انتقادات ومخاوف من تداعيات ذلك على مسار الحرب الدائرة في أوكرانيا و على السلم والأمن في القارة الأوروبية خاصة وأن بلاروسيا أو روسيا البيضاء دولة حليفة تقع على أبواب الاتحاد الأوروبي.
وتأتي تصريحات بوتين المفاجئة بعد تهديدات صريخة تارة ومبطنة تارة أخرى تفيد بإمكانية اللجوء الى استعمال أسلحة نووية في كييف،مما أثار مخاوف من عودة أجواء الحرب الباردة.
كما هدد الرئيس الروسي باستخدام قذائف باليورانيوم المستنفد في أوكرانيا إذا تلقت كييف ذخائر مماثلة من الغرب، ردا على تصريحات بهذا الصدد صدرت مؤخرا عن مسؤولة بريطانية.
بشأن الاسلحة النووية، قال بوتين في مقابلة بثها التلفزيون الروسي "لا شي غير اعتيادي هنا: الولايات المتحدة تفعل ذلك منذ عقود. هي تنشر منذ زمن طويل أسلحتها النووية التكتيكية على أراضي حلفائها". وتابع "اتفقنا على القيام بالأمر نفسه" مؤكدا الحصول على موافقة مينسك.
وقال "سبق أن ساعدنا زملاءنا البيلاروس وجهزنا طائراتهم ... دون انتهاك التزاماتنا الدولية على صعيد منع انتشار الأسلحة النووية. ثمة عشر طائرات جاهزة لاستخدام هذا النوع من السلاح".
وأوضح "اعتبارا من 3 أفريل سنباشر تدريب الفرق. وفي الأول من جويلية سننجز بناء مستودع خاص للأسلحة النووية التكتيكية على أراضي بيلاروس"يا.
وبرر بوتين هذا القرار بنية لندن في إرسال ذخائر باليورانيوم المستنفد إلى أوكرانيا، وفق تصريحات صدرت مؤخرا عن مسؤولة بريطانية.
وبعد الذكرى الأولى لبدء الغزو في 24 فيفري 2022 ، تتزايد المخاوف من مزيد إطالة أمد العملية الروسية في أوكرانيا، مما يزيد بالتالي خطر حصول ضربة نووية.وكان بوتين أعلن في الشهر الماضي ان موسكو ستعلق مشاركتها في معاهدة ستارت الجديدة، آخر معاهدة متبقية للحد من التسلح بين القوتين النوويتين الرئيسيتين في العالم: روسيا والولايات المتحدة.
من جهته حذر أوليكسي دانيلوف رئيس مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أمس الأحد من أن خطط روسيا لنشر أسلحة نووية تكتيكية في روسيا البيضاء ستزعزع استقرار ذلك البلد.وكتب على تويتر "لقد أخذ الكرملين روسيا البيضاء رهينة نووية.
سجال بريطاني روسي
وفي نفس السياق يرى مراقبون أن الخطوة الروسية تاتي بعد إعلان بريطانيا، عن خطتها لإرسال ذخيرة تحتوي على اليورانيوم المستنفد لاستخدامها في أوكرانيا، مما خلف احتجاجا روسيا، في الوقت الذي حذر فيه خبراء من تأثيرات تلك الخطوة على الصراع الدائر وإمكانية فتح الباب أمام حرب نووية مدمرة.
يأتي ذلك بعدما كشفت وزيرة الدولة في وزارة الدفاع البريطانية، أنابيل جولدي، عن سعي بلادها لنقل ذخيرة اليورانيوم المستنفد إلى كييف، ضمن جهودها لتوفير سرب من الدبابات القتالية "تشالنغر 2" لأوكرانيا، بما في ذلك "القذائف الخارقة للمدرعات".
وأوضحت في بيانها ردًا على سؤال من عضو مجلس اللوردات اللورد هيلتون، وفق "سكاي نيوز عربية"، أن تلك "القذائف سيتم تسليمها للاستخدام مع دبابات "تشالنغر 2 القتالية"، معتبرة أن مثل هذه القذائف "فعالة للغاية في هزيمة الدبابات الحديثة والعربات المدرعة".
وما إن جرى الإعلان عن الخطوة البريطانية، حتى هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بـ"الرد" في حال مضت لندن في خطتها، فيما حذر وزير دفاعه سيرغي شويجو من "صدام نووي" محتمل بين موسكو والغرب.وقال بوتين إن "هذه الخطوة تنذر بتحول الغرب إلى تزويد كييف بأسلحة تحتوي على مكونات نووية... إذا حصل ذلك، ستكون روسيا مضطرة إلى الرد".
تأثير على مسار الحرب
وتشهد الأزمة الروسية الأوكرانية تطورات دراماتيكية مُتسارعة ترافقها عقوبات اقتصادية متتالية ودعوات دولية لضبط النفس مع ما يحمله المشهد من مخاوف نووية .وتهديدات بدخول العالم في سيناريو حرب عالمية ثالثة ستكون في هذه المرة أشدّ وطأة وقسوة على البشرية من الحروب السابقة.
وقد بدأت التهديدات النووية بـوضع «قوى الردع للجيش الروسي في حالة استنفار للمعركة» حيث أعلنت موسكو عن وضع أسطولها النووي على أهبة الإستعداد أمام أية إمكانية لتدخل عسكري لمواجهة قواتها في أوكرانيا، ليزيد ذلك من المخاوف الدولية من إمكانية اندلاع حرب ضروس وقودها الأسلحة النووية.
ويرى مراقبون أنّ أسباب ما يحصل على جبهة الحرب الروسية الأوكرانية يعود إلى أزمات سياسية وأخرى اقتصادية كانت نتيجة لنزاعات داخلية وخارجية تتعلق بنظام الحكم في كييف والتحالفات الدولية الداعمة للنظام الحاكم هناك.
ولعلّ الشرارة التي زادت من فرص اندلاع حرب في المنطقة النزاع الروسي الأوكراني حول شبه جزيرة القرم ومناطق أخرى شرق البلاد ، اذ أفرز قرار موسكو ضمّ ‘’القرم’’ سنة 2014 عداء أمريكيا غربيا واسع النطاق لحكومة بوتين بعد رفض الغرب لهذه الخطوة والتي اعقبتها بحزمة عقوبات اقتصادية حادة ضدّ الكرملين .
ولعلّ السبب الأهم الذي استند إليه بوتين كذريعة للهجوم العسكري ضدّ أوكرانيا قول موسكو: أن هناك ‘’خطرا نوويا داهما يهدّد أمنها واستقرارها’’ رغم نفي الرئيس الروسي غزو اوكرانيا في اكثر من مناسبة وقبل دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا بأسابيع، قدمت روسيا سلسلة من المطالب للحصول على «ضمانات أمنية» من الغرب، يتعلق معظمها بحلف شمال الأطلسي (الناتو) ـ لكن الإجتماعات المتكررة باءت بالفشل بعد رفض الغرب إعطاء بوتين هذه الضمانات.ووفق تقارير إعلامية ألقى الرئيس بوتين باللوم جزئيا على قراره بالهجوم على توسع الناتو شرقا. مطالب بوتين الأساسية الأخرى هي أن لا ينشر الناتو «أسلحة هجومية بالقرب من حدود روسيا»، وأن يزيل القوات والبنية التحتية العسكرية من الدول الأعضاء التي انضمت إلى الحلف منذ عام 1997.وهذا يعني أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية ودول البلطيق. تريد روسيا أن يعود الناتو إلى حدود ما قبل عام 1997.
ووفق مراقبين -إلى جانب خشية روسيا من انضمام أوكرانيا إلى دول الإتحاد الأوروبي- زادت تصريحات أوكرانية حول النووي من هلع موسكو من تداعيات تزايد قدرات ماوصفها بوتين بـ’’أوكرانيا الحديثة’’ في المجال النووي على أمنها واستقرارها . وربط متابعون للشأن الدولي مخاوف موسكو بتصريحات صدرت عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشكل غير مباشر المح فيها إلى «احتمال عودة بلاده لحيازة أسلحة نووية عبر الانسحاب من مذكرة بودابست في حال لم يتم ضمان أمن بلاده».
وجاءت تصريحات زيلينسكي خلال مؤتمر ميونخ للأمن الذي انعقد قبل أيام قليلة حيث دعا لمشاورات مع موسكو وقال «إذا لم تحصل (المشاورات) أو لا تضمن نتائجها أمن بلادنا، سيكون لأوكرانيا الحق في اعتبار مذكرة «بودابست» غير سارية».يشار إلى أنّ مذكرة ‘’بوادبست’’ تضمن «استقلال وسيادة وحدود أوكرانيا» لقاء موافقة كييف على إزالة كل الأسلحة النووية من العهد السوفياتي من على أراضيها.
واعتبر متابعون أنّ موسكو محقة في مخاوفها التي اتخذت منها ذريعة لخدمة تدخلها العسكري في كييف وفرض سيطرتها على أغلب المدن الأوكرانية .