ولأنّ الصورة هي ذاكرة الشعوب وجوهر الفنون البصرية، فقد احتفى المعرض الجماعي «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا» بالصورة الفوتوغرافية التي يترافد فيها البعد الجمالي والبعد الوظيفي بكثير من الشاعرية والرمزية والمقصدية... وإن غنّت المطربة الإفريقية والعالمية «سيزاريا إيفورا «: «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا»، فقد صوّر عشرات المصوّرين الفوتوغرافيين من تونس وفرنسا وبلجيكيا بلادنا الصغيرة على خارطة العالم، والكبيرة بتاريخها وآثارها و ثرائها بعيون من الافتتان والدهشة، والتقطوا أوجه جمالها واختلافها ليعيدوا تقديمها في أبهى صورها !
تحت عنوان «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا»، وفي فنون الصورة الفوتوغرافية، وسندها ومتنها كان الحدث ثقافيا بامتياز طيلة أيام 17 و18 و19 و20 أفريل 2025 بفضاء «دار الزيت» بصفاقس. وقد شهد هذا المعرض الفوتوغرافي الجماعي إقبالا جماهيريا نوعيا، ولقي الإشادة والاستحسان من الزوّار و الرواد.
«دار الزيت»: معلم وتاريخ وفضاء للفنون
في قلب «باب بحر» في صفاقس، وفي اتجاه «شاطئ «الكازينو»، وتحديدا في نهج «الشيخ مڤديش»، تنتصب «دار الزيت» شاهدة على الزمان والمكان وشامخة ضدّ الانهيار والنسيان. قبل سنوات، كانت «دار الزيت» بناية مهملة ومتروكة، قبل أن يتعهدها رجل الأعمال السيّد منصف السلامي بالترميم والصيانة و إعادة الحياة إلى جدرانها... وتحتفظ «دار زيت» بأثر الإيطاليين في صفاقس ، فهي بناية قديمة تم بناؤها في عهد «موسوليني»، وتم استغلالها كمقر للقنصلية الإيطالية بالجهة في الثلاثينيات من القرن الماضي. وأمام تخلي السلطات الإيطالية عنها، قام رجل الأعمال منصف السلامي بترميم هذا المبنى في عام 2015 مع الإبقاء على خصوصياته المعمارية والحفاظ على بنيته الأصلية. وقد اختار أن يطلق على هذا الفضاء اسم «دار الزيت» تيمنّا بشجرة الزيتونة المباركة وتشبثا بهوية الجهة التي يحتل فيها الزيت منزلة خاصة متوارثة عبر الأجيال.
في الفضاء الخارجي لـ»دار الزيت»، زينّت الأشجار مدخل المبنى لتضفي على المكان طاقة من الارتياح الجمال ، وفي ناحية اليسار تمّ تركيز الرحى الحجرية التقليدية لاستخراج الزيت والتي تضم حجرين دائريين كبيري الحجم ما بينها تطحن حبات الزيتون حتى تتحوّل إلى ذهب أصفر. وقد صنعت رحى الزيتون سينوغرافيا جمالية ورمزية للفضاء في دلالة على ماهية تسمية «دار الزيت».
في امتداد اللون الأبيض النابض بالصفاء والحياة، تحتوي «دار الزيت» على طابقين وسطح يطل على الميناء ويصافح الشمس عند شروقها وغروبها في انعكاس على وجه البحر. وربما كان مصير المقر السابق للقنصيلة الإيطالية بصفاقس - قبل أن ينقذه رجل الأعمال منصف السلامي ويحوّله إلى فضاء «دار الزيت» - سيكون الانهيار كالكثير من البنايات التاريخية المهددة بالسقوط في المدينة الأوروبية المعروفة بباب بحر والتي تتميّز بتمركز المباني الفرنسية والإيطالية القديمة.
«دار الزيت»: رمزية التسمية ودلالة الوظيفة
هي الشجرة المثمرة والمعمّرة، وكانت الزيتونة ولا تزال ثروة «البلد الأمين». فمتى انهمرت حبّاته كمطر أسود كل فصل شتاء ومتى سال زيته نورا وضياء، كفى «الذهب الأصفر» الناس المؤونة وسؤال الحاجة. ونظرا لمكانة الزيتون في الحضارات القديمة والثقافات المعاصرة كرمز للسلام والحكمة منذ سالف الأزمان، أعلنت منظمة «اليونسكو» يوم 26 نوفمبر من كل عام يوما عالميا لشجرة الزيتون.
واليوم نحتاج أكثر فأكثر لشجرة الزيتون رمزا للسلام في زمن الحرب، ودفاعا عن البيئة وكوكب الأرض في خطر..
وفي صفاقس للزيتون مكانة خاصة جدا، ومساحة شاسعة كثيرا لغابات هذه الشجرة المباركة حيث يحتل «هنشير الشعّال» بولاية صفاقس مرتبة ثاني أكبر غابة زيتون في العالم من حيث المساحة البعلية. ونظرا لفضل الزيتونة على البشريّة على الصعيد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والبيئي، جاءت تسمية «دار الزيت» وفيّة لروح المدينة وجوهر حياتها الاقتصادية والثقافية. هي تسمية تستفز العقل والفضول للبحث في ماهية الاسم؟ وهل للمبنى علاقة قديمة أو حديثة بالزيت؟ لتأتي الإجابة على لسان صاحب «دار الزيت»، السيّد منصف السلامي بأنه لم يجد اسما أقرب للوجدان وللذاكرة من « دار الزيت» لإطلاقه على المقر التاريخي والقديم للقنصلية الإيطالية في صفاقس.
رجل الأعمال وصاحب فضاء «دار الزيت» منصف السلامي لـ «المغرب»:
الاستثمار في الثقافة حصن منيع لجيل الغد
لا يدّخر رجل الأعمال منصف السلامي، وقتا أو جهدا أو مالا في سبيل النهوض ببلاده وخدمة جهته والوفاء لجذوره التي هي جزأ لا يتجزأ من تونس. ولدى حضوره افتتاح المعرض الفوتوغرافي الجماعي «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا»، تحدّث عن مبادرته في ترميم المقر القديم للقنصلية الإيطالية وتحويله إلى فضاء «دار الزيت» فصرّح بما يلي: « في الوقت الذي تحتاج فيه صفاقس إلى الفضاءات الثقافية، لم أتردد في اقتناء هذا المبنى الذي يعود إلى زمن وجود الجالية الإيطالية في صفاقس في عهد «موسيليني»، وقمت بترميمه مع الحفاظ على قيمته الجمالية والهندسية والإبقاء على تصميمه الأصلي. وعند اختيار اسم لهذا الفضاء لم أجد أفضل من اسم «دار الزيت» كعلامة تدل على هوية الجهة وعلى قيمة زيت الزيتون في صفاقس وتونس عموما وكل بلدان الحوض المتوسط...».
إنّ معرض «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا» الذي احتضنه «دار الزيت» ليس سوى بداية البدايات من المشاريع الثقافية والتظاهرات الفنية التي ستدعمها وتحتضنها «دار الزيت» في انفتاح على كل التجارب والمشارب والأجيال مع شرط توفر الجدية والطرافة والرقي من أجل التأثير البنّاء في المجتمع والبناء لعقول أرقى وفعل أبقى في سيرورة الحياة. ومن جهتي، لا أبخل على ولاية صفاقس ولا على تونسنا العزيزة في التأسيس والبناء ودعم كل القطاعات من اقتصاد ورياضة وثقافة... وإلى جانب «دار الزيت»، قمت بتحويل برج قديم من أبراج صفاقس العريقة إلى فضاء لتشجيع الشباب والمواهب على الاختراع العلمي وإنجاز مشاريع رائدة ومبتكرة في هذا المجال. وحسبنا أن نخدم تونس التي نحبّها كثيرا، ورد الجميل لوطن استثنائي علّمنا معنى «الصدق في القول والإخلاص في العمل
أمينة المعرض سليمة قريعة مظفر:
هدفنا التسويق لصورة تونس الجمال والثقافة والحضارة
يأتي معرض «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا» ليعطي القيمة والمكانة لفن التصوير الفوتوغرافي ليس فقط كتوثيق للأحداث وللشخصيات وللذكريات بل كزاوية نظر للحياة. في هذا السياق تقول «كوميسار» أو أمينة المعرض سليمة قريعة مظفر «: بعد أن رأى معرض «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا» النور لأول مرة في العاصمة وتحديدا في قمرت، كانت صفاقس هي محطتنا الثانية بعد أن وجدنا كل الدعم من صاحب فضاء «دار الزيت» ومؤسسة «وان تاك».
حافظنا على الاسم المعرض وسنحافظ عليه في بقية الجولات، لكننا عزّزنا فريق المصوّرين الفوتوغرافيين الأساسيين (مهدي بن تمسك وتيري الطيّب وإسكندر زراد وقيس الرايس ومنى فقيه وشارل سيالة وآلان فان هافيربيكي) بأربعة فنانين من صفاقس (ضياء قرميط وياسمين الحضري وحلمي الجريبي وسماح بوشعالة) حتى يكونوا خير سفراء لجهتهم وبلادهم عبر صورهم. في ثراء للرؤى وتنوع العدسات والتقنيات، تلتقط صور المعرض لقطات ومشاهد ووجوه من تونس في مختلف ربوعها وولاياتها في اقتفاء لثراء الجمال في الطبيعة والبحار والجبال ووجوه المدن والناس وتفاصيل الحياة اليومية... بعد تونس وصفاقس سنواصل المشوار بالحماس نفسه من أجل التسويق لصورة تونس الجمال والثقافة والحضارة.»
سينوغراف المعرض وديع المهيري:
11 فنانا و42 صورة ... وأكثر من رسالة !
مهما كان بلدنا صغيرا، فإننا نحبّه كثيرا كما غنّت مطربة «الرأس الأخضر» المطربة سيزاريا إيفورا، بل إننّا نحمل هذا الوطن في حقائبنا وذاكرتنا حتى وإن سافرنا أو ارتحلنا بين المدن. في هذا الإطار يقول الفنان وديع المهيري والذي صمّم سينوغرافيا المعرض: «اخترنا عنوان «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا» ليس فقط لأنه جميلا وشاعريا بل أيضا لأنه يحمل رسالة تحفيزية لحب الوطن والإخلاص له والدفاع عن صورته ورايته... وبعد دورة أولى في تونس العاصمة ترك هذا المعرض «صدى طيبّا ونال نجاحا واسعا، فواصلنا العمل والحلم... وفي محطة ثانية، اخترنا أن تكون صفاقس هي الوجهة نظرا لما تحمله من ثراء تاريخي وإرث حضاري ولأنّها تستحق أن تعيش حياة ثقافية نشطة وأن تزورها المعارض الفنية المميزة. وبعد أشهر من الجهد والتعب، وأيضا من التبادل والتعاون... حلّ 11 فنانا من صفاقس وتونس وفرنسا وبلجيكيا بفضاء «دار الزيت» ليقترحوا على الجمهور حوالي 45 صورة فوتوغرافية تم اختيارها وفقا لخصوصية المكان ولطبيعة الحدث والهدف. وفي توزيع الصور، تم مراعاة طبيعة الفضاء ذات الصلة البعيدة بالتاريخ والقريبة من البحر. وحتّى سطح الفضاء تم التخطيط لاستغلاله كمسرح للهواء الطلق في حفل موسيقي». وتناغما مع خصوصيات فضاء «دار الزيت»، كان اللون الأخضر بما هو إحالة على شجرة الزيتون ميزة المعرض انطلاقا من معلقته وصولا إلى رمزيته في الاحتفاء بثراء تونس الخضراء».
صور الفنّان التونسي - الفرنسي «تيري الطّيب»:
شعرية النظرة وشاعرية الطبيعة
كثيرا ما تكون الطبيعة هي الملهمة الأولى للفنان، وتكون فصولها وألوانها وتناقضاتها مصدر وحي للفنان الفوتوغرافي ليلتقط أجمل الصور... وهكذا تأتي أعمال الفنان التونسي الفرنسي «تيري الطيّب» رجع صدى لصوت الطبيعة ولصورة تونس. وقد كانت صورة شجرة الزيتون في فصل الربيع والتي التقطها هذا الفنان هي المعلقة الرسمية لمعرض «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا» في صفاقس.
تعكس أعمال المصوّر «تيري الطيّب» علاقة مميزة مع الكاميرا والذاكرة، فهو كالقنّاص المحترف الذي يعرف جيّدا متى يلتقط الصورة. وفي المعرض قدّم لوحات فوتوغرافية مبهرة، واحدة لغروب الشمس في جزيرة زمبرا والصورة تبرز التناص بين الشمس قبيل اختفائها خلف الجبل وأشعتها المنعكسة على مياه البحر. كما عرض صورة أخرى، حملت اسم «أسطورة الليل في سيدي بوسعيد» وتبرز ملامسة القمر لشجرة أعلى جبل سيدي بوسعيد في شاعرية تكشف شعرية الفنان في تعامله مع الطبيعة وإنصاته لبوح الكائنات حتى تكتمل الصورة وتمضي بخيال الجمهور بعيدا، بعيدا !
نقل المصوّر «تيري الطيّب» بروح شفافة وعين متمعنة في الجمال صورا كانت عنوانا للانتماء وبطاقة هوية تعرّف بسحر هذا الوطن، وتختزل البعض من جماله في صور فوتوغرافية أنصت صاحبها جيّدا لموسيقى الطبيعة، لأن «التقاط الصور هو تذوّق للحياة بشكل مكثف، هو حياة ثانية
الفنانة منى فقيه خواجه:
أصوّر بقلبي لا بعدستي
هي في الأصل مصممة أزياء، أحبّت التصوير الفوتوغرافي بعد «الكوفيد»، وبعد الخمسين من العمر ... وهي تصوّر بقلبها وليس بعينها، كما قالت.
بعد أن شاركت في نسخته الأولى بالعاصمة، جاءت الفنانة «منى فقيه خواجه» من المهدية إلى صفاقس لتؤثث بصورها معرض «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا» . عن هذه التجربة، تقول الفنانة:» لقد أعجبتني جدّا فكرة المعرض خاصة رمزية الاسم، حين عرفت أنّ المعرض سينجز في محطة ثانية في صفاقس، جئت إلى المدينة وأردت أن أصوّرها كما أراها، أخذت القليل من روح صفاقس وما شعرت به يومها نقلته في الصور الفوتوغرافية. أنا جئت من المهدية وكزائرة وغريبة عن المدينة هناك بعض التفاصيل اليومية التي لم ينتبه لها سكان المدينة موجودة في صوري، وحاولت وضع بعض الجزئيات مثل الصناعات التقليدية وصندوق الخشب... وقد وثّقت كل ما شدّ انتباهي ومشاعري لحظتها ولهذا السبب جاءت الصور مليئة بمشاعر الحب والدهشة.
في الجولة التقطت بعض التفاصيل فكانت «الحياة» المجسدة في يد الشيخ وما تركته السنين من تجاعيد عليها، ثم لوحة «المروحة» ومن خلالها التحية للنساء اللواتي لازلن يحرسن الصناعات التقليدية ويحمينها من الاندثار، وصوّر السوق بكل دلالاته وموسيقاه الموثقة في صورة حيّة.»
الفنانة سماح بوشعالة:
الصورة موقف وزواية نظر
رصدت عدسة الفنانة سماح بوشعالة صورا عن تونس المعالم التاريخية والمواقع الأثرية من دقة إلى قصور تطاوين إلى «سطح القمر»... وهي التي تعتبر أنّ الصورة الفوتوغرافية لغة يفهمها كل العالم دون حاجة للشرح أو التوضيح، خاصة أننا نعيش عصر الصورة بامتياز. وأكدت أنّ الصورة تتجاوز مجرد توثيق الأحداث والذكريات والمشاعر والأفكار بل تصبح رسالة مؤثرة وقوية التأثير لقول الحقيقة في الأوقات الصعبة حين يتعذر الكلام، أو وسيلة للتحسيس وزيادة الوعي قضايا إنسانية على غرار بشاعة الحرب والفقر والجوع...
«سوق قريعة» في فيديو ثلاثي الأبعاد:
صرّة المدينة وسوقها العامر بالخيرات والحياة
لم يكتف معرض «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا» بعرض مجموعة جميلة من الصور الفوتوغرافية بل نبش في صندوق التاريخ والذكريات عن رصيد مهم من البطاقات البريدية القديمة، كما استعرض حكاية وهندسة «سوق قريعة» في شكل فيديو يروي القيمة التاريخية والمعمارية والاقتصادية والاجتماعية لهذا السوق الشهير في صفاقس.
يوجد سوق «قريعة» الذي يحمل اسم المقاول الذي قام ببنائه محمد قريعة، خارج أسوار المدينة العتيقة، أمام باب الجبلي، وقد استلهمت عمارته شكل عمارة سوق الربع لكنه أتى على درجة كبيرة من الضخامة، وقد فتح أبوابه لمختلف الأنشطة التجارية بداية من سنة 1953. منذ القدم، كانت الأنشطة الاقتصادية محصورة داخل أسوار المدينة، داخل مجال محدد تقريبا، غير أنه في سنة 1840، أمر مصطفى صاحب الطابع، وزير أحمد باي، بإنشاء سوق مسيّج جديد خارج الأسوار، على مقربة من باب الجبلي وهوالمكان الذي يحتله سوق «قريعة» اليوم. بعد الحرب العالمية الثانية، وبسبب النقص الكبير في مواد البناء (الحديد والأسمنت، الخ) خيّر محمد قريعة استخدام المواد المحلية لبناء السوق. وهكذا بني على الطريقة التقليدية بالحجارة المحلية والجير والطوب الطيني...كل هذه التفاصيل تعزز التكامل الجمالي للسوق في بيئته، لدرجة أنه لا يزال ينظر إليه على أنه امتداد للمدينة العتيقة. في عام 2000، تم تصنيف سوق قريعة معلما تاريخيا وطنيا من قبل المعهد الوطني التراث
صور بالأسود والأبيض:
جمالية خالدة في عصر الألوان
يلامس الروح من خلال صوره، أربع صور مجتمعة في فضاء واحد هي اختزال لجزء مهم من ذاكرة المدينة، فضاء تجاري واجتماعي وتاريخي التقطته عدسة حلمي الجريبي، عبر الصورة كانت الرحلة الى «سوق الربع» الشهير، الذي يعود تأسيسه إلى العهد الأغلبي. ومن لذاكرة المعمارية والجزئيات الصغيرة لهذا السوق، قدّم المصوّر حلمي الجريبي صورا اقتربت من المارة في السوق، وبعض دكاكينه... فلامست الكاميرا مشاعر خفيّة، أبدع المصوّر في استحضارها في لوحاته عملا بمقولة: «عندما تصوّر الناس بالألوان، تصور ملابسهم، لكن عندما تصوّر الناس بالأبيض والأسود، تصوّر أرواحهم».
في جماليات الأبيض والأسود والرمزية المكثفة، أبدع مهدي بن تمسّك أيضا في الاستلهام من شجرة الزيتون عوالمه الفوتوغرافية، فصوّر الأوراق والجذع والبعض من عجائب الشجرة تدل على الحياة والخلود في الوجود.
الوزير السابق محمد علولو من ضيوف المعرض:
«دار الزيت» إضافة نوعية لفضاءات صفاقس
حظي معرض «بلدي الصغير، أحبّك كثيرا» في فضاء «دار الزيت» بصفاقس بتوافد الزوار من مختلف الأجيال والاختصاصات والاهتمامات... حيث كان الفضول مضاعفا: اكتشاف المعرض والتعرف على تفاصيل «دار الزيت».
ومن بين الشخصيات المرموقة التي حضرت افتتاح المعرض وزير الشباب والرياضة السابق محمد علولو الذي توقف طويلا أمام الصور متأملا ومتمعنا ومبتسما ... لأنّه وجد في هذه الصور شظايا من ذاكرة المدينة وبعضا من ذكريات الطفولة وملامح من تونس بين الموجود والمنشود.
وقد عبّر طبيب القلب والناشط في المجتمع المدني محمد علولو عن ارتياحه بانضمام «دار الزيت» بشبكة الفضاءات الثقافية الخاصة في صفاقس. وأثنى على مبادرة رجل الأعمال منصف السلامي في الاعتناء بالثقافة والفنون من خلال بعث فضاء «دار الزيت» لتقدم الإضافة النوعية على مستوى البنية والتموقع لمدينة ولد من رحمها عديد المفكرين والمبدعين والفنانين... ولا بد أن تحضر فيها الثقافة بشكل مكثف وأساسي من أجل خلق جيل يقترح ويفكّر ويحمل المشعل