في انتظار الارتدادات العكسية لشح المياه وتراجع الزراعات : أسعار المواد الفلاحية ترتفع والزيادات تصل الى 27 % خلال أفريل المنقضي

يتسارع نسق تطور مؤشر الأسعار على الصعيد الوطني بشكل ملحوظ في وقت تشهد فيه المقدرة الشرائية تراجعا مهما ،

وتزداد المخاوف من مواصلة النسق بشكل غير مسبوق خلال الفترة القادمة لاسيما أن هناك برامج لرفع الدعم تضمنها قانون المالية لم يقع الانطلاق فيها علاوة على ظروف مناخية صعبة يرجح أن تعبد الطريق أمام التضخم ليكون المستهلك على موعد مع زيادات في الأسعار ستكون غير مسبوقة .
لئن تباطأت نسبة التضخم خلال الشهرين المنقضيين بعد أن شهدت منحى تصاعديا منذ نوفمبر 2021 ،الا ان مؤشر الأسعار استمر في الصعود ،حيث زاد مؤشر أسعار الاستهلاك بنسبة 1,2% خلال شهر أفريل 2023 مقارنة بشهر مارس ويعود هذا الارتفاع الى الزيادات المسجلة في أسعار مجموعة الملابس و الأحذية و التي عمد اليها التجار بمناسبة عيد الفطر والتي قيمها المعهد الوطني للإحصاء بنحو 7 في المائة علاوة على التطور المعتاد لأسعار مجموعة التغدية و المشروبات بنسبة 1.5%.
ويأتي الارتفاع المسجل في أسعار مجموعة التغذية على الرغم من تسقيف اسعار بعض المنتجات على غرار منتوجات الدواجن و بعض أصناف الغلال ،حيث عمدت وزارة التجارة الى تسقيف أسعار بعض المنتجات و تحديد هوامش بعض المنتجات الاخرى قصد التحكم في الاسعار المرتفعة وعلى الرغم من ان أهمية الحلول المقترحة فقد كان تأثيرها هامشيا وضعيفا مقارنة مع الكم الهائل من المنتجات التي تضاعفت أثمانها تحت ظغط عدة عوامل داخلية و خاريجية.
ويؤكد الارتفاع الشهري لمنتجات اللحوم و الخضر و الغلال والفواكه عدم فعالية الإجراءات المتخذة ، إذ من الصعب ان يكون لوضع سقف للاسعار لأربع منتجات ان يؤثر على سلة واسعة من المنتجات أغلب أسعارها حرة هذا في حال كان هناك إحتراما من طرف التجار لقرارات وزارة التجارة ،حيث كانت حصيلة الرقابة خلال الشهر المنقضي والتي سجلت أكثر من 14 ألفا مخالفة وهو مايشير الى التعاطي غير المسؤول لبعض التجار مع قرارات سلطة الإشراف .
وفي سياق متصل ،تشير معطيات المعهد الوطني للإحصاء إلى أن أسعار المواد الحرة التي تمثل 73.5 في المائة من المنتجات قد ارتفعت بحساب الانزلاق السنوي خلال الشهر المنقضي بنسبة 11.2 % ،كما زادت بين ديسمبر المنقضي وافريل من العام الحالي بنحو 4 في المائة ،وبنسق اقل ارتفعت أسعار المواد المؤطرة بمعدل 7.6% للأشهر الأربعة المنقضية.و تبين المعطيات ذاتها الارتفاع المشط لاسعار المواد الغذائية الحرة التي تمثل نصيب الأسد من مجموعة التغذية ،حيث صعدت بنسبة 18.3% و يمكن تفسير الارتفاع المسجل بالظروف المناخية الصعبة وتأثيرها في سير المواسم الفلاحية ،ذلك أن المواد الفلاحية الغذائية قد ارتفعت أثمانها بنسبة 18.7% وهي أعلى نسبة مسجلة بين المجموعات .
ويؤكد تطور الأسعار المواد الفلاحية الصعوبات التي تعرفها منظومات الإنتاج الفلاحي ،فقد صعدت أسعار اللحوم بنسبة 26.8% ،الخضر 12.7 %،الحليب و مشتقاته والبيض 15.4 %والغلال حوالي 13 في المائة وتعد هذه الارتفاعات قبل الإجراءات المعلن لمجابهة شح المياه على غرار منع الزراعة في المناطق السقوية ،حيث من المرجح ان يظهر آثار القرارات على المدى القريب.
يعرف القطاع الفلاحي اليوم إشكاليات متعددة تشل أهم مرتكزاته فإلى جانب غلاء مدخلات الانتاج ،تطفو على السطح أزمة المياه وإن كان تأثيرها واضح خلال المواسم المنقضية خاصة على مستوى الزراعات الكبرى ،فإن شح المياه اليوم ومنع الزراعات سيكون له إرتدادت عكسية وخيمة على العرض و تباعا على الاسعار ،حيث من المهم ان تكون القرارات التي إتخذت في شأن القطاع الفلاحي وحرمان الفلاحين من المياه كحل لا بديل له جزءا من خطة متكاملة تحفظ مكانة الفلاحين لاسيما ان اغلبهم من صغار الفلاحين في تونس و تحدد برنامجا واضحا للتزويد السوق تجنبا لانهيار منظومات الانتاج الفلاحية و تباعا إنهيار المقدرة الشرائية على أسعار خيالية ....

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115