خطة نتنياهو لما بعد الحرب: سيطرة أمنية شاملة على غزة وسط رفض فلسطيني ودولي

رغم كل الضغوطات الدولية غير المسبوقة التي تمارس على كيان الاحتلال

وتحرك الدول الأوروبية للضغط على نتيناهولوقف الحرب ، الا انه سارع الى الإعلان عن ملامح خطة أمنية جديدة تحت عنوان "اليوم التالي" للحرب الجارية منذ أشهر، وذلك في خطوة تعكس تصعيدا جديدا في حرب الإبادة المتواصلة بقطاع غزة. فنتنياهو يعلم بأن القبول بوقف نهائي لاطلاق النار يعني حكما عرضه على محاكمة دولية بتهمة جرائم الحرب . وأثارت تصريحات نتنياهو ردا غاضبا من حركة المقاومة الإسلامية حماس التي اعتبرت أن نتنياهو يسعى إلى إحباط المفاوضات الجارية، ويدفع بالمنطقة إلى مزيد الانفجار.

وتتضمن خطة مجرم الحرب نتيناهو ثلاثة مراحل بتنسيق أمريكي. المرحلة الأولى تركز على إيصال مساعدات إنسانية فورية عبر نقاط توزيع مؤمّنة تديرها شركات أمريكية وتخضع لإشراف جيش الاحتلال. المرحلة الثانية تشمل إقامة منطقة جنوبية "بلا حماس"، يتم نقل المدنيين إليها وتوزيع المساعدات عبرها. أما المرحلة الثالثة، فهي فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على غزة، بما يضمن – بحسب مزاعم نتنياهو – عدم تكرار ما وصفه بـ"التهديد الأمني" .

شدد نتنياهو على أن ''إسرائيل'' لن تقبل بأقل من تحقيق "الأهداف الثلاثة الكاملة" للحرب، وهي: القضاء على حماس، استعادة الرهائن، وضمان أمن إسرائيل مستقبلاً من قطاع غزة. وقال: "لن نقبل بحلول جزئية، وماضون حتى النهاية لتحقيق نصر حاسم". واعتبر أن أي هدنة لا تضمن هذه الأهداف هي هدنة خاسرة.
في تطور لافت، كشف نتنياهو للمرة الأولى أرقاما تفصيلية حول ملف الرهائن، إذ أوضح أن 197 رهينة تمت استعادتها، من بينهم 148 أحياء، بينما لا يزال هناك 20 رهينة أحياء و38 آخرون تأكدت وفاتهم.
مفاوضات متعثرة
لم يتأخر الرد الفلسطيني، حيث أصدرت حركة حماس بيانا قالت فيه إن تصريحات نتنياهو "تؤكد أن إسرائيل غير معنية بالوصول إلى حل عبر المفاوضات"، وأنها تعمل على إفشال جهود الوسطاء، وخصوصا الدور الأمريكي. كما حذّرت الحركة من أن خطة تهجير الفلسطينيين من جنوب غزة تمثل جريمة تهجير قسري تستوجب موقفا حازما من واشنطن، التي تلعب دور الوسيط الأساسي في مفاوضات التهدئة.
وتأتي خطة نتنياهو في ظل تصعيد ميداني مستمر في شمال ووسط غزة، حيث تشنّ قوات الاحتلال الإسرائيلية حرب إبادة، إلى جانب تعثر مسار التفاوض بسبب الفجوة الكبيرة في مواقف الطرفين. فبينما تطالب ''إسرائيل'' بتفكيك حماس كشرط أساسي للسلام، ترى الحركة أن هذه المطالب غير واقعية وتشكل غطاء لمشروع إعادة احتلال غزة وتهجير سكانها مؤكدة صمودها في وجه المحتل الغاصب.

ووفق مراقبين من الواضح أن نتنياهو لا يطرح خطة للتسوية بقدر ما يعرض تصورا لفرض أمر واقع جديد في القطاع، قوامه وجود أمني دائم لإسرائيل واستبعاد أي دور لحماس في حكم غزة. في المقابل، تراهن حماس على استمرار صمودها العسكري والسياسي وعلى الضغط الشعبي والإقليمي لعرقلة تنفيذ الخطة الإسرائيلية، مع تحذيرات متكررة من أن أي محاولة لإعادة احتلال غزة ستفتح جبهات جديدة، إقليميا وربما دوليا.

بينما تعلن إسرائيل أنها ماضية حتى النهاية، وبينما تؤكد حماس أنها لن ترضخ لشروط الإملاء وأنها مستمرة في صمودها، يبدو أنّ قطاع غزة يتّجه إلى مزيد من التصعيد والمعاناة. الخطة الإسرائيلية، وإن وُصفت بـ"ما بعد الحرب"، قد تكون – وفق كثيرين – عنوانا لمرحلة أطول من الحرب نفسها، عنوانها "إدارة الأزمة بالقوة بدلا من حلّها".
16,503 طفلا شهيدا في غزة...

في تقرير صادم من قلب المأساة الإنسانية في قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن أرقام جديدة تكشف فظاعة ما يتعرض له المدنيون، خصوصًا الأطفال، منذ بداية العدوان الإسرائيلي المتواصل. ووفقًا للتقرير، بلغ عدد الأطفال الذين استشهدوا حتى الآن 16,503 طفلا، فيما يُعدّ من أكثر الوقائع دموية في صراعات القرن الحالي ضد المدنيين.
هذه الأرقام، التي لم تعد مجرد إحصائيات بل روايات موثقة لمعاناة أسر كاملة، تضع العالم أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية صارخة، وتثير تساؤلات كبرى حول صمت المجتمع الدولي وعجزه عن وقف آلة القتل الممنهج بحقّ الفئات الأضعف والأكثر هشاشة.
أرقام تعكس وحشية الواقع
وأوضح التقرير أن الاستهداف طال كل الفئات العمرية للأطفال، بدءًا من الرضّع الذين لم يبلغوا عامهم الأول، حيث استشهد منهم 916 رضيعا، إلى جانب 4365 طفلًا من الفئة العمرية بين عام إلى خمسة أعوام. كما قُتل 6101 طفلا تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عامًا، فيما استشهد 5124 طفلًا بين 13 و17 عامًا.
ووصفت الوزارة هذه الأرقام بأنها "مجزرة بحق جيل بأكمله"، مشيرة إلى أن الأطفال الذين من المفترض أن يكونوا في المدارس، أو يلهون في الشوارع، أصبحوا أهدافًا لصواريخ الطائرات وقذائف المدفعية، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات حماية الطفولة في النزاعات المسلحة.

في تعليقها على التقرير، قالت وزارة الصحة إنّ هذه الإحصاءات "لا تعبّر فقط عن أرواح بريئة أُزهقت، بل عن أحلام طُمست ومستقبلٍ أُعدم"، معتبرة أن "جريمة بهذا الحجم والعمق تُسائل الضمير الإنساني العالمي". وأضافت أن ما يحدث ليس مجرد أخطاء عسكرية، بل استهداف مُمنهج للأطفال كوسيلة للضغط والانتقام الجماعي.
وأشارت الوزارة إلى أن مئات الأطفال ما زالوا مفقودين تحت الأنقاض، وسط عجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم بسبب الاستهداف المستمر للمناطق السكنية ومرافق الإنقاذ.

53 ألف شهيد
مع تصاعد القصف الإسرائيلي على مختلف مناطق القطاع، بلغ العدد الإجمالي للشهداء أكثر من 53,000، بينهم عدد كبير من النساء، فضلا عن 122,000 مصاب، بعضهم في حالات حرجة أو يعانون إعاقات دائمة. وتؤكد وزارة الصحة أنّ هذه الأرقام قابلة للارتفاع، مع وجود آلاف الجثث التي لم تُنتشل بعد.
في السياق السياسي والإنساني، تشكّل هذه المجازر بحق الأطفال تحولًا خطيرا في مسار الحرب، وتفتح الباب أمام مساءلة دولية محتملة بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. فاستهداف الأطفال، وفق المواثيق الدولية، يُعد من أبشع الانتهاكات، ويستوجب تحركا دوليا عاجلا لوقف المجازر ومحاسبة المسؤولين.
لكن الواقع يعكس عجزا دوليًا واضحًا، إذ لم تنجح حتى الآن أي من المبادرات الأممية أو الوساطات الإقليمية في فرض وقف دائم لإطلاق النار أو حماية المدنيين. في المقابل، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية بتبريرات "أمنية"، في حين تتصاعد الانتقادات الدولية، لكن دون أدوات ضغط فعلية لوقف المجازر.
ودعت وزارة الصحة في غزة، في بيانها، الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى التحرك العاجل وتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، مؤكدة أن "الصمت الدولي شجع الاحتلال على الاستمرار في ارتكاب جرائمه". وأضافت أن "كل يوم تأخير في وقف العدوان، يعني مزيدا من الأطفال تحت الركام".

الحوثيون يستهدفون مطار بن غوريون

ميدانيا قالت مصادر طبية إن 54 فلسطينيا استشهدوا منذ فجر اليوم الخميس جراء القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي المتواصل على مناطق متفرقة في القطاع وفق ''الجزيرة نت''.
كما أفادت وزارة الصحة في غزة باستشهاد 107 فلسطينيين وإصابة 247 آخرين خلال الـ24 ساعة الماضية.من جانب آخر، أعلن الناطق العسكري باسم "أنصار الله" (الحوثيين) يحيى سريع استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ فرط صوتي، مشيرا إلى أن الاستهداف هو الثاني خلال ساعات.وبينما تزداد الضغوط الأوروبية على إسرائيل وسط تخوّف تل أبيب من عزلة دولية، نددت مفوضة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي وألمانيا وإيطاليا بإطلاق إسرائيل النار على الوفد الدبلوماسي الأوروبي خلال زيارته جنين في الضفة الغربية.وفي سياق متصل، قُتل موظفان في السفارة الإسرائيلية بواشنطن في إطلاق نار بالقرب من فعالية بالمتحف اليهودي في العاصمة الأمريكية مساء أمس الأول الأربعاء في حين ذكرت وسائل إعلام أمريكية أن منفذ الهجوم هتف "الحرية لفلسطين"، وقال "فعلت ذلك لأجل غزة".

وأعلنت جماعة الحوثي، فرض حصار بحري على ميناء حيفا، ردا على "توسيع العمليات العدوانية" على قطاع غزة، ضمن الإبادة التي ترتكبها تل أبيب بحق الفلسطينيين.
واعتبر سريع، أن "تصعيد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وارتكاب المجازر الوحشية بحق الرجال والنساء والأطفال على مرأى ومسمع من العالم، يُحتم على أبناء الأمة التحرك العاجل والفوري تأدية للواجب الديني والأخلاقي والإنساني"، وفق ذات البيان.
ولاحقا، أعلنت الجماعة على لسان سريع، أنها "نفذت عبر القوة الصاروخية في القوات (الحوثية) عملية عسكرية نوعية، استهدفت مطار اللد"، وذلك للمرة الثانية على التوالي.
وأوضح سريع، أن العملية تمت بصاروخ باليستي فرط صوتي "حقق هدفه بنجاحٍ وأجبر ملايين المحتلين (الإسرائيليين) على الهروع إلى الملاجئ".وأشار إلى أن الاستهداف تسبب في وقف حركة الملاحة في مطار بن غوريون، وأجبر الرحلاتِ المتجهة إلى المطار على العودة أدراجها باتجاه الوجهات التي قدمت منها.
وفجر الخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ أطلق من اليمن وأدى إلى تفعيل صفارات الإنذار في تل أبيب، قبل أن يعلن اعتراض صاروخ ثان من ذات الجهة، دون الإعلان عن إصابات في كلا الاستهدافين.
على صعيد متصل أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن ""إسرائيل"" بدأت تُحاصَر تدريجيًا بعزلة على المستوى العالمي.جاء ذلك في تصريحات بالطائرة خلال عودته من زيارة المجر.وأوضح أردوغان، أن أوروبا بدأت أيضًا تشهد "صحوة" ضد إسرائيل حتى وإن جاء ذلك "متأخرًا".
وشدد على أن قضية قطاع غزة "ليست أزمة إنسانية فحسب بل اختبار أيضًا لمصداقية النظام الدولي".

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115