وبلا سقف".
وأضاف: "من يفكر في الحرب معنا سيندم إن شاء الله"، وفقا لما جاء في الفيديو.
كما تضمن الفيديو الذي بلغت مدته دقيقة و11 ثانية، مشاهد رصد جوي لمناطق ومدن إسرائيلية حصل عليها "حزب الله" خلال عملية استطلاع واسعة نفذتها طائرات مسيرة تابعة له.
ووفقا لمراقبين، فإن صور الاستطلاع التي ظهرت بالفيديو تظهر أهدافا حيوية وعسكرية إسرائيلية، منها مصافي النفط في مدينة حيفا، ومطار بن غوريون في تل أبيب وميناء أسدود وقواعد عسكرية في الجليل الأعلى.
والثلاثاء الماضي، أعلن "حزب الله" تنفيذ عملية "الهدهد" بإرسال طائرة مسيرة عادت بصور حسّاسة من شمال إسرائيل، وتحديدا من حيفا.
ونشر "حزب الله" حينها مقطعا مصورا يتضمن مسحا دقيقا لمناطق في شمال إسرائيل صورته طائرات مسيرة، قال الحزب إن المسيرات تمكنت من تجاوز وسائل الدفاع الجوي الإسرائيلية، وعادت دون كشفها أو إسقاطها.
وفي الأسابيع الأخيرة، ازدادت حدة التصعيد المتبادل بين تل أبيب و"حزب الله" على الحدود بين إسرائيل ولبنان.
والثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي "المصادقة" على خطط عملياتية لهجوم واسع على لبنان.
الجيش الإسرائيلي يعترف بتنكيل جنوده بجريح فلسطيني
في الاثناء اعترف الجيش الإسرائيلي الأحد بأن جنوده قيدوا جريحا فلسطينيا لى الغطاء الأمامي لمركبة عسكرية خلال عملية في مدينة جنين بشمال الضفة الغربية المحتلة، في انتهاك للقواعد العملياتية.
وتظهر مقاطع فيديو توثق الحادثة التي وقعت السبت وانتشرت على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، شابا من سكان جنين ممددا ومقيدا على غطاء مركبة عسكرية كانت تمر في أحد شوارع المدينة.
وأكد مصدر طبي في مستشفى ابن سينا التخصصي في المدينة أن الشاب يدعى مجاهد فياض، وكان عند وقوع الحادث في حي الجابريات في منطقة وادي برقين.
وتشهد الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967 تصاعدا في العنف منذ أكثر من عام، لكن الوضع تدهور منذ اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة في السابع من أكتوبر.
واستشهد منذ ذلك الحين 553 فلسطينيا على الأقل في الضفة الغربية بأيدي القوات الإسرائيلية أو مستوطنين، بحسب مسؤولين فلسطينيين.