حتى بدأت مؤشرات العنف المدرسي تطفو على السطح من جديد، حيث شهدت عدة مؤسسات تربوية في مختلف الولايات تسجيل حالات عنف تراوحت بين الاعتداءات الجسدية واللفظية بين التلاميذ، وأخرى طالت الإطار التربوي، التصاعد اللافت لحالات العنف يطرح عدة تساؤلات ويثير قلق ومخاوف الإطار التربوي والأولياء على حدّ السواء، وضع بات يستدعي بالضرورة العمل على إيجاد رؤية وطنية شاملة بمشاركة كافة الأطراف المعنية من أجل ردّ الاعتبار لدور المدرسة كمؤسسة تربوية ومجتمعية وخلق مناخ مدرسي سليم إلى جانب تعزيز برامج التوعية والتربية على السلوك المدني بين التلاميذ، عدة حالات عنف تمّ تسجيلها رغم مرور أقل من شهر على العودة المدرسية.
تكررت أحداث العنف في المؤسسات التربوية في الفترة الأخيرة تطال التلاميذ والأساتذة، وقد جدّت يوم الثلاثاء المنقضي في مدينة رأس الجبل التابعة لولاية بنزرت حادثةُ اعتداءٍ بين عدد من التلاميذ عُقب نزولهم من الحافلة، استُعملت فيها أسلحة بيضاء، وأسفرت عن إصابات متفاوتة الخطورة، وقد تمكنت فرقة الشرطة العدلية برأس الجبل من إيقاف ستة قصّر، تتراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة، يُشتبه في تورّطهم في الحادثة. وسيحال الموقفون على أنظار الجهات القضائية، بشُبهة مسك واستعمال سلاح أبيض دون موجب قانوني، في انتظار ما ستُسفر عنه التحقيقات حول أسباب وملابسات الواقعة.
بطاقة إيداع بالإصلاحية
حالات عنف جسدي تمّ تسجيلها ولم تمر على العودة المدرسية إلا أسابيع قليلة، حوادث نتجت عنها عدة إيقافات في صفوف التلاميذ، ومن الحوادث التي تمّ تسجيلها على سبيل الذكر لا الحصر تعرض أستاذ تربية بدنية في معهد بالروحية من ولاية سليانة يوم 6 أكتوبر الجاري لاعتداء بالعنف الشديد بسكين على مستوى الرقبة من قبل تلميذ يبلغ من العمر 15 عامًا وخمسة أشهر. وقد أصدر قاضي تحقيق الأطفال بطاقة إيداع في حق التلميذ لدى الإصلاحية في انتظار استكمال الأبحاث، وحسب الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بسليانة، عيسى القاسمي فإن النيابة العمومية احتفظت بالتلميذ في مرحلة أولى، وبعد مثوله أمامها، تم فتح بحث تحقيقي ضده من أجل "محاولة القتل العمد مع سابقية القصد"، ليصدر قاضي التحقيق لاحقًا بطاقة إيداع في شأنه بالإصلاحية بانتظار استكمال التحقيقات.
حوادث عنف مثيرة للجدل
كما شهدت إحدى المؤسسات التربوية بمدينة الحمامات في شهر سبتمبر الفارط حادثة عنف مثيرة للجدل، حيث أقدمت تلميذة على الاعتداء على زميلتها باستعمال آلة حادة، مما تسبب لها في إصابة على مستوى اليد استوجبت التدخل الفوري. كما تعرض في نفس الشهر تلميذ بمعهد الامتياز بسيدي حسين للطعن بآلة حادة على مستوى اليد من قبل زميله مما أدى إلى قطع شرايينه ونقله إلى المستشفى أين خضع لعملية جراحية ووضعه في قسم الإنعاش الطبي، وتمكن أعوان فرقة الشرطة العدلية بسيدي حسين من إلقاء القبض على المظنون فيه حيث تبيّن أنه عمد إلى طعن زميله بسبب خلافات بينهما. هذا وتعرضت أستاذة بإعدادية الزهور بالقصرين إلى عنف برشقها بالحجارة وتهشيم سيارتها من قبل مجموعة من التلاميذ بعد أن قامت بإعداد تقرير تأديبي لإحدى التلميذات، وردا على هذا الاعتداء قرر الأساتذة إيقاف الدروس أمس بالمعهد مع تنظيم وقفة احتجاجية طالبوا خلالها بتركيز دوريات أمنية دائمة أمام المعاهد وتجريم الاعتداء على المربين ومتابعة كل المتورطين قانونيا.
إرساء حوار عميق من أجل المدرسة العمومية
تعددت وتكررت حوادث العنف وقد نتجت عنها في أحيان عديدة عدة احتجاجات أمام تجدد الدعوة إلى تجريم الاعتداء على المربي، وقد دعت الكاتبة العامّة المُساعدة للجامعة العامّة للتّعليم الثّانوي، جُودة دحمان إلى "ضرورة إيقاف نزيف العنف الممارس داخل المؤسسات التربوية"، مشدّدة على أنّ "هذه مسؤولية مجتمعيّة ولا تقع فقط على عاتق وزارة التربية بل تشمل العديد من الأطراف المتداخلة". وأكدت في تصريح لها لجوهرة أف أم ، أنّ "هناك تخوّف من أن يُراد من المدرسة التونسية العمومية أن تُطبّع مع ظاهرة العنف"، مشيرة إلى أنّ "المجتمع اليوم أصبح عنيفاً ومؤخّرًا تمّ تعنيف إطار تربوي بإحدى المعاهد في تونس العاصمة من طرف تلميذة ووليّة". وشدّدت دحمان على أنّه "يجب البحث عن الأسباب والمسبّبات لتفشي هذه الظاهرة من أجل معالجتها"، وشددت أيضا على ضرورة إرساء حوار عميق مع جميع الأطراف المتداخلة من أجل المدرسة العمومية، وطرح الحلول العمليّة للحدّ من ظاهرة العنف التي أصبحت متفشّية في المؤسسات التربوية.
بالرغم من أن العودة المدرسية لم تتعدّ الشهر: تصاعد مستمر في وتيرة العنف المدرسي وإيقافات في صفوف التلاميذ
لم تمضِ سوى أسابيع قليلة على انطلاق السنة الدراسية الجديدة
آخر مقالات دنيا حفصة
- وصول 15 تونسيا في دفعة ثانية وأخيرة من الأسطول اثر ترحيلهم من الكيان: وائل نوار: " تعرضنا إلى التعذيب والعنف والحرمان ولكن رفعنا رؤوس التونسيين.."
- في الذكرى الثانية لطوفان الأقصى.. دعوات متواصلة لتجريم التطبيع : بين إطلاق مبادرة "المليون توقيع" والعريضة البرلمانية لاستئناف التصويت على فصول القانون
- تزامنا مع الذكرى الثانية لطوفان الأقصى: ترحيل دفعات جديدة من معتقلي أسطول الصمود اليوم من بينهم 15 تونسيا
- وصفت ظروف احتجازهم بـ"السيئة" وغير الإنسانية من قبل سلطات الاحتلال: الإفراج عن أسرى أسطول الصمود على دفعات وسط تواصل التحركات للضغط لاطلاق سراح البقية
- بعد عملية "قرصنة" أسطول الصمود واعتقال المشاركين..من البيانات إلى الشارع: تتالي ردود الأفعال المنددة ودعوات واسعة للضغط والتحرك ومسيرة وطنية غدا
Leave a comment
Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.