بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وسط دعوات محلية ودولية لوقف القتال ومحاولات متكررة للوساطة اقترحتها عدة دول ، غلى غرار اليعودية التي تحتضن وساطة صعبة بين طرفي الاقتتال.
وسمعت أصوات قتال في جنوب الخرطوم أمس الأحد بينما يوجد ممثلون عن طرفي الحرب السودانيين في السعودية لإجراء محادثات يأمل وسطاء دوليون أن تضع حدا للصراع المستمر منذ ثلاثة أسابيع.
والوساطة التي تحتضنها مدينة جدة السعودية
تأتي في سياق مبادرة أمريكية سعودية باعتبارها أول مقترح جاد لإنهاء الحرب الدائرة في السودان.
وكانت قوى سودانية على غرار "قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي" و "الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل" و"المؤتمر الشعبي" ومنظمات المجتمع المدني وحركات مسلحة تنضوي تحت لواء "الجبهة الثورية" وقعت على اتفاق اطاري، يتضمن قيام الحكم في السودان على النظام اللامركزي وأن الدستور الذي يضمن العدالة والمساواة يجب أن يرتكز على فصل الدين عن الدولة".
ويشير الاطار الى "الطرفين أكدا على أن الدولة يجب أن تقف على مسافة واحدة من جميع الأديان والهويات" مضيفا أن "الاتفاق شدد على تحقيق العدالة في توزيع السلطة والثروة بين الأقاليم لرفع التهميش تنمويا".
قضايا متعددة
وكانت تلك المناقشات تهدف لاتفاق السلام كجزء من 5 قضايا تسعى الأطراف السودانية الى حسمها تمهيدا للوصول إلى اتفاق نهائي لنقل السلطة للمدنيين وكذلك وفقا لما نصّ عليه الاتفاق الإطاري الموقع بين الجيش وعدد من الأحزاب والكيانات السياسية في الخامس من ديسمبر 2022. بما يمهد لنقل السلطة للمدنيين والذي يحظى بدعم دولي واسع. وتشمل القضايا الخمس إضافة إلى اتفاق السلام، الإصلاح الأمني والعسكري والعدالة وشرق السودان وتفكيك التمكين لنظام الإخوان الذي حكم البلاد ثلاثين عاما قبل أن تطيح به ثورة شعبية في أفريل 2019.
في المقابل أعلنت قوى معارضة للاتفاق الإطاري في السودان، عن توقيع إعلان سياسي مشترك يطالب بحكم البلاد بـ "نظام لا مركزي يفصل الدين عن الدولة".حتى تدخل البلاد في مرحلة جديدة من الاستقطاب السياسي . ووقع "الإعلان السياسي" في جوبا عاصمة جنوب السودان كل من "قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية" برئاسة جعفر الميرغني و"الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال" بقيادة عبد العزيز الحلو، وفق بيان مشترك صدر عن الطرفين.
وجاء الإعلان السياسي في وقت يشهد فيه السودان منذ ديسمبر الماضي عملية سياسية وفق "الاتفاق الإطاري" لإنهاء أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر 2021، حين فرض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين. وهذا الإجراء الإستثنائي
والذي كان من المقرر ان تنهي من خلاله السودان المرحلة الانتقالية بإجراء انتخابات في مطلع عام 2024 ليتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش والقوى المدنية ، لكن إجراءات البرهان الاستثنائية أدخلت البلاد في منعرج لم تخرج منه الى حد الآن. بل وزادت حدة الإقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.ومنذ انقلاب أكتوبر 2021، يدير مجلس السيادة الحكم في السودان، وهناك قائدان عسكريان في قلب النزاع: قائد القوات المسلحة والرئيس الفعلي للبلاد عبد الفتاح البرهان، من جهة، ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، من جهة أخرى.
واحدة من أهم النقاط الأساسية العالقة بين حميدتي والبرهان، هي الخلاف حول خطة ضمّ قوات الدعم السريع التي يبلغ عددها 100 ألف عنصر، إلى الجيش وحول من سيقود القوة الجديدة بعد ذلك وهذا الخلاف أشعل المواجهات الدامية الدائرة بين الطرفين.
وقف الإقتتال أم هدنة مؤقتة ؟
ويرى مراقبون أن هذه الوساطة والمحادثات التي يشوبها التوتر من الأهمية بمكان من أجل معالجة الأزمة الراهنة والتوصل الى اتفاق نهائي يفضي الى حكومة انتقالية مدنية تخرج البلاد من حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني والعسكري . ويىى متابعوم أن محادثات السعودية هي أول محاولة جادة لإنهاء القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع والذي حول أجزاء من العاصمة الخرطوم إلى مناطق حرب وقوض خطة مدعومة دوليا تهدف للانتقال للحكم المدني بعد اضطرابات وانتفاضات استمرت لسنوات.وبينما يسعى الوسطاء إلى إيجاد مسار يفضي للسلام، أوضح الجانبان أنهما سيناقشان فقط هدنة إنسانية ولن يتفاوضا لإنهاء الحرب.
وتسببت المعارك منذ اندلاعها منتصف أفريل في مقتل مئات الأشخاص وإصابة الآلاف وعرقلة إمدادات المساعدات وفرار 100 ألف لاجئ إلى خارج البلاد.