صدر حديثا عن "دار نهاد "، بقلم منصف الوهايبي: "حياة الأغاني" في شعر "الشّابي" بين الموزون والمنثور

تسعون سنة مرّت على رحيل شاعر تونس أبي القاسم الشابي وبقي شعره نابضا بالحياة وعابرا للتاريخ

ومستفزا للنقد والبحث ... ومن آخر ما صدر من قراءات ودراسات حول شعر الشابي، كتاب "حياة الأغاني مداخل حياة الأغاني: مداخل لقراءة أبي القاسم الشابي يليه متخير شعري من الموزون والمنثور " للشاعر والروائي والناقد منصف الوهايبي عن "دار نهاد " للنشر والتوزيع.على امتداد حوالي 250 صفحة، توزع حبر كتاب "حياة الأغاني " على جزئين أساسيين: جزء أول لقراءة التجربة الشعرية عند الشابي من زوايا مختلفة وفي سياقاتها المحلية والمغاربية العربية ، وجزء ثان تضمن متخيّر شعري من الموزون والمنثور. وجاءت لوحة الغلاف والرسوم التي رافقت قصائد الشابي بتوقيع الرسامة أفراح الجبالي.

قراءة شعر الشابي في سياق "سلطته الرمزية"

ورد تقديم كتاب كتاب "حياة الأغاني: مداخل لقراءة أبي القاسم الشابي يليه متخير شعري من الموزون والمنثور " بقلم مدير النشر بدار نهاد للنشر والتوزيع، الدكتور حاتم الفطناسي تحت عنوان "من النص النابض إلى النص العابر للتاريخ". وفي هذا التقديم، يقول مدير النشر حاتم الفطناسي: "... لقد أفضى هذا الفهم وهاتيك العناصر المتداخلة في تحديد "الشعرية" بالمنصف الوهايبي إلى ترسم "الشعري" في النصوص النثرية أو في النصوص الموزونة، مترصدا تلك الروح الوثّابة وطلك التوق الضامر حينا، الظاهر أحيانا في نصوص الشابي الذي توفّق في التقاط اللحظة التاريخية والجمالية، محاولا نظمها أو مواءمتها مع "إيبستيمي" اللحظة الثقافية العامة التي ولدها النفس الرومنطيقي، فكان التوق إلى التجديد وإلى الفهم المختلف.."
في توضيح مقاصد البحث والتأليف لكتاب " حياة الأغاني: مداخل لقراءة أبي القاسم الشابي يليه متخير شعري من الموزون والمنثور "، يقول مؤلف الكتاب ورئيس لجنة جائزة أبو القاسم الشابي للأدب العربي منصف الوهايبي: " هذا الكتاب ليس بأكثر من محاولة لإعادة قراءة "مشروع الشابي" الشعري، في سياق " سلطته الرمزية" وما استتب منها في المخيال التونسي والمغربي والعربي، فهو "تخيّر" لنصوصه الأقوى الموزونة أي ما أحب أن أسميه "قصيدة البيت" (وليس العمودية من عمود الشعر وهو نظرية الشعر عند العرب)، وغير الموزونة مما يمكن اعتباره "قصيدة نثر" : حياة الأغاني ... أعني ما يتبقى من "أغاني الحياة".

«أغاني الحياة» كتاب وليس ديوانا !

يذهب منصف الوهايبي إلى أنّ "التجربة الشعرية عند الشابي لا تنفصل عن تجربة الحياة، وما نعده شعرا، إنما هو تحويل شكل لغوي إلى شكل من أشكال الحياة، وتحويل شكل من أشكال الحياة إلى شكل لغوي. واللغة في السياق الذي نحن به هي العربية التي برع فيها الشابي والتونسيون عامة في حقبة الاستعمار، وأخلصوا لها ؛ إذ كانت شكلا من أشكال مقاومة المستعمر. على أن الشعر المكتوب بها في المغرب العربي، قد يكون موسوما في كثير أو قليل منه، بمؤثرات اللغات الأجنبية وأظهرها الفرنسية؛ فثمة «تعددية» لغوية في حيز العربية نفسها".
يقول المؤلف منصف الوهايبي: "إنّ الشابي شاعرا عربيا مغاربيا بالمعنى الثقافي العميق للكلمة، وليس بالمعنى السياسي أو القومي. ولم يرد اسم تونس في شعره سوى مرة واحدة، في قصيدة هي من بواكيره «تونس الجميلة»؛ والحق أن الشابي لا يذكر الأمكنة في قصائده، وإنما يحيل عليها كلما استغرقه وصف الطبيعة خاصة. وخير دليل لذلك أعماله الشعرية والنثرية. فكتابه «أغاني الحياة»، ونحن نصر على كلمة «كتاب» بدل «ديوان»، عمل شعري يقوم على علاقة حميمة بين الرؤية والتصور، وليس مجرد قصائد متناثرة لا رابط بينها. والانتقال من القصيدة إلى «العمل» الشعري، هو أحد أظهر إبدالات الحداثة وملامحها الكونية، من حيث هي المدخل إلى المشهد إذ تتمثل وعيا بالحاضر أو بالراهن. ونقدر أن الشابي أدرك هذا الجانب بكثير من الوضوح. ولذلك ربط تجربته بالتجارب الشعرية الرائدة في عصره، مثل شعراء المهجر وجبران تحديدا. ولعل كتابه «الخيال الشعري عند العرب» يضمر ردا على هؤلاء الذين تعقلوا الشعر تعقل العقول المنتظمة، حسب المتعارف أو المأثور في نظرية العمود الشعري. ومما يؤكد ذلك نص للشابي قلما تنبه إليه الدارسون وهو محاضرته عن «شعراء المغرب الأقصى»، التي أعدها في ضوء قراءته لكتاب محمد بلعباس القباج «الأدب العربي في المغرب الأقصى» الصادر عام 1929. "

 

"مصيبة المشاريع التونسية"... متواصلة !

في كتاب "حياة الأغاني: مداخل لقراءة أبي القاسم الشابي يليه متخير شعري من الموزون والمنثور "، عاد منصف الوهايبي إلى مذكرات الشابي، ليؤكد أن شاعر تونس الكبير حاول أن يكون فاعلا في المشهد الثقافي التونسي لكنه سرعان ما أدرك "مصيبة المشاريع التونسية" بعبارته، إذ "يندفع القائمون بها في العمل اندفاعا كله شغف وشوق وإخلاص ، ولكنه ولكنه لا يدوم، فإنه لا يلبث أن يكون إلا قليلا حتى يخبو أوراه ، وتركد ريحه، وينصدع شمل الجميع..." ويستند منصف الوهايبي إلى مذكرات الشابي ليقول: إنّ حياتنا الثقافية لا تزال تعاني الكثير مما ذكره الشابي، فقد تأسست لدينا، منذ الاستقلال ، دور الثقافة والنشر والنوادي والمهرجانات والجمعيات... ولكنها، وهذه حقيقة ينبغي أن نصدع بها "واجهات" أكثر منها مشاريع ثقافية متكاملة".

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115